بعد تتويج السعودية عام الإبل بـ"القصواء".. تعرفوا على أيقونة شبه الجزيرة العربية بلا منازع

المملكة تحتفي بعام الإبل
المملكة تحتفي بعام الإبل - المصدر: freepik by wirestock

تحتل الإبل مكانة خاصة ومرموقة في نفوس العرب، باعتبارها أحد أهم الموروثات الثقافية الضاربة بجذورها في عمق التاريخ الإنساني، وهذه المكانة لم تأت من فراغ، فحتى وقت قريب كان قياس عز القبيلة وشرفها وقوتها ومكانتها بعدد الإبل التي تمتلكها، فكلما كثر عددها زاد شأن القبيلة وارتفعت قيمتها وعلت مكانتها، لذلك قال النبي صل الله عليه وسلم إن "الإبل عز لأهلها"، ومن ثمّ فقد احتفى العرب بالإبل منذ فجر التاريخ وصولاً إلى وقتنا الراهن الذي تبرز فيه مكانة هذه المخلوقات الفريدة بوصفها شاهداً حياً على الأصالة ودليلاً حياً على الشموخ والفرادة، وعنصراً ثقافياً أساسياً يعكس الطابع الدينامي العريق لموروث ثقافي مذهل أثر في وجدان وحياة العرب تناقلته الأجيال جيلاً بعد جيل.

 2024 عام الإبل في السعودية

لطالما احتلت الإبل مكانة خاصة في المجتمع السعودي


لطالما احتلت الإبل مكانة خاصة في المجتمع السعودي، باعتبارها أحد أهم الموروثات الثقافية التي ارتبطت بحياة أهل الخليج منذ القدم، واهتمت بها الدولة على الصعيدين الرسمي والشعبي، ووفقاً للموقع الرسمي لوزارة الثقافة السعودية moc.gov.sa، فقد تقرر تسمية عام 2024م بـعام الإبل اعتزازاً بالقيمة الثقافية والحضارية التي تُمثلها الإبل في حياة أبناء الجزيرة العربية، وللتعريف بمكانتها في وجدان المجتمع السعودي، وبوصفها أيقونة ثقافية رئيسية وعنصراً جوهرياً من عناصر الهوية السعودية، إذ كانت هي الوسيلة لاجتياز المسافات وقطع القفار وتخطي وحشة الطريق، وبها استُفتحت القصائد، واختُتمت الحكايات، وتشكلت الصور الشاعرية، وضُربت الأمثال في رفقتها الطويلة للإنسان ووفائها الشديد له. حيث يهدف الاحتفاء بالإبل إلى ترسيخ العلاقة العميقة بين المجتمع السعودي والإبل، وتعزيز مكانتها وما تمثله من قيمة جيلاً بعد جيل، وتكريس لدورها في التطوّر الحضاري عبر رحلات الاستكشاف، وإظهار إمكاناتها الفريدة كونها عنصراً ثقافياً أساسياً من عناصر الهوية التي تميز المملكة، مما يجعلها تتبوأ مكانتها المهمّة في الثقافة السعودية.
قد ترغبون في متابعة الرابط التالي: المملكة تحتضن أول فندق للإبل على مستوى العالم

أهمية الإبل في الثقافة العربية الاسلامية

وفقاً للموقع الرسمي لوكالة الأنباء السعودية واس spa.gov.sa، كانت الإبل على مر العصور محط احترام وتقدير في الثقافة العربية، حيث تجسدت مكانتها المركزية في الأدب الجاهلي، فقد خُلّدت في الشعر العربي القديم، حيث تم الاحتفاء بطبيعتها الرفيقة وأهميتها في حياة البدو اليومية، من خلال صور بليغة واستعارات تعكس الدور الحيوي الذي لعبته في تلك البيئة القاسية، وكانت العرب تقول عن الإبل "إذا حملت ثقلت، وإذا مشت أبعدت، وإذا نحرت أشبعت، وإذا حلبت روت"، والعرب لديهم قاموس زاخر بالمفردات المتنوعة المتعلقة بالإبل، مما يعكس مدى عمق ارتباطهم بهذه الكائنات، ومع ظهور الإسلام، تعمقت مكانة الإبل في حياة العرب المسلمين، الذين اعتمدوا عليها في معيشتهم وتنقلاتهم، وتعدُّ الإبل عند العرب منذ آلاف السنين مصدر رزق ووسيلة تنقل في حلهم وترحالهم، ولسان فخر في حياتهم، وثقافة مستمدة من تاريخهم العريق، فكلمة المال إذا أُطْلِقَتْ في كلام العرب أريد بها الإبل، كما لقبت بسفينة الصحراء كونها تجوب على ظهورها الفيافي والقفار، يوجهها صاحبها بصوته كيف يشاء، ويطربها بغنائه إن غنى، ويجذبها بصوت حدائه، مستجيبة لندائه فرحةً مسرورةً، إذا صاح راعيها تجمعت حوله من أقاصي مرعاها، وكانت الإبل رفيقةً للإنسان العربي منذ القدم، فهي سفينته عبر الصحراء.

لم تكن مصدراً للعيش فقط..!

الإبل جزء لا يتجزأ من تاريخ وثقافة المملكة العربية السعودية- الصورة من حساب وزارة الثقافة على إكس


لم تكن الإبل مجرد مصدر للعيش للقبائل العربية، بل كانت أيضاً ذات دلالات ثقافية كثيرة، فقد كان يُتبع نسب الإبل عبر الأمهات حتى عشرة أجيال، وكانت تُعتبر كأوسمة شرف تحظى برعاية خاصة، وكانت الإبل الأكثر قيمة تُشَكّل بقطع آذانها كعلامة تميز، وعندما كان الأمر يتعلق بالزواج أو تسوية النزاعات، كانت الإبل تُستخدم غالباً كعملة، حيث كان المهر أو التعويض عن القتل بمئة ناقة، كما كان ذبح الإبل للضيوف يُعتبر علامة على الثراء والكرم، إلي جانب دورها فكانت هي الوسيلة لاجتياز المسافات وقطع القفار وتخطي وحشة الطريق، ومورداً اقتصادياً مهماً للكثير من مربي الإبل الذين يعتبرونها العمود الفقري لحياتهم.

الإبل جزء لا يتجزأ من تاريخ وثقافة المملكة العربية السعودية

منذ القدم ارتبط الجمل الملقب "بسفينة الصحراء" بالجزيرة العربية وإنسانها، فهو رفيق البدوي في حِلّه وترحاله، وتعد الإبل من أهم عناصر التراث الثقافي الذي أولته الدولة اهتمامها، وذلك لارتباطها بحياة الشعب السعودي، حيث ارتبط أبناء المملكة وأهل الجزيرة منذ القدم بتراثهم الذي يحرصون على الاعتزاز والفخر به، وبقائه حياً عبر العصور والحقب، وتحتل الإبل مكانة مرموقة وتُعتبر رمزاً للفخر والتقدير، فالإبل ليست مجرد حيوانات تُربى لغرض التجارة أو الزراعة، بل هي جزء من الهوية العربية وتراثها العريق، وتعتبر تربية الإبل ورعايتها تقليداً قديماً يمتد لآلاف السنين، وتُعتبر سباقات الإبل ومعارضها واحدة من أهم التقاليد الثقافية في المملكة، حيث يُظهر المربون والعشاق جمال وأداء الإبل ويتبارون في سباقات مليئة بالتشويق والإثارة.
وللتعرف أكثر إلى سباقات الإبل يمكنكم متابعة الرابط التالي: المملكة تحتضن أكبر مهرجان للإبل في العالم

حكاية (القصواء) ناقة رسول الله

وتعتبر القصواء من أشهر النوق في التاريخ، وهي ذات المكانة الأبرز في التاريخ العربي والإسلامي، فالقصواء ناقة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والتي ارتبطت بالقوة والوفاء في رحلاته، ويعتبر لفظ القصواء المقصود بها ما قطعت أذنها من النوق، وكان لها اسم آخر وهو أيضاً من الصفات كالقصواء، وهو الجدعاء والجدع هو القطع في الأنف أو الأذن أو الشفة، ومعنى كلمة قصواء في اللغة هي الناقة التي أقصاها صاحبها عن العمل والخدمة ولم يرسلها للمرعى وذلك لسمو مكانتها عنده ولكي تظل أمام عينيه لا تغيب عنها ليرعاها، ولما هاجر رسول الله مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، كان لهذه الناقة شرف حملهما إلى مهجرهما، ولما قدم الرسول الكريم إلى المدينة كان الأنصار في استقبالهما فأخذوا يتبارون في أخذ زمام هذه الناقة ليقودها كل منهم إلى داره حتى ينزل رسول الله وصاحبه في ضيافته، فقال لهم الرسول الكريم : اتركوها فإنها مأمورة، فسارت حتى وصلت دار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه فبركت، ونزل عنها الرسول وصاحبه أبو بكر، ونال أبو أيوب شرف ضيافتهما.
والقصواء كان لونها أحمر بين البياض والسواد وأقرب إلى البياض ومكان ولادتها هو مضارب بني قشير بالجزيرة العربية، ولقد اشتراها أبو بكر الصديق هي وناقة أخرى من بني قشير بثماني مائة درهم، وباع أبو بكر القصواء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت القصواء مرسلة ترعى بالبقيع.

للقصواء مكانة بارزة في التاريخ العربي والإسلامي

لقد حضرت القصواء أحداثاً مهمة في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، في غزوة بدر وتبوك وفتح مكة وصلح الحديبية، وقد خطب الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يركب على ظهر هذه الناقة وهو في حجة الوداع، وقد خطب علي ظهرها ليحاول إسماع الناس حيث كان عددهم كبيراً جداً، فهي تحتل مكانة بارزة في التاريخ العربي والإسلامي، وهذه الناقة هي نفسها التي بركت في مربد الغلامين اليتيمين، والذي اتخذ فيما بعد مكاناً لموقع المسجد النبوي الشريف الذي بني أول مرة في المكان الذي بركت فيه تلك الناقة عند قدوم الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة، وكانت عندما تدفع في سباق لا تسبقها ناقة أخرى، وتقول الروايات التاريخية إنها عاشت بعد وفاة النبي لم تحتمل فراقه وحزنت حزناً شديداً ومن شدة بكائها وحزنها على الرسول فقدت بصرها، فقام الصحابة بربط عصابة سوداء على عينيها، ولم تأكل أو تشرب مدة شهر كامل حتى ماتت وعمرها 14 سنة، ولقد جاء الاحتفاء بالناقة مع قرب نهاية العام 2024 الذي اختارته السعودية ليكون "عام الإبل".
وانطلاقاً من الاهتمام بالإبل فالمملكة فقد أطلقت مشروع هو الأول عالميا وهو: مشروع لمسح جينوم الشفرة الوراثية للإبل في السعودية