ها هو شهر رمضان المبارك يقترب من نهايته.. سريعاً ككلّ الأمور التي نحبّها ونتمنى لو تبقى إلى الأبد.. نودّع أيامه الفضيلة بالشوق ونرجو من الله أن يعيدها علينا بالخير.. وندمع لفراق لياليه المباركة وكلّنا أمل في أن يتقبّل الله صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا..
وماهي إلا أيام قليلة وتهلّ علينا ليالي العيد.. عيد الفطر..
ها هي ليالي العيد تقترب.. فشرّعوا لأنوارها أبواب أرواحكم.. استقبلوها أحسن الاستقبال واحتفلوا بها كما تستحق الاحتفال.
زيّنوا لها زوايا بيوتكم وعطّروها.. كلّ حسب امكاناته.
انزلوا إلى الشوارع، افرحوا بالأضواء واستمتعوا بالازدحام والضجيج، اشكروا الله على نعمة الأمان وازدحام الناس وضجيجهم وهم يتسابقون لشراء حاجيات العيد ولوازمه..
امسكوا أيادي أطفالكم وسيروا معهم في الأسواق التي تفور بهجة. علّموهم قيمة الأعياد وذكّروهم بأهمية إعلان فرحهم فيها.. اشتروا لهم ثوباً جديداً إن استطعتم وإن لم تستطيعوا ألبسوهم أجمل ثيابهم وأنظفها ليرحّبوا بالعيد كما يليق به الترحيب..
راقبوا وجوه الناس: هنا أمّ وفقها الله لشراء ثياب جديدة لأولادها، وهناك أبٌ يحمل لوازم الحلويات وهنالك عروسٌ تحمل جهازها تنتظر زفافها في يوم العيد..
جهّزوا لأيام العيد أشهى الأطباق والحلوى.. استقبلوها كما يستقبل المحبّون أحبّتهم بالعطر والطيب والحب والحبور..
تصدّقوا.. فالأيّام باتت صعبة والفرح صار مكلفاً. تصدّقوا بكل ما استطعتم إليه سبيلا، تصدّقوا فمشاركة الرزق تزيده أضعافاً ومشاركة القليل تطرح فيه البركة ومشاركة الطعام تنشر المحبة.. فكّروا في العائلات المتعففة خلف الأبواب المقفلة، في الأيتام الذين ما من يد حانية تمسح على رؤوسهم، في عابري السبيل المحتفلين بأعيادهم في صمت الوحدة والغربة.. فكّروا بمن دارت بهم الأيام.. وتذكّروا: العيدية الأجمل لقلوبكم هي دعاء صادق من محتاج ساعدتموه أو قلب حزين أسعدتموه.. وإن لم تستطيعوا فتصدّقوا، حتى لو بالكلمة الطيبة والبسمة الصادقة وإماطة الهمّ عن قلوب المهمومين..
صلوا أرحامكم، زوروا مرضاكم واسألوا عن أقربائكم واطلبوا رضى كباركم واعطفوا على صغاركم واجبروا خاطر ضعفائكم..
عايدوا أطفالكم ولو بمبلغ رمزيّ، فأجمل ما في الأعياد بريق الفرحة في عيون طفل سعيد..
أجمل ذكرياتنا تلك التي حين نستعيدها نستعيدها بكل حواسنا، فكيف بذكريات الأعياد التي نستعيدها بصوت تكبيرات العيد ورائحة الكعك المخبوز بالحبّ والثياب الجديدة وعناقات أجدادنا وعطر وجوه آبائنا في الصباحات السعيدة.. صباحات العيد..
الأعياد نعمة مُنحناها لنفرح ونعلن السرور والحبور، والاحتفال بها من قبيل الاحتفاء بالنعم وتعظيم شعائر الله... وكما قال الله تعالى: "عظّموا شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"..
فلنحتفل بالعيد، ولننشر الفرح كيفما استطعنا وحيثما حللنا، هكذا أمرنا الرحمن، وهكذا تصبح مناسباتنا أكثر بهجة وعائلاتنا أكثر تماسكاً وتقارباً وسعادة..