أخيراً وبعد طول انتظار، وبعد أخذ وردّ، أصدرت محكمة «فرساي» حكما ابتدائياً أقرت فيه أن Dominique Desseigne هو والد الطفلة زهرة، ابنة رشيدة داتي وزيرة العدل في فرنسا سابقاً – في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي- وكانت الوزيرة قد أثارت لغطاً كبيراً؛ بسبب ولادتها طفلة في يناير 2009 (وكانت وقتها وزيرة) من أب لم يتحدد وقتها من هو.
وبعد أن لازمت رشيدة داتي- المولودة من أم جزائرية وأب مغربي- الصمت طويلاً، حول أبي ابنتها المحتمل، رغم فضول الصحافة لمعرفته، وتركت الشائعات الكثيرة تتسرب عن آباء كثر محتملين، إلا أنها في عام 2012 تقدمت بشكوى ضد رجل أعمال فرنسي شهير وثري، هو Dominique Desseigne «دومينيك ديساني»، وطالبته بإجراء تحليل جيني؛ لإثبات أبوته لابنتها التي تحمل اسم والدتها الراحلة «زهرة»، إلا أن «هذا الأخير» أعلن على لسان محاميه أنه لن يخضع لهذا التحليل؛ معللاً رفضه بأن رشيدة داتي كانت في تلك الفترة قد عاشرت ثمانية رجال، وكانت لها معهم علاقات حميمة في الوقت نفسه، ومن بينهم -حسب المحامي: صحافي شهير بالتلفزيون، وزير، رئيس حكومة في إسبانيا، أحد إخوة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وآخرون.
وبعد مداولات ومرافعات، أصدرت المحكمة حكمها بأن رجل الأعمال الثري هو أبو الطفلة زهرة، إذ إنّ رفض الرجل الخضوع إلى التحليل الجيني كان قرينة ضده، والقانون ينصّ على أن من يرفض إجراء التحليل هو اعتراف ضمني بالأبوة. كما حكمت المحكمة على رجل الأعمال الثري بدفع نفقة شهرية لابنته قدرها 2500 يورو، علماً بأن رشيدة داتي طالبت عبر محاميها بستة آلاف يورو نفقة لابنتها من أبيها. وقد استأنف رجل الأعمال الحكم.
ويعد دومينيك ديساني (68 عاماً) أحد أكبر أثرياء فرنسا، وهو سليل أسرة غنية، ويملك سلسلة من أرقى وأفخم الفنادق، وسلسلة من الكازينوهات والمطاعم الفاخرة، من أشهرها مطعم «فوكاتس» في شارع «الشانزليزيه» بباريس.
امرأة تخرج عن المألوف
ورشيدة داتي - ومنذ توليها وزارة العدل في أول حكومة كوّنها نيكولا ساركوزي بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية- كانت دائماً تثير اهتمام الإعلام بشخصيتها ومواقفها ولباسها وتصريحاتها، بل ألفت عنها العديد من الكتب، وهناك شبه إجماع بأنها امرأة انتهازية؛ لا تتأخر عن اتباع أي وسيلة للوصول إلى تحقيق أهدافها الشخصية والمهنية، وبرغم ذكائها ومستواها التعليمي (مهنتها الأصلية قاضية)، إلا أنها اعتمدت دائماً على العلاقات؛ للوصول إلى أرقى المناصب وأعلاها، حتى قيل إنها كانت عشيقة للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي نفسه. ورشيدة داتي هي ابنة أسرة مهاجرة متواضعة، فوالدها بنّاء، وأمها ربة بيت.
وقد بلغت -عندما كانت وزيرة- 42 عاماً، ولكنها لم تكن أماً، وسبق أن تزوجت في شبابها من قريب لأمها، وسرعان ما طلقت، ولم تتزوج بعده، بل كانت لها علاقات كثيرة خارج مؤسسة الزواج. ولا شك أنها سعت، من دون أن تخبر عشيقها، بأن تحمل منه.
اللافت أن شقيق رشيدة داتي- الذي كان في السجن بسبب اتجاره في المخدرات- قد ألف كتاباً شتم فيه شقيقته، واتهمها بأنها تنكرت لأسرتها، وأنها امرأة أنانية تخلت عن كل تقاليد الأسرة العربية المسلمة، وأن والدها لم يعد -ولمدة طويلة- يتحدّث إليها، بعد أن أنجبت طفلة من رجل لا تربطها به علاقة زواج.
علماً بأنها لمّا كانت وزيرة للعدل لم تتدخّل لمساعدة شقيقها الذي كان قابعاً وقتها في السجن. ورشيدة داتي هي اليوم نائبة في البرلمان الأوروبي، ولا تزال ناشطة في الحياة السياسية الفرنسية، وترأس دائرة بلدية في باريس.