كل الزوايا لها ذات الالتقاطة
. كيف في لحظة واحدة يتغير وجه الحلم، إلى ملامحٍ تتداعى بألم؟! نتباطأ، نحاول أن نتعثر، نمدّ اليد، قبل أن نصلّ بصوتنا لمطارح أكثر سلامًا، لا شيء يمتدّ لنا في الجهة الأخرى، سوى تفاصيل مرشوشة بالكدر، لا أعلم كيف تبدو الصورة من الأعلى، من جهةٍ محايدة، وأقلّ جرحًا، لكن وعلى حسب ظن الوجع بأن كل الزوايا لها ذات الالتقاطة، ذات الخيبة.
لم نثق مطلقًا باللحظات الخاطفة، إلا لأننا بالغنا جدًا بالحب، وهذا ما يؤسفنا الاعتراف به في غمرة بكاء.
أنا وفي عمرٍ رحل كنتُ أسابق الحياة بحياةٍ أكبر، كنتُ أحب المارة، بائع المثلجات، الجلوس أمام شجرة بيتنا، كنتُ أحب الغناء كلمّا اجتاح الصمت مداي، أما الآن فكل شيء يعبرني، يتخطاني وكأن لا وجود لي بين تفاصيلي العزيزة.
يا الله! عمري يكبر بألم، لم أعد أشتهي الحياة، كما لم تعد تشتهيني، كم أنا مثقلة بجراحٍ لا تشفى.
أن تعتزل الزمن والبشريّة كلها، حتى تنكفئ على ذاتك القلقة، هذا الأمر ملهم، بل عظيم، عظيم للحد الذي يجردك فيه من مثاليتك، ومن كل التفاصيل التي قد تثقلك عنوة.
أن تتوّحد مع حرائق الفكرة، وتنصهر بكل مزاجيتك وتطرفك، هذا لا يعني إلاّ أنك قد اقتربت من اللحظة المشتهاة، تلك اللحظة التي تشبه فيها ذاتك الأولى، الذات التي لم تتدخل فيها الطبيعة، ولا سوأة العالمين.
في حالة التطابق والتشابه الذي قد نشعر به بغتةً، حينها أرواحنا هي من ستتفاجأ وليس نحن.
برغمِ الذكريات العائمة التي قد تغرقنا عنوة، قد نصل لضفةِ السلام، الضفة التي تصلح بأن تكون لبدايةٍ جديدة، لكننا ما عدنا نراها كذلك، بل بتنا نرى نهايتنا، نرى احتضارنا، ومدى البؤس الذي آل عليه حالنا فيها.
البداية التي أشبه بالموت الدائم، هي كل ما أحتاجه، حتى أعلن عن انكساري أمام كلّ المكلومين.