سلام..
سلامٌ لمن لا يهديهم أحدٌ السلام..
للّذين لا تصلهم رسائل صباحية تسألهم عن حالهم قبل انطلاق نهارهم كلّ يوم..
للّذين يبتسمون بمرارة وهم يسمعوننا نشتكي من تراكم صور باقات الورد الافتراضية في ذاكرة هواتفنا ممّن يذكروننا كلّ صباح ويتحسّرون..
للّذين يتفقّدون شاشات هواتفهم كثيراً أملاً في رؤية إشعار مكالمة فائتة لم يسمعوا رنينها..
للّذين ليس في حياتهم من يطبع على جبينهم قبلة "أحلاماً سعيدةً"...
سلامٌ للّذين يعتقدون أنّهم نكراتٌ لم يسمع بوجودهم أحد..
"سلامٌ للعطاشى مدّعي الارتواء، للجياع المتعفّفين، للمتألّمين من دون كلمة "آخ" بقلم مريم شمص في #مدونات_سيدتي على الرابط https://t.co/0ZlgBCxUh3 pic.twitter.com/YH2FThvqCK
— مجلة سيدتي (@sayidatynet) May 2, 2023
للمتلحّفين بخيباتهم، المختبئين خلف ستائر خذلانهم في صقيع الهوامش بعد أن كانوا في سطور العناوين الأولى..
لمن يعاملهم الأقربون ككائنات غير مكتملة ينقصها دوماً شيءٌ ما لتستحقّ ما يحقّ لها..
سلام.. للوحيدين الصامتين: يأساً أو خجلاً أو ضعفاً أو عجزاً أو خوفاً..
للوحيدين الصامتين بعد أن بحّت أصواتهم بلا جدوى..
للوحيدين الصامتين عزّةً وترفّعاً..
سلامٌ للوحيدين، الوحيدة أرواحهم في قلب زحام الوجوه والأجساد والأصوات.
سلامٌ لمن يخوضون وحدهم حروباً صنعها الآخرون في دواخلهم من دون ذنب منهم..
للأطفال ضحايا معارك أهلٍ أنانيين مستهترين.. المتروكين في عين العواصف من دون غطاء عاطفيّ.. المتفرّجين بألمٍ على صراعات من يجب أن يمنحوهم السلام.. للأطفال ضحايا أهلٍ لم يقدّروا معنى أن يكون الأهل أصلاً وسقفاً ودعماً، أن يكون الأهل حبّاً وعطفاً وانتماء..
للنساء ضحايا رجالٍ نرجسيين ظالمين لم يدركوا معنى أن يكون الرجل أماناً وسنداً ورفقاً ورفقة..
للرجال ضحايا نساءٍ لم يفهمن معنى أن تكون المرأة دفئاً وحناناً وحضناً..
سلامٌ للخائفين الخائفين، المتنكّرين بقناع الشجاعة.. للضعفاء منتحلي وجوه الأقوياء..
سلامٌ للعطاشى مدّعي الارتواء، للجياع المتعفّفين، للمتألّمين من دون كلمة "آخ".. للقلقين الذين يدفنون رؤوس قلقهم في الرمال ظنّاً أنّه لن يراها أحد.
سلام، لمن لا يملكون أحداً يشاركونه فرحاً أو حزناً، لمن لا يملكون أحداً يشاركونه حياةً أوحلماً..
سلام لكلّ ضحايانا نحن أيضاً، ضحايانا الّذين نؤذيهم عن غير قصد.. للّذين نحبهم وننسى أن نذكّرهم كم نحبّهم.. للّذين نشتاق إليهم ونظنّ أنهم لا يحتاجون تعبيرنا عن اشتياقنا لهم.. للّذين يسكنون قلوبنا ولا نخبرهم، متوهّمين أنّهم يعرفون ذلك.. لمن ينتظرون أن نشكرهم ولا نفعل إهمالاً أو جهلاً.. للّذين يرون الدنيا من عيوننا ونتجاهل أن نريهم جمال الدنيا، لمن يرون أنفسهم في عيوننا وننسى أن نخبرهم كم هم رائعون..
سلام، لكلّ من يحبّون السلام وحُرِموا منه..
سلام، لكلّ من يحتاجون السلام..