كيف تجعلنا خيبات الأمل أبطالاً..

مريم شمص
مريم شمص
مريم شمص

حين يخيب أملكِ بأحدهم.. حين تصدمكِ قلة الوفاء ممن كنتِ معه صادقةً مخلصة، حين يقضم الغدر أطراف قلبك ممن سلّمته قلبك.
حين تقذف بك خيانة من ائتمنتِه على نفسك من قمة الفرح إلى قعر الندم حين يدير لك من أحببت ظهره ويمضي ضارباً بعرض الجدران ألم وحدتك..
حين يغرز الذهول أنيابه في خلايا عقلكِ فيشتّته ويوقعه في فخ التساؤلات الموجعة: لماذا؟ ماذا فعلت لأُترَك؟! أين أذنبت لأُخان؟ ماذا جنيت لأُهان؟!
حين يحدث كل هذا مع أيٍّ منكن، ويمكن أن يحدث كلّ هذا مع كلٍّ منّا..
استثمري فيه! أجل. اجعليه فرصةً لتصبحي بطلة. بطلة حياتك، ومنقذتها، والوحيدة القادرة على انتشال نفسك من لجّة الصدمة والصعود بها نحو قمم الحياة..
لأنك حين يحدث هذا معك، ستكتشفين أنه من الغباء أن تربطي حياتك بـ "أشخاص" وليس بأهداف.. وأنه من المجازفة أن تعلّقي قيمة وجودك على حبال غيرك كائناً من كان.. 
لذلك.. حين يخيب أملك بأحدهم، امنحي نفسك كل الوقت لتتعافي، أعطي نفسك كل الحق لتتألمي، لتحزني، لتنكري ما حصل لك، لتقدّمي لهم الأعذار، لتختلقي لهم المبررات، لتحاولي أن تفهمي أسبابهم، لتلومي نفسك، أو حتى لتجلديها.. لتطرحي عليها كل الأسئلة، لتشعري بعدم القيمة، لتعترفي بأخطائك، بضعفك، بتعّثرك.. عيشي خيبتك حتى آخر ذرّة ندم، وتجرّعي كأسها حتى القطرة الأخيرة.. 
ولكن...
ولكن من بعدها.. قومي.. انشري أغطية وسائدك المبللة بالدمع على خيوط الشمس والأمل..
افتحي الستائر التي بكيتِ خلفها، مزّقي الدفاتر التي طالما حاولتِ أن تصححي الأخطاء في صفحاتها حتى أعماكِ سوادها، واجمعي كلّ حطب قهرك في سلة واحدة.. واحرقيها. أشعلي فيها نار قوتك وعزمك واحرقيها.. وحاذري، لا تسمحي للرماد أن يخترق رئتيك ولا حتى أهدابك أو طيّات شعرك.. ارفعي رأسك عالياً وامشي، امشي من دون أن تلتفتي خلفك، وقّرري.
قرّري أن يكون ما سيأتي أجمل ممّا مضى، وأن يكون من سيأتي أفضل ممّن مضى.. 
اربطي حياتك بأهداف..
بموهبة تحسنين استثمارها لتلمعي من دون أن تستمدي نورك من أحد آخر..
بمهنة تصبّين فيها جهودك فتمنحك الاستقرار من دون أن تحتاجي كتفاً لأحد قد يحرمك منه عند أي منعطف..
بالعمل على نقاط ضعفك لتقوّيها فلا يستغلّها مخلوقٌ لإيذائك..
بتطوير نقاط قوّتك لتكوني أنت الحاكمة بأمرك في حياتك من دون سائر البشر..
بتثقيف نفسك، بزيادة هواياتك، بتدريب قلبك على حسن الاختيار في المرّة المقبلة..
استثمري في ذاتك.. كوني لها المعين والسند والداعم الأول.. كوني القوّية التي لا يكسرها غدرُ قريبٍ أو خيانة حبيبٍ أو نكرانُ جاحد.. اتّكئي على إيمانك، إرادتك، طموحك، صبرك وعملك لتحسين حياتك وتابعي مسيرك.. 
كوني بطلة نفسك، وحين تنظرين إلى الخلف، ابتسمي للصور التي ابتلعها الرماد، وانظري في عيون كلّ من تسبب لك بالخيبات المتراكمة خلف ظهرك، وقولي: "شكراً، فكلّ ما حدث جعل منّي بطلة"..