تُخيفني وحشة التفاصيل القديمة وبؤسها، تخيفني الأماكن المهجورة، القلاع المسكونة، والطفولة المنكسرة، تخفيني بُعد المسافة بين الذكرى والأوراق، أخافُ من عبثيّة الأقدار، ومن فوضى المصادفات، أخافُ النسيان والاختباء وراءَ العدم، أخاف من اشتعال المشاعر وتشابه الأسماء.
أخافُ من الأغنيات الخادشة لكلِ ذكرى ممزقة، أخافه وأخافني وأخافنا، أخشى على حرفي، وعلى المشاعرِ الباكية من هذا الوحم العاطفيّ، أخشى التنكيلَ بكَ عنوة، لذلك فقط أريد الركض للمستقبل، للقادم، للمجهول ولكلِ الأحداث الغامضة، أريد رؤيتي بينها، أريدُ تجربة الإقامة الجبرية بين كلِ الموريات التي أجهلها، أريد كتابتكَ من هناك بأتونٍ شهيّ، وبين كلِ سطرٍ وحنين سأخلق بكَ حالة لغوية مبتكرة، فأنت تعلم بقدرِ ما خذلتني بأنني أميلُ للحداثة، للخلق، ولتمرينِ الأسطر على كلِ الأمور غير القابلة للتكرار، لطالما كانت ولا تزال تُميتني التفاصيل الكربونيّة، والعلاقات المتشابهة، أهذا يعود لمزاجيّتي الكتابيّة؟ أم للأفكار المارقة والمتزاحمة بداخلي؟ فأنا بين البينين؛ أعلو وأسقط، أرقص وأنحني، أركض وأقف، أثرثر وأصمت، أتكهن وأخطأ، أقترب من الجميع وأبتعد، لذلك تلك المزاجيّة المفرطة والأفكار المشوّشة هي إرثي المقدس الذي يسير معي بجنائزيّة وفرائحيّة، هي أنا، ولأنها كذلك؛ ها أنا أجرّها خلفي وأنا مفلسة من الحياة.
أصبح قلبي كرغيفٍ بارد؛ لا يأكُلهُ سوى الفقد، لذلك بدأتُ أتشقق وأنشطر، فحُبكَ قرص قلبي من حيثُ أُهزم، لم تعد تُجدي الأحرف الضمنية شيئاً، فوحشة المشاعر انسدلت من الأفق، وعلى شاكلة اللحنِ القديم سأُغنيك، فلتسمعني بقلبٍ محموم.