سيرة‭ ‬الحب

مريم شمص
مريم شمص
مريم شمص

في‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬الحبّ،‭ ‬وعلى‭ ‬سيرة‭ ‬الحب‭.‬
لا‭ ‬يليق‭ ‬بالحبّ‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬يومٌ‭ ‬نذكره‭ ‬فيه‭ ‬ونذكر‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬نحب،‭ ‬يليق‭ ‬بالحبّ‭ ‬أن‭ ‬نخصّصَ‭ ‬له‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬روحنا‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬كلّ‭ ‬يوم،‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬كلّ‭ ‬العمر‭..‬
وهل‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬الحبّ‭ ‬نزيّن‭ ‬به‭ ‬زوايا‭ ‬حياتنا،‭ ‬وننثره‭ ‬على‭ ‬طرقاتنا‭ ‬أينما‭ ‬مشينا،‭ ‬ونغلّف‭ ‬به‭ ‬كلّ‭ ‬تصرفاتنا‭ ‬وكلماتنا‭ ‬فتعبق‭ ‬بأريجه‭ ‬كلّ‭ ‬ناحية‭ ‬نمرّ‭ ‬بها‭ ‬ويرتبط‭ ‬ذكرنا‭ ‬بعطره‭..‬
وهل‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬الحب‭ ‬تعتنقه‭ ‬قلوبنا‭ ‬إيماناً‭ ‬راسخاً‭ ‬بقوّة‭ ‬المشاعر‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬العالم‭ ‬مكاناً‭ ‬أكثر‭ ‬أماناً،‭ ‬أعمق‭ ‬دفئاً،‭ ‬وأبلغ‭ ‬معنىً‭..‬
أؤمن‭ ‬بالحب‭..‬
أؤمن‭ ‬بالحبّ‭ ‬كطاقةٍ‭ ‬عظيمةٍ‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬ما‭ ‬نظنّه‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭.. ‬أؤمن‭ ‬بقدرة‭ ‬الحب‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬ما‭ ‬نظنّه‭ ‬انكسر‭ ‬إلى‭ ‬الأبد،‭ ‬أؤمن‭ ‬بطاقة‭ ‬الحبّ‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬خراب‭ ‬النفوس‭ ‬ويباس‭ ‬القلوب‭ ‬وقحط‭ ‬الحياة‭ ‬كلّها‭..‬
‭ ‬اعطِ‭ ‬إنساناً‭ ‬حبّاً‭ ‬صادقاً‭ ‬وخذ‭ ‬منه‭ ‬ما‭ ‬يدهش‭ ‬العالم‭.. ‬اجعل‭ ‬إنساناً‭ ‬يشعر‭ ‬بأنه‭ ‬محبوبٌ‭ ‬فعلاً‭ ‬وأنّ‭ ‬وجوده‭ ‬ذو‭ ‬قيمة‭ ‬وأهمية،‭ ‬وخذ‭ ‬منه‭ ‬كلّ‭ ‬جميلٍ‭ ‬تتمنّاه‭.. ‬امنح‭ ‬إنساناً‭ ‬قاسياً‭ ‬حناناً‭ ‬حقيقيّاً،‭ ‬وستجد‭ ‬الجفاف‭ ‬يستحيل‭ ‬طراوةً‭ ‬ورقّة،‭ ‬وستلمح‭ ‬براعمَ‭ ‬اللين‭ ‬تتفتح‭ ‬في‭ ‬خجل‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬يباسه‭..‬
أؤمن‭ ‬بالحب‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يتفرّع‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬أويرتبط‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬علاقاتٍ‭ ‬إنسانية‭: ‬صداقة،‭ ‬أمومة،‭ ‬أبوّة،‭ ‬أخوّة،‭ ‬تعاطف،‭ ‬تسامح،‭ ‬تواصل‭..‬
أؤمن‭ ‬بالحب‭ ‬وبما‭ ‬هو‭ ‬أجمل‭ ‬منه‭.. ‬وهل‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬الحب‭ ‬سوى‭ ‬التعبير‭ ‬عنه؟
الأجمل‭ ‬من‭ ‬الحبّ‭ ‬أن‭ ‬نسخو‭ ‬في‭ ‬منحه‭ ‬ونجود‭ ‬في‭ ‬إظهاره،‭ ‬أن‭ ‬نغدقه‭ ‬إغداقاً‭ ‬فنتركه‭ ‬مسترسلاً‭ ‬فيّاضاً‭ ‬على‭ ‬سجيّته،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نصنع‭ ‬له‭ ‬القوالب‭ ‬أو‭ ‬نفسده‭ ‬بالمظاهر‭. ‬أن‭ ‬نبذله‭ ‬من‭ ‬قلوبنا،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نحمل‭ ‬في‭ ‬يدنا‭ ‬ميزاناً‭ ‬نقيس‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬أعطينا‭ ‬وما‭ ‬أخذنا‭ ‬في‭ ‬المقابل‭.. ‬أن‭ ‬نجعله‭ ‬لغةً‭ ‬نتعوّد‭ ‬على‭ ‬استعمالها‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬نحبّهم‭ ‬وطريقة‭ ‬عيشِ‭ ‬نعتادها‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬ظروفنا‭. ‬الأجمل‭ ‬من‭ ‬الحبّ‭ ‬أن‭ ‬نترجمه‭ ‬إلى‭ ‬واقعٍ‭ ‬دائمٍ‭ ‬وثابت،‭ ‬فنتواصل‭ ‬بحبٍّ،‭ ‬ونتشاجر‭ ‬بحبّ،‭ ‬ونتعاتب‭ ‬بحبّ،‭ ‬ونلوم‭ ‬بعضنا‭ ‬بحبّ،‭ ‬ونجتاز‭ ‬أوقاتنا‭ ‬الصعبة‭ ‬معاً‭ ‬بحبّ،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬الفراق‭ ‬إذا‭ ‬عجزنا‭ ‬عن‭ ‬الصمود،‭ ‬نتفارق‭ ‬بحبٍّ‭.‬
فلنسرف‭ ‬في‭ ‬الحبّ،‭ ‬فلنجعله‭ ‬احتفالنا‭ ‬اليوميّ‭ ‬بالحياة‭ ‬ومعانيها‭ ‬الجميلة‭. ‬فلنسرف‭ ‬في‭ ‬الحبّ‭ ‬وفي‭ ‬إشهاره‭ ‬وإعلانه،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬نتلقّاه‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬أقلّ‭ ‬من‭ ‬توقعاتنا،‭ ‬أو‭ ‬أصغر‭ ‬ممّا‭ ‬نطمح‭ ‬للحصول‭ ‬عليه‭. ‬سيغمرنا‭ ‬ما‭ ‬نمنحه‭ ‬بالسعادة‭ ‬والاكتفاء‭ ‬وسيجعل‭ ‬علاقتنا‭ ‬مع‭ ‬أنفسنا‭ ‬ومع‭ ‬الحياة‭ ‬أكثر‭ ‬سلاماً‭ ‬وبهجة‭..‬
‭ ‬احتفلوا‭ ‬بالحبّ،‭ ‬احتفلوا‭ ‬بمن‭ ‬تحبّون‭ ‬ومعهم،‭ ‬احتفلوا‭ ‬بهذه‭ ‬النعمة‭ ‬كلّ‭ ‬يوم‭ ‬بحمايتها‭ ‬من‭ ‬الذبول،‭ ‬احتفلوا‭ ‬بها‭ ‬بفعل‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬للحفاظ‭ ‬عليها‭.. ‬وتذكّروا‭ ‬دائماً،‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬نصنع‭ ‬قيمة‭ ‬الأشياء‭ ‬ومعانيها،‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬نصنع‭ ‬الأعياد‭ ‬وبهجتها،‭ ‬فكيف‭ ‬بالحبّ،‭ ‬اللصيق‭ ‬بأرواحنا،‭ ‬الموصول‭ ‬بنبض‭ ‬قلوبنا،‭ ‬الذي‭ ‬يمنح‭ ‬كل‭ ‬المعاني‭ ‬أجمل‭ ‬المعنى‭ ‬وكلّ‭ ‬الأفراح‭ ‬أعذب‭ ‬الفرحة‭..‬