اليوم أحببت أن أستعرض خلاصة من جهد وعمل جاد في مجال ريادة الأعمال استمر لمدة 20 عاماً، أتطرق فيه إلى أهم التحديات التي تنتظر المتجهين نحو ريادة الأعمال، وعدم خداعهم بحياة "الريادة الرفاهية"، وأن يأخذوا في الحسبان موضوع أمن الحياة، وهنا أقصد أن ريادة الأعمال اليوم تخضع لمخاطر عديدة، وأن الشباب وغيرهم عليهم التفكير جيداً قبل دخول هذا العالم، بتأمين مصادر دخل أخرى، وعدم المجازفة بالاعتماد الكلي في الدخل على ريادة الأعمال وكأن "الحياة بصرة"، بل على العكس، فلابد أن يعي الشباب بأن رائد العمل ليس لديه إجازة أسبوعية، أو سنوية، أو صيفية، أو إجازة ربيع أو غيرها، بل عليه العمل 24 ساعة خلال الأسبوع.
قد يواجهني البعض بالسؤال؛ إذاً لماذا أنتِ دخلت عالم ريادة الأعمال؟، بالعودة إلى عام 2002، وحين أخذت على نفسي المخاطرة كانت الظروف الاقتصادية مختلفة جداً، وكان السوق مليئاً بالفرص، التي قد تعدّ اليوم تقليدية، وغيرها من أنواع الدعم، أما اليوم فالوضع الاقتصادي عليه علامات استفهام كثيرة، فلو نرجع أياماً قليلة نرى حتى الجانب التكنولوجي، والذي يعدّ أحد المقومات الاقتصادية قد تأثر سلباً، فهنالك عدد ممن أسسوا شركات الاستثمار في العملات الرقمية، قد خسروا على المستوى العالمي والمحلي، والكثير من الموظفين خسروا وظائفهم وبعضهم أصبح بلا وظيفة.
يجب استغلال الفرص التي تمنح الشباب الجمع بين الوظيفة الرئيسة، التي تحقق له مصدر دخل ثابتاً، وشغفه نحو ريادة الأعمال، وذلك من خلال السجلات الافتراضية التي يمكن لصاحبها العمل عبر منصات الإنترنت.
ومن المهم أن يعرف الفرد أهمية تحقيق التدفق النقدي منذ اليوم الأول لانطلاقه في مشروعه التجاري، بأن يكون لديه مسؤول حسابات محترف، حيث إن الكثير من الناس يعتقدون أن مندوبي المبيعات والترويج والتسويق هم من يجلبون الأموال والتجارة للمؤسسة، ولكنني أرى أن هذا خطأ، فموظفي المكاتب الخلفية في المؤسسة هم من يحققون الأهداف ويثبّتون مسار المؤسسة في السوق، والكثيرون يقللون من جهدهم وقيمتهم، بيد أن الحقيقة أنهم قادرون على النهوض بتجارة المؤسسة وتحقيق العوائد أو تراجعها، فمن المهم جداً أن يركز الفرد على هذه الأمور كونها تجعل من المشروع مستقراً ومستداماً.
وكذلك التمويل.. لابد أن يكون لدى رائد العمل أفكار متعددة، وعدم استثمار كل ما يملك في جهة أو مشروع واحد، "عدم وضع نقوده في سلة واحدة"، بل يسعى دائماً لتنويع مصادره، وعدم تكرار المشاريع القائمة في السوق من دون تقديم إضافة مميزة أو فكرة إبداعية، وعليه تكون النتيجة تضرر بعض المحلات وخروجها من السوق بسبب المنافسة العشوائية، لذا أنصح الرواد أن يتشاركوا في المشاريع ويحققوا الإبداع والابتكار، بدل تكرار المشاريع والتسبب بخسارة البعض، خصوصاً إذا كان لديهم الميول والرغبات نفسها، وعدم الاستماع للأقاويل التي تكرر عبارات (لا تشارك أحداً... فلوسك بروحك... وغيرها)، ولو نلاحظ فأكثر الشركات القوية اليوم هي قائمة على الشراكة بين الممول وعدد من المستثمرين.
وصلنا إلى نقطة فارقة في الحياة التجارية، فقد حان الوقت لتغيير العقلية القديمة والارتقاء بطرق التفكير، وأصبح الوقت مناسباً جداً لوضع أيدينا بأيدي بعضنا، والتشارك لتحقيق تكتلات اقتصادية قادرة على التنافس والاستمرار والإبداع والابتكار، والعمل على التوسع وتكبير المشاريع والشركات، وهي الثقافة التي لابد أن تنتشر في المجتمعات التجارية، لأن المستقبل غامض وأصعب من الوضع الحالي، وهنالك العديد من المخاطر الاقتصادية في الوقت الراهن، سواء على صعيد الأمور التكنولوجية أو غيرها.