لا تتزوجي.. إن كنت تعدّين الزواج هدفاً تسعين إليه لإرضاء المجتمع والعائلة ونظرات الناس المنتظرين تأخرك في الزواج ليمنحوك لقب "عانس"..
لا تتزوجي، إن كنت تتزوجين فقط لإكمال كيانك الذي تظنّينه شكلاً هندسياً محدّداً لا تكتمل أضلاعه إلا بوجود زوج، ولو كان ضلعاً وهميّاً فقط..
لا تتزوجي، إن كنت تظنّين الزواج مشروعاً سيقيك غدرات الزمن، أو وظيفة بدوام مفتوح وبراتب ثابت يؤمّن لك استقراراً مادياً فقط لا غير..
تزوّجي فقط، حين تجدين رجلاً يليق به لقب الزوج. يحمل معك الحياة بحلوها ومرّها، تسندينه ويسندك، تشاركينه ويشاركك، تحبينه ويحبك.. يؤمن بأنّ الحياة الزوجية هي "حياة" فعلاً، حياة كاملة بكلّ ما فيها، تحتوي كلّ نواحي الحياة الأخرى، وليست مجرّد زاوية منها.. يؤمن بالمشاركة والحب والاحتضان والاحترام، ويريد أن يصنع معك مستقبلاً، يريد أن تكونا معاً: "عائلة".
لا تقبلي برجلٍ يريدك أن تكوني أخصّائيّةً نفسيّةً، تعالجين عقده ونقائصه على حساب صحتك النفسية.
لا تقبلي برجلٍ ينتظر منك أن تكوني الاسفنجة التي تمتصّ نوبات غضبه، أو اعتلالات مزاجه على حساب أعصابك.
لا تقبلي برجلٍ يطلب منك أن تتحوّلي إلى ترابٍ لتطفئي براكينه.
لا تقبلي برجلٍ يريد باسم الحبّ أن تكوني صابرة صامتة متحمّلة لكلّ أخطائه.
لا تقبلي برجلٍ يعدّ الزواج صفقةً؛ كلّ شيء فيها بمقابل.
لا تقبلي برجلٍ يطالبك أن تنطفئي كي لا تغطّي على بريقه.
لا تقبلي برجلٍ يظنّ الحبَ مجرّد مفتاح لباب قلبك وباب بيت الزوجية، ينتهي مفعوله بمجرّد دخولك هذا البيت وإقفال بابه عليكما..
لا تقبلي برجلٍ يعدّ أنّ الحبّ فقط للبدايات، والدلال للبدايات واللهفة والشغف والشوق للبدايات فقط.. وأنّ ما بعد ذلك تعوّدٌ وتأقلمٌ وتكيّف..
ليس الزواج نقطة النهاية لأحلامنا، بل يجب أن يكون بداية لتحقيق تلك الأحلام في شكل الحياة التي نريدها. من شكل البيت الذي نريد أن نبنيه، لطعم الأيام التي سنعيشها معاً، لعطر الصباحات التي ستتوالى علينا، لنوع الكلمات التي سنسمعها كل يوم، للمشاعر التي سنحسّ بها عند كل موقف، للمباهج الصغيرة التي ستصنع أيامنا، للخيبات الخفيّة التي سنواجهها يداً بيد، لأسماء أطفالنا الذين سننجبهم، وأيّ مناخ نحلم أن نربّيهم فيه، وأيّ طاقة سنزرع في تفتّح أرواحهم.. للابتسامات التي سترافقنا حتى آخر العمر، للدموع التي سنمسحها عن عيون بعضنا، للمشاكل التي سننتصر عليها بوحدتنا.. للتفاصيل، التفاصيل كلّها، المعنوية منها والمادّية، العظيمة منها والسخيفة..
ليس الزواج هدفاً نسعى إليه لينصفنا المجتمع من دمغة الفشل، ولا لنرضي عائلاتنا ومحيطنا، بل الزواج علاقة إنسانية روحية عاطفية فكرية عميقة، نسعى إليها لتجنّبنا لعنة الوحدة، من أجلنا نحن فقط. وما أرحم الوحدة أمام علاقة فاشلة مرهقة تستنزف عمرنا وتشعرنا بالفشل والخذلان في كلّ دقيقة منها..
إنّما الزواج مودّة ورحمة، فلا تتزّوجي إلّا من يغمرك بالمودّة ويعاملك بالإحسان ويحتويك بالرحمة..