أكثر ما كنتُ أخشاه هو أن أصل إلى هذه المرحلة المرهقة من التعب، وأنا ألفظ مشاعري الأخيرة بالكثيرِ من الخيبة.
لمَ علينا أن نخبر الجميع بأننا بخير، وأن نتظاهر بالقوة!! ونحن في الحقيقة نرغب بالبكاء، ونتمنى كثيراً لو أننا نسقط حتى نتوّحد مع بشاعة الوجع الذي يثقلنا عنوة! لمَ علينا أن نستصغر هذا الألم أمام العالمين؟ بينما نعظمه بين ذواتنا بجزيل المرارة!
يا الله كم أود الهرب عن قيامة الأسى، كم أود لو أني أملك القدر الكافي من الشجاعة حتى أشير إلى قلبِ هذا الجرح الزائف بفخرٍ غريب، يا الله كم أود الابتعاد عن شراهة هذا الحزن، بفرحٍ فائض، كم أود معانقة الفراغ بلا ذاكرة تنضح بماضٍ موجع، كم أود يا الله أن أكونني بالخيرِ ذاته الذي لطالما رددته على مسامع الجميع قبل أن أردده على مسامعي الواهية.
النهاية البالغة بسكونها، والعامرة بضجيج مشاعرها والآسنة بأحداثها، لن تدع هذا الجرح يلتئم فينا، لن تدعنا نصافح النسيان بطواعية، الحكاية التي أعياها صوت الحب، لن تمحى من ذاكرة الحنين بسهولة، فهذه التفاصيل الشائكة بكل أتونها ستدمينا بين لحظة وأخرى، ولن نملك أمامها خيار العودة أو حتى خيار الرحيل دون عودة، سنقف دوماً بين البين، ننتظر تلك اللحظة التي ستكون لنا بمثابة بردٍ وسلام على أرواحنا المرتبكة.
تعلمتُ أن أقف على الحياد، أن أراوغ الجرح المواتِ لتوقعاتي، ألا أُقصم من منتصف الشوق وما فوق إلّا وأنا مأخوذة بكليّتي، حينها فقط قد أستسلم لهذه الفوضى العارمة دون أن أنبس ببنتِ شفة. وهل يمكننا أن نعترض عن حدثٍ ما، أمام حرائق العاطفة؟