الإنسان هو الإنسان مهما قسم إلى صور نمطية على أساس العرق، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، إلا أن تلك البديهة تنتهك في العديد من المجتمعات تحت وطأة هذا وذاك، ورجل وامرأة، وأبيض وأسود إلخ .... على الرغم من كونها تعريفات لا تسمن ولا تغني من جوع، فالكل يعمل والكل يحاول البعض ينجح والبعض يفشل، والشيء الوحيد الذي يفصل بينهما الكفاءة والفاعلية والقيمة المضافة لصالح المجتمع.
وفي ميادين العمل وليس الصراعات الاستعلائية، مصداقاً لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ، (الحجرات) فهذه الآية الكريمة جاءت لكافة الناس بجميع صنوفهم، وليست لجنس معين منهم، في دلالة واضحة على عدم اعتبار التفاضل بين البشر.
ومن هذا المنظور فعلينا أن ندرك جيداً أن التفريق بين البشر وإن كان على سبيل التصنيف أو التعريف يشكل عقبة تعترض العلاقات الإنسانية الودية والعلاقات الاجتماعية السلمية وواقعاً من شأنه الركوب على آلة الزمن للعودة للخلف، ويضعنا أمام مسارين متناقضين تماماً، أحدهما معاصرة مستقبل تكنولوجيا الواقع الافتراضي، والذكاء الاصطناعي، والآخر رجعي باطنه التمييز والعنصرية، فليس من المعقول ولا المقبول ونحن في ٢٠٢٣ يشار إلى المرأة في العمل من منظور نسوي من دون النظر إلى إسهاماتها في صناعة النهضة التنموية لمجتمعاتها بما يمثل قصوراً في قضايا المساواة ويفرض عبئاً على النمو، ويفتح الباب أمام المنظمات الدولية لفرض تعريفات تخالف قيم وعادات مجتمعنا وثقافته، ويجعلنا ندور في حلقة مفرغة بحثاً عن ثوابت ومسلمات لا تتزن البشرية إلا بها.
فصل القول: لا مكان للمصطلحات الوصفية بين البشر، ويجب التخلص من تبعات التمييز والتفرقة فيها، حتى نستطيع استكمال عمليات البناء، والتطور، والازدهار، ونتمكن من تحقيق وحدة المساواة بكافة مشتملاتها وأطرها لدعم الحراك التنموي وزيادة الإنتاج والعطاء لمستقبل أكثر ديمومة واستقراراً من دون النظر إلى صور نمطية عشوائية عفا عليها الزمن في التفريق بين البشر، ولا مكان لها إلا في عقول أربابها من أصحاب الفكر المتحجر العقيم... وللحديث بقية.