تروج حمية الصيام المتقطع Intermittent fasting راهناً، وهي تقوم على الإمساك عن الطعام لساعات طويلة في اليوم (نحو 16 ساعة) وحصر الأكل بوقت ممتد على 8 ساعات. فيما تُلاقي الحمية المذكورة التأييد من بعض اختصاصيي التغذية، يرفض آخرون الصيام المتقطع لأسباب عدّة. في السطور الآتية، تتحدث اختصاصيتا التغذية نور طربيه و هوري باباهيكيان عن وجهتي نظرهما، في شأن الصيام المتقطع؛ إذ تؤيد الأولى هذا المبدأ في الحمية فيما تعارضه الأخرى.
ما هو الصيام المتقطع؟
بحسب «مايو كلينيك»، يعني الصيام المتقطع الامتناع عن تناول الطعام (وليس الماء العادي) لفترة محددة في كل يوم أو أسبوع. يتضمن بعض الأساليب الشائعة للصيام المتقطع على:
- صيام تبديل الأيام: يصوم الشخص عن الطعام في اليوم الأول تماماً، أو يكتفي بوجبة صغيرة (أقل من 500 سعرة حرارية)، ثم يتناول نظاماً غذائياً عادياً في اليوم التالي، وهكذا دواليك.
- صيام 2:5: يتناول الشخص نظاماً غذائياً عادياً لخمسة أيام في الأسبوع، ويصوم عن الطعام لمدة يومين في الأسبوع.
- صيام أوقات محددة كل يوم: يتناول الشخص الطعام بشكل طبيعي، لكن خلال فترة سماح ممتدة على 8 ساعات في كل يوم. على سبيل المثال، يتخطى الصائم وجبة الإفطار، لكن يتناول الغداء عند الظهر والعشاء قبل الثامنة مساءً.
نموذج من حمية الصيام المتقطع للمرأة (1800 سعرة حرارية)
الفطور
- نصف كوب من الشوفان.
- نصف كوب من الزبادي قليل الدسم.
- ملعقتان صغيرتان من العسل.
- ثمرة واحدة متوسطة الحجم من التفاح.
وجبة خفيفة
- كوب واحد من العصير الطبيعي الخالي من السكر (أو ربع كوب من اللوز أو الجوز).
الغداء
- سلطة خضراء تحتوي على كوبين من الخس ونصف كوب من الطماطم وربع كوب من الجزر المبشور وربع كوب من البصل الأخضر وربع كوب من الفجل.
- صدر دجاج مشوي (حجم الكف).
- نصف كوب من الأرز البني المطهو.
- نصف كوب من البازلاء المطهوة.
وجبة خفيفة
- الخضروات مع الحمص؛ أي تقطيع الخيار والجزر والفلفل الأحمر إلى شرائح رفيعة وغمسها بالحمص بالطحينة.
العشاء
- قطعة سمك مشوية (حجم الكف).
- خضروات مشوية، عبارة عن حبة كوسا واحدة ونصف حبة واحدة من الفلفل ونصف حبة من الباذنجان.
- نصف كوب من البطاطس المهروسة.
نموذج من حمية الصيام المتقطع للرجل (1800 سعرة حرارية)
الفطور
- 3 بيضات مسلوقة.
- رغيف واحد من الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة.
وجبة خفيفة
- قطعة واحدة من بسكويت القمح الكامل، مع شرائح من الجبن قليل الدسم.
الغداء
- سندويش عبارة عن خبز متوسط الحجم محشو بصدر دجاج مشوي (حجم الكف) وكم من الخضروات.
- كوب واحد من شوربة الخضروات.
وجبة خفيفة
- كوب واحد من الزبادي اليوناني قليل الدسم، مع قطع من الفواكه الموسمية، مثل: التوت والفراولة.
العشاء
- سلطة التونا (نصف كوب من التونا المعلبة، المصفاة، مع كوبين من شرائح الخس وربع كوب من الطماطم المقطعة وربع كوب من شرائح الخيار وملعقة كبيرة من زيت الزيتون.
ملاحظة: للحفاظ على الجسم رطباً، لا يجب الإغفال عن شرب الماء، مع تعيين المنبه على الهاتف الذكي للتذكير بذلك كل ساعة، كما الاحتفاظ بزجاجة من الماء قريبة منك.
يمكنك أيضاً الاطلاع على رجيم 5:2 للتخسيس.. هو نوع من الصيام المتقطع على قدر من الفعالية
من جهتها، لا تؤيد اختصاصية التغذية هوري باباهيكيان، اتباع نظام الصيام المتقطع، وتبرر ذلك بالقول: إن «الحمية المذكورة لا تناسب كل الناس، وهي غير قابلة للاتباع لوقت طويل، ولو أن البعض قد يُفيد منها».
وتوضح وجهة نظرها قائلة: إن «الذين يتبعون حمية الصيام المتقطع يحذفون وجبة الفطور؛ ذلك لأن الغالبية تتناول الوجبة الأولى وقت الظهيرة. فعندما يصوم الفرد لوقت طويل، من الطبيعي أن يعاني من جوع شديد ورغبة قوية في الأكل، ومن الصعب أن يتحكم في نوعية وكمّ الوجبات المتناولة خلال الفترة المسموح فيها بالأكل».
وتشدد الاختصاصية باباهيكيان على الفكرة الآتية: «في حال لم ينتبه الفرد إلى كمية الأكل ونوعيته، أو السعرات الحرارية المكتسبة، لا يمكن تحقيق النتائج المرجوة خلال الصيام لـ 16 ساعة». أضيفي إلى ذلك، لا يناسب الصيام المتقطع الذين يعانون من مشكلات صحية، مثل: السكري أو القلب؛ إذ قد يواجهون هبوط معدل السكر بالجسم. كما لا يفيد الصيام المتقطع الذين يتناولون أدوية معينة خلال النهار صحبة الوجبات.
وتضيء الاختصاصية على فكرة مهمة مفادها أن «الصيام المتقطع يؤثر في الحياة الاجتماعية للأفراد؛ كونهم مجبرين على الإقلاع عن الطعام في وقت محدد. مثلاً: إذا كان متتبع الحمية مدعو إلى مناسبة ما، قد ينحرج كونه لن يستطيع أن يشارك المدعوين تناول الوجبات، أو قد يعتذر عن تلبية الدعوة بسبب انقطاعه عن الأكل خلال ساعات محددة؛ الأمر الذي ينعكس سلباً على الحالة النفسية».
تخلص الاختصاصية إلى أن «الصيام المتقطع يحقق نتائج إيجابية لبعض متبعيه، في إطار خفض أوزانهم، إلا أن سلبياته من الناحيتين الجسدية والنفسية كثيرة. كما يستعيد كثيرون الوزن المفقود فور التوقف عن اتباع الحمية؛ الأمر الذي يُرجع إلى المربع الأول؛ أي إلى ضرورة الالتزام بنظام غذائي متوازن يضم العناصر الغذائية كافة، مع توزيع الوجبات على ساعات اليوم».
حمية الصيام المتقطع تُحسّن عملية الأيض
نور طربيه
اختصاصية تغذية
تؤيد اختصاصية التغذية نور طربيه اتباع حمية الصيام المتقطع، بناءً على تجربتها، والأدلة العلمية المتزايدة التي تظهر فوائد النظام المذكور المحتملة على الصحة واللياقة البدنية. تقول طربيه لـ«سيدتي»: إن «حمية الصيام المتقطع تُحسّن عملية الأيض، وتُحفّز الجسم على استخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة؛ ما يساهم في زيادة معدل إحراق السعرات الحرارية. هذا التأثير يمكن أن يكون مفيدًا لأولئك الذين يسعون إلى «إدارة» أوزانهم، والتخلص من الدهون المكدسة في أجسامهم».
وتمر الاختصاصية على مجموعة من الدراسات التي سبق أن أظهرت دور الصيام المتقطع في تحسين حساسية الجسم للإنسولين؛ ما يعني أن جسم الصائم(ة) يستجيب بشكل أفضل للهرمون الذي يقوم بدور حاسم في تنظيم مستويات السكر في الدم، علماً أن تحسين حساسية الإنسولين يُساهم في الوقاية من داء السكري ويُحافظ على صحة القلب والأوعية الدموية.
وتلفت إلى أن «الصيام المتقطع يمنح الأفراد فرصة لتوجيه انتباههم نحو نوعية الطعام خلال فترات الأكل. وعندما تقصر فترة تناول الوجبات، يصبح من السهل التركيز على اختيار الأطعمة الصحية والمغذية؛ ما يحسّن نمط الأكل والتغذية العامة».
باختصار، يمكن أن يكون الصيام المتقطع استراتيجية غذائية فعالة في تحقيق أهداف الصحة واللياقة البدنية. لكن، يجب أن يتبنى المرء هذه الحمية، بحذر، وأن يأخذ في الاعتبار حاجاته الفردية من الغذاء في اليوم. فقد يكون لهذا النمط الغذائي تأثيراً إيجابيّاً كبيراً في العديد من الأفراد، ولكنه لا يناسب كل الأفراد، بالتالي من الواجب مراعاة الحالة الصحية والأهداف الشخصية قبل اتخاذ القرار باتباع هذا النمط.
تجربة الصيام المتقطع
عن تجربة اتباع نظام الصيام المتقطع، تتحدث مدربة اللياقة البدنية والرياضة آية قلاوون البالغة من العمر 23 سنة لـ«سيدتي»، فتقول إن النظام المذكور أفادها خلال الفترة الأولى من اتباعه، فقد خسرت 3 كيلوغرامات من وزنها، في غضون شهر؛ لأن الصيام المتقطع ألزمها الابتعاد عن «اللقمشة» خلال الليل وتحديد أوقات للأكل، فضلاً عن كسر جمود الروتين السابق في الأكل. لكن، في حال عدم الانتباه إلى كمّ السعرات الحرارية المتناول،لا يمكن تحقيق غاية خسارة الوزن، حتى مع اتباع الصيام المتقطع.
إلى ذلك، تلفت قلاوون إلى إن الصيام المتقطع لم يتفق مع أسلوب حياتها؛ إذ كان يجبرها على تأخير وجبة الفطور وتناول الطعام عند الظهر، فيما هي بحاجة إلى تناول الفطور الصباحي لتزويدها بالطاقة وتمكينها من التركيز في عملها الذي يبدأ في وقت مبكر من النهار.
خسرت 3 كيلوغرامات من وزني، في غضون شهر
آية قلاوون
مدربة لياقة بدنية
دراسات مؤيدة ومعارضة
نُشرت دراسة في مجلة JAMA عام 2019 حللت أحوال مجموعة مؤلفة من 100 بالغ يشكون من البدانة، فاكتشفت أن الذين اتبعوا نظام الصيام المتقطع خسروا متوسط 8 % من الوزن على مدى عام. وفي تحقيق آخر نُشر في مجلة Cell Metabolism عام 2020، بعد دراسة على 34 فرداً سليماً كشفت عن دور الصيام في أيام غير متتالية في تقليل مستويات الإنسولين بنسبة 37 %، وبالتالي تحسين حساسية الإنسولين.
في المقابل، وجدت دراسة نُشرت عام 2022 في مطبوعة Eating Behaviors العلمية بعد دراسة عينة مؤلفة من 2762 من المراهقين والشباب الكنديين أن الصيام المتقطع يقود إلى اضطرابات الأكل.
يمكنك أيضاً قراءة الصيام المتقطع مفيدٌ في شفاء الأعصاب.. وفق بحث علمي