هو الحبّ..

مريم شمص
مريم شمص
مريم شمص

ليس حباً.. ما يجعلنا حين ننظر في المرآة نسأل أنفسنا: هل نحن فعلاً بهذه البشاعة؟؟

ليس حباً.. ما يجعلنا حين ننهار ونبكي نسأل قلوبنا: هل نحن فعلاً بهذا الضعف؟

ليس حباً.. ما يجعلنا نجلد عقولنا بسياط الندم بسؤال: هل نحن فعلاً بهذا الغباء؟

ليس حباً ما يجعلنا نرى أنفسنا أقل جمالاً، ولا أقلّ قيمة، ولا أقل ذكاءً، ولا أقلّ قوّة..

ليس حبيباً، من يتركنا دائماً في حالة بحث عن مبررات لأفعاله، ولا في حالة تفسير ومحاولة تعليل لقساوة أقواله..

ليس حبيباً من يتركنا في حالة خوف دائم من أن يقلّ رصيدنا في ميزانه، فنسعى طوال الوقت لكسب رضاه أو إعجابه..

ليس حبيباً، من يجعلنا نتوهّم أنّ دوامة الشكّ أو الغيرة نتيجة طبيعية للمشاعر الملتهبة.. أو أنّ الألم مرادف للشوق وأنّ المرور بالأشواك هو الطريق الأجمل للوصول إلى الورد..

ليس حبيباً، من يجعلنا نضطر في كلّ مرّة يُسيء فيها فهمنا أن نعيد تعريفه بنفسنا وتذكيره بمن نكون.. من نضطر إلى شمّ رائحة حروفنا وتذوّقها قبل التفوّه بها أمامه.. من تمشي روحنا أمامه على رؤوس أصابعها تجنباً لإزعاجه..

الحبيب يمنحنا أمان الثقة بأنفسنا، وبه، وبمفهوم الحبّ نفسه.. ويزيح الشوك من طريقنا خوفاً علينا..

الحبيب من يفهم صمتنا وينتبه لتعثّر أنفاسنا إذا اضطربنا، ويمنح أرواحنا حلاوة الحرية..

ليس الحب انجرافاً ولا انخطافاً، هو شعور هادئ عميق بالانتماء إلى كيان يصبح فيها الاثنان "أنا" واحدة، "أنا" أقوى وأقدر على مواجهة العالم .

وليس الحب تسليماً ولا استسلاماً ولا خضوعاً ولا إخضاعاً.. هو تبادل الانتصارات اليومية الصغيرة الصغيرة، والمكاسب الكبرى الحقيقية في الحياة.. رفقة الروح والشعور بالأمان والسلام النفسي..

ليس الحب اشتعالاً ولا احتراقاً ولا براكين تثور ولا شلالات تفور.. هو الدفء الباذخ المريح.. هو الجدول الرقراق الذي تنساب معه قلوبنا بفرح.. هو تلك الأحاسيس العارمة الثابتة التي لا تخفّ حين يزول الانبهار، ولا تخفت حين تنكفئ حماسة البدايات وانفعالاتها..

الحبيب من نستطيع أن نشاركه أسوأ حالاتنا من دون خوف من النقد والتجريح. من نستطيع أن نواجه به ضعف أنفسنا، من نكشف أمامه عقدنا ليشاركنا في تفكيكها، من يستطيع مساعدتنا في تجميل أقنعتنا التي قد نحتاجها لمواجهة العالم أحياناً..

أيّ علاقة تتطلّب منّا استنزاف طاقتنا للاستمرار، ليست حبّاً.

أي مشاعر نحتاج لإعادة صياغتها، أو تدويرها كل فترة للحفاظ عليها، ليست حبّاً.

أيّ انتماء يجعلنا نشعر بأننا سجناؤه أو سجناء أنفسنا، ليس حبّاً.

أي اقتراب يجعلنا نختنق، ليس حبّاً.

الحبّ طاقة تمنحنا الحماسة وحب الحياة، الحب فضاء يحرّر أرواحنا، الحبّ مشاعر عذبة تنساب من دون ألم، الحب التصاق قلبين يزيدنا انصهاراً في بعضنا..

الحبّ حياة، وأجمل مافي هذه الحياة.

ازدادوا حبّاً، تزدادون حياةً..