اتفق أهل العلم غير أبي حنيفة على أنّ صلاة الاستسقاء تؤدّى ركعتين بجماعة، ومن غير أذانٍ ولا إقامة، وتكون في مصلى البلد، وتؤدّى خارج أوقات الكراهة.
واستدل الفقهاء على ذلك بحديث أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: "خرج نبي الله، صلى الله عليه وسلم، يوماً يستسقي، فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبَنا، ودعا الله عز وجل، وحوَّل وجهه نحو القبلة رافعاً يديه، ثم قلَب رداءَه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن".
كيف تصلى صلاة الاستسقاء؟
وفقاً لموقع "ابن باز"، فإن صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد، يصلي الإمام ركعتين يكبر في الأولى سبعاً وفي الآخرة خمساً، ويكبر تكبيرة الإحرام وستاً بعدها، ثم يستفتح، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يركع ثم يرفع ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم إلى الثانية فيصليها مثل صلاة العيد، ويكبر خمس تكبيرات إذا اعتدل ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يقرأ التحيات ويصلي على النبي ﷺ ثم يدعو ثم يسلم، مثل صلاة العيد "النبي صلاها كما كان يصلي في العيد عليه الصلاة والسلام".
ثم يقوم فيخطب الناس خطبة يعظهم فيها ويذكرهم، ويحذّرهم من أسباب القحط، يحذرهم من المعاصي، لأنها أسباب القحط وأسباب حبس المطر وأسباب العقوبات، فيحذر الناس من أسباب العقوبات من المعاصي والشرور وأكل أموال الناس بالباطل والظلم وغير ذلك من المعاصي، ويحثّهم على التوبة والاستغفار ويقرأ عليهم الآيات الواردة في ذلك والأحاديث.
استقبال القبلة أثناء الدعاء
ثم يدعو ربه رافعاً يديه، ويرفع الناس أيديهم يدعون، يسأل ربه الغوث، من ذلك اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا ثلاث مرات، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً غدقاً مجلاً سحاً طبقاً عاماً نافعاً غير ضار، تحيي به البلاد وتغيث به العباد وتجعله يا رب بلاغاً للحاضر والباد، هذا من الدعاء الذي دعا به النبي ﷺ: اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركاتك، ويلح في الدعاء ويكرر في الدعاء: اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، مثلما فعل النبي ﷺ.
ثم يستقبل القبلة في أثناء الدعاء، وهو رافع يديه يكمل بينه وبين ربه وهو رافع يديه ثم ينزل، والناس كذلك يرفعون أيديهم ويدعون مع إمامهم، وإذا استقبل القبلة كذلك هم يدعون معه بينهم وبين أنفسهم ويرفعون أيديهم.
تحويل الرداء
والسُّنة أن يحول رداءه في أثناء الخطبة عندما يستقبل القبلة، "بأن يجعل ما على الأيمن على الأيسر إذا كان عليه رداء أو بشت إن كان عليه بشت يقلبه، وإن كان ما عليه شيء كالغترة يقلبها"، قال العلماء: "تفاؤل بأن الله يحول القحط إلى كسب، ويحول الشدة إلى الرخاء"؛ لأنه جاء في حديث مرسل عن محمد بن علي الباقر "أن النبي ﷺ حول رداءه ليتحول القحط"، يعني: تفاؤل.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث عبدالله بن زيد "أن النبي ﷺ حول رداءه لما خرج، صلى بهم صلاة الاستسقاء"، والسنة للمسلمين كذلك.
أما في خطبة الجمعة فلم يحول رداءه عليه الصلاة والسلام، بل دعا واستغاث وهو في خطبة الجمعة في ضمن دعائه عليه الصلاة والسلام، والاستغاثة تكون في خطبة الجمعة وتكون في خطبة العيد وتكون في غير ذلك، ويمكن لأي فرد أن يستسقي ولو جالساً في البيت أو في السوق لا بأس، فدعاء الاستسقاء مطلوب من الفرد والجماعة.
الخطبة تجوز قبل الصلاة وبعدها
لكن إذا صلى الإمام بالجماعة ركعتين خرج بهم إلى الصحراء، وصلى بهم ركعتين كالعيد فإنه يخطب بعد ذلك، ويدعو ويحول رداءه كما فعله النبي ﷺ عند استقباله القبلة، ويجوز أن يخطب "قبل الصلاة" ويجوز بعدها، فقد جاء عن النبي ﷺ أنه خطب قبل الصلاة وجاء أنه خطب بعدها، والخطبة بعد الصلاة كالعيد وقبل الصلاة كالجمعة وكل هذا فعله النبي، والمقصود هو الدعاء والضراعة إلى الله ورفع الشكوى إليه جل وعلا في إزالة القحط والشدة وفي إنزال المطر والغوث منه.
تابعي المزيد: الملك سلمان يدعو لإقامة صلاة الاستسقاء في جميع أنحاء السعودية
صلاة الاستسقاء "ركوعين وقراءتين وسجدتين"
وقد جاء في بعض الأحاديث أن النبي ﷺ ركع ثلاث ركوعات وبعضها أربع ركوعات وبعضها خمس ركوعات، لكن الأصح والأرجح عند المحققين من أهل العلم أنه صلى ركعتين بركوعين فقط، "بركوعين وقراءتين وسجدتين" هذا هو الأصح، هذا هو أصح ما جاء في هذا كما تقدم، صلى ركعتين، ثم قرأ التحيات وصلى على النبي ﷺ ودعا، ثم لما سلم خطب الناس وذكرهم، وبين لهم أحكام الاستسقاء وبين لهم عقوبات الذنوب والحذر منها، وبين لهم أنه ينبغي لهم الصدقة والإحسان والإكثار من ذكر الله واستغفاره، وهكذا ينبغي لأئمته والخطباء أن يذكروا الناس وينبهوهم كما فعل النبي ﷺ.