منذ مدة لم يشاكسني الحلم، برغم أني لم ألجأ لأي علاجات شعبية، ولم يتم تعاطي أي منبهات تدفعني للنوم طواعيّة؛ كي تستجلب الحلم، لكنه بات عصيًّا على عيني.
اقتحمني الفراغ، رأسي ممتلئ بالمساحات الفارغة يا الله، لا شيء يسكنني سوى الندوب، كم من الغبار عليّ أن أنفضه حتى أتطهر من الذكرى؟
أقف على أرضٍ جافة، لا تشبع من البلل، تحاصرني الغيوم دون جدوى، لا تحركني الأمطار، أشعر بخللِ يتلبسني، أو أنا منْ يتلبسه، كلانا نتلوّى بذات العطب.
- منْ حفر بداخلي كل قبور العالمين دون أن يملأها بالجثث!
لم أكتمل بعد، لم يكتمل عالمي بداخلي، إني في طور الموت، في طور الحياة، في طور التلاشي والظهور، أتجدد، أنفد، ألتحم من جديد، ثم في وهلة أتطاير كالدخان.
- كم من الحيوات تعبرني دون أن تتوقف؟ كم من الشخوص أنا يا الله؟
أنا عجوز تعود إلى صباها عبر الرقص، الأغنيات تحركني، الموسيقى ترفعني للأعلى، اللحن يصالحني مع بشاعة العالم، الكلمات تغذيني، القصائد تؤوي مشاعري، تجمع شتاتي، الحياة تمتد فيني، صوت الطبيعة لا يخذلني، وحدهم العابرون منْ يقتلعوننا من جذورنا دون أن يمدوا لنا الماء والحب.
أنا طعمٌ مثير للصمت، يغلفني السكون، لا أحد يردد كلماتي، لا أحد يقرأ ملامحي سوى هذا الظلام، إني وكما كنت لن أتمرد على هذا الهدوء بصوتي، سأغني دون الحاجة له، قلبي يتحدث، عقلي لا يتوقف عن الصراخ، روحي تعزف لي الموسيقى، الموشحات الأندلسية ولا تتوقف عن ترديد بعض الأغنيات القديمة، لم أكن مكتفية بذاتي كما الآن، لا شيء سيتجرأ على اختراقي، على زعزعة سلامي دون أن يقدم الكثير من التنازلات لي كل العوالم التي بداخلي