أين تذهب الأحلام؟

مريم شمص
مريم شمص
مريم شمص

أحلامنا التي لا تتحقق.. أين تذهب؟

أين تذهب الأحلام التي تموت؟ وتلك التي ينتهي تاريخ صلاحيتها فنركنها في إحدى الزوايا المظلمة داخلنا حين نملّ منها وننساها؟

هل تذوي بصمتٍ، أم تنفجر صراخاً حتى يخمد صوتها، أو تنتحر يأساً.. ماذا يحدث لأحلامنا الضائعة؟

أين تذهب كلّ تلك المشاعر التي رافقتها، سحر ولادتها، روعة بداياتها؟ أين تذهب الخطط التي تلتها، الشغف الذي راقصها، الترقب، التخيلّات، ووهم انتظارها لنا أو انتظارنا لها؟

أين يذهب ذاك البريق في العيون الذي سببته، ذاك الألق في الوجوه الذي أضاءته، ذاك الأمل بأنّ الغد سيأتي محمّلاً بما نرجوه ونصبو إليه؟..

أين تختفي تلك البهجة الخفيفة التي توقظنا كل يوم على مدى أيام أو شهور أو سنين طويلة، البهجة بأن شيئاً ما ينتظرنا، بأن شيئا ما سيحدث، بأننا سنكون يوماً ما نريد؟.

أين تذوب كل تلك الابتسامات الوادعة بأعين مغمضة على وسادة حانية، ابتسامات الرجاء بحلم سوف يصبح حقيقة.. بحبٍّ كبيرٍ نرى أنفسنا في حضن مسرّاته، بمهنةٍ ستشهد على نجاحاتنا، ببيت دافئ سنملأه حياة، بانتصاراتٍ ستتوّج جهودنا.

هل تهرهر الأحلام من أطراف قلوبنا كلّما طالت طريق الوصول وجردت وقحطت؟

هل تتسرّب من بين أصابعنا كالرمل كلّما أرخى العمر قبضاتنا وأضعفها؟

هل تتبخّر كلّما اشتدّ قيظ الظروف وضغوطات الواقع من فوق رؤوسنا المكشوفة؟

هل تذوب كلّما سُلِّطت عليها قساوة العجز وضعف القدرات وقلّة الامكانات؟

هل تذبل على مهلٍ كلّما خنقتها التفاصيل المملّة التي تحكمنا وتقيّدنا وتلاحقنا وتستنزف عمرنا وأيامنا؟

هل تهرب منّا؟ هل تهرب حين تقتنع بأنّنا لسنا أهلاً لها فتبحث عن سبيلٍ للنجاة من ضعفنا ويأسنا؟

أم بكلّ بساطةٍ هل تشيخ وتموت، كما يموت كل شيء، كما يشيخ كل شيء وينتهي كأنّه لم يكن؟..

أؤمن أن الأحلام التي لا تتحقق لا تذهب إلى أيّ مكان، لا تختفي ولا تموت ولا تغادرنا.. كلّ ما يحدث أنّ اسمها يتغيّر من "حلم" إلى "خيبة".. وشكلها يتحوّل من البريق في العيون إلى انطفاءة فيها، من الشغف الى ركودٍ في الروح، من ابتسامات الرجاء الواسعة إلى انكسارات المرارة في الوجوه.. أؤمن أنها تستحيل كياناً مشوّهاً مسجوناً في نفق ما من أرواحنا نحملها معنا كالقيح المؤلم الذي يذكّرنا بعجزنا كلّما تحرّكنا. وأؤمن أيضاً أننا إن لم نقوَ عليها لنحسن تجاوز ألمها وخيبة عدم تحقيقها، وإن لم نعرف كيف نستبدلها ونخلق في داخلنا شغفاً لغيرها، سيبقى شبحها واقفاً بيننا وبين أي نجاح محتمل في حياتنا.. وبذلك، سنكون قد حكمنا على أنفسنا بالفشل والمرارة لما تبقّى من أيّامنا.