أنا أريد أن أصبح طبيباً، وأنا أريد أن أصبح مهندساً مثل والدي، وأنا أريد أن أمتهن المحاماة... هذه هي الإجابات الطبيعية التي ستحصل عليها لو فكرت يوماً أن تسأل مجموعة من الأطفال عن أحلامهم المستقبلية المتعلقة بالعمل، من دون شك هي إجابات قريبة جداً تتناول المهن الراقية التي يحلم الكثير بامتهانها عند الكبر، كالتي ذكرناها أو غيرها من المهن المعروفة، بصرف النظر عن مردود هذه المهن المادي، والذي قد يقلّ أحياناً عن المردود الذي يحصل عليه أصحاب بعض المهن المغمورة، التي لا يظن أحد أنّ أصحابها قد يثمرون أكبر بكثير مما يجنيه أصحاب المهن العليا، أو أصحاب التحصيل العلمي والجامعي المرتفع.
مهن عادية أو أقل قد يرفض الكثيرون العمل بها؛ لما يتصف بعضها به من خطورة، أو من مستوى منخفض في بعض المجتمعات، وقد تأخذك الشفقة أحياناً ببعضهم؛ ظناً منك بأنهم من أصحاب المهن الشاقة التي ليس لها مدخول مادي، في حين أنهم ربما يحصلون على أضعاف ما تحصل عليه أنت مادياً، على الرغم من طبيعة العمل الذي يقومون به.
ومن هذه المهن ذات الرواتب المذهلة، جمعنا لكم ما يأتي:
نجار بنصف مليون دولار سنويّاً
ليس هناك شك أنك -أنت أو غيرك- لم تحلم يوماً بأن تكون نجاراً، فمن المعروف أنها مهنة شاقة جداً، وليست من المهن ذات المردود المالي الكبير، ولكن هل ستغير تفكيرك يوماً لو علمت أنّ دخلك السنوي قد يكون أربعة أو خمسة أضعاف دخل الطبيب مثلاً؟! ففي الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً في ولاية نيويورك، يقول مغني الأوبرا «ديفيد لي»: إنّ أقل راتب قد يحصل عليه نجار مسرحي في نيويورك هو ثلاثمائة ألف دولار سنوياً، وأنّ أقل أجر لخبير الأعمدة المسرحية هو أربعمائة ألف دولار أميركي. وأضاف أنّ الأجر السنوي الذي يحصل عليه كبير النجارين في مسرح «ميتروبوليتان» الشهير، على سبيل المثال، هو خمسمائة ألف دولار، وهو أجر مرتفع جداً قد يتجاوز أجور كل العاملين في المسرح أحياناً، والغريب أنّ النجار شخصية غير معروفة ولا تخطر ببال الكثيرين من رواد المسرح، بل إنّ البعض ينظر إليه بعين الشفقة؛ كونه شخصاً يعمل في الظل ولا يعرفه أحد، على عكس أغلب العاملين الذين تحيط بهم الأضواء ويلاحقهم المعجبون.
منزّه كلاب بـ96 ألف دولار
مهنة تنزيه الكلاب في الولايات المتحدة كغيرها في الدول الأخرى، خاصة الأوروبية، فهي مهنة ليست نقابية، وبالتالي فهي غير محمية ولا تخضع للضرائب، وبرغم ذلك فربما هي من المهن التي تدرّ ربحاً كبيراً في بعض المناطق، على عكس ما يظن الكثيرون، السيد والسيدة «بودمان» يقولان: إنّ هناك من يقوم بأخذ كلبنا للنزهة مرتين بالأسبوع، ولمدة ثلاث ساعات في كل مرة، وأنّ هذا الشخص لا يحصل على الكثير من المال نظير ما يقوم به من مجهود، فهو شخص لطيف ويعامل الكلاب معاملة جيدة، وأنّ الكلاب نفسها تحب الخروج بصحبته، وهما بالتالي يثقان فيه، ويشعران بأنّ كلبهم بأمان ما دام هو معه، وبرغم ذلك فهو لا يحصل إلا على 25 دولاراً فقط في المرة الواحدة، وبحسبة بسيطة ولو افترضنا أنّ منزّه الكلاب هذا يعمل لمدة ثماني ساعات يوميّاً، وأنه يقوم بتنزيه ثمانية كلاب دفعة واحدة في كل مرة، وهو المتعارف عليه، فإننا سنجد أنه لو عمل لمدة ستة أيام في الأسبوع فإنه سيحصل على ما يقارب الـ96 ألف دولار في السنة من دون ضرائب، باعتبارها مهنة ليست نقابية كأجر على العمل البسيط، الذي لا يتطلب منه سوى التنزه مع الكلاب، والمشي من دون فعل أي شيء، وربما الجلوس أحياناً بجانب تلك الكلاب والقراءة، أو التحدث بالهاتف، أو ممارسة الألعاب الإلكترونية، أو مجالسة بعض الأصدقاء في أماكن التنزه.
عامل مصعد وقائد رافعة بنصف مليون دولار سنوياً
قد يظن البعض أنّ من أبسط المهن في مواقع البناء هي مهنة عامل المصعد، وهذا صحيح إلى حد كبير، فهذا العامل هو من أقل الموجودين بالموقع خبرة في العمل، ولا تحتاج منه الأمور سوى فتح الباب والضغط على زر الطابق المطلوب لإيصال الركاب، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أنّ هذا المصعد؛ أي مصعد البناء، هو مصعد خارجي يثبت على سكة على جانب البناء؛ لنقل البضائع بالدرجة الأولى وتوزيعها على الأدوار، وبالتالي فإنّ احتياطات الأمان فيه قليلة جداً، وتكاد تكون معدومة، بعكس مصعد الركاب العادي، وهو الأمر الذي يجعل من عامل المصعد في هذه الحالة واحداً من الذين يحصلون على أعلى الرواتب في موقع البناء، والذي قد يصل إلى نصف مليون دولار سنويّاً، برغم عدم وجود مجهود يذكر مقارنة بالعاملين بالموقع، أو حتى المدراء والمهندسين والمشرفين، وفي المكان نفسه؛ أي في مواقع البناء، هناك من يناهز هذا العامل في الدخل والأجر، وهو قائد الرافعة البرجية، وهو الشخص الذي يقود الرافعة التي تكون عبارة عن برج حديدي أصفر اللون في أغلب الأحيان، ومرتفع بشكل يتجاوز البناء نفسه مهما كان ارتفاعه، والقائد يجلس في أعلى البرج، وهو الأمر الذي يعرّضه للكثير من المخاطرة التي تستوجب رفع أجره لمستويات تتشابه فيها مع عامل المصعد.. وبالتالي وبرغم بساطة المهنتين السابقتين من وجهة نظر الكثيرين، فإنّ أصحابها يحصلون على أضعاف ما قد يحصل عليه مديروهم.
عامل تنظيف المسبح بـ120 ألف دولار سنويّاً
عامل تنظيف المسبح هو الشخص الذي يقوم بتنظيف المسبح وتعقيم المياه وتغيير ومتابعة الفلاتر، وهو أمر لا يتطلب الكثير من الخبرة أو المجهود، كحال المهن السابقة، ولا يستوجب مكثه في المكان الواحد أكثر من نصف ساعة، على أقل تقدير، خاصة إذا ما كانت المتابعة دورية لمرة أو مرتين في الأسبوع، ولكن ماذا لو علمنا أنّ هذا الشخص أو العامل يحصل على 40 دولاراً في الزيارة الواحدة، فأحد عمال السباحة قال إنه يقوم باليوم بزيارة أكثر من عشرة مسابح، وأنه يحصل على 40 دولاراً في الزيارة الواحدة غير البقشيش، وأنه في ستة أشهر فقط استطاع جمع أكثر من ستين ألف دولار؛ بمعدل ثلاثة آلاف دولار في الأسبوع الواحد؛ أي أنه يستطيع جني 120 ألفاً في السنة لو استمر العمل بنفس الوتيرة، مما يضعه أيضاً في خانة المهن البسيطة ذات الأجور المذهلة، والتي لا تحتاج لأي مؤهلات سوى القليل من التدريب أو الخبرة العملية، التي استطاع صديقنا الحصول عليها بمرافقته لأحد أقاربه الذي يعمل بنفس المهنة لمدة أسبوعين فقط؛ لينتقل بعدها للعمل بمفرده، خاصة أنه يملك سيارة خاصة به.
مصفف الشعر في الهند يتجاوز مهندس الكمبيوتر
ذهلت «غوسكوندا» مهندسة الكمبيوتر الهندية؛ عندما علمت أنّ مصفف شعرها يجني أكثر مما تجنيه هي من عملها في برمجة الكمبيوتر بكثير، وأنه -أي المصفف- (مع أنه ليس خبيراً أو ذائع الصيت)، يحصل على ما بين 90 و100 ألف روبية هندية شهريّاً، فيما يرتفع أجره ليتجاوز الـ30 ألف روبية باليوم الواحد في المناسبات والأعياد والمواسم، التي تقبل السيدات فيها على تصفيف الشعر بكثرة، وهو الأمر الذي أصابها بالإحباط وضرب بأحلامها عرض الحائط، بعد أن كانت تظن أنها وبتحصيلها الجامعي ستكون من النخبة، وستحصل على كل ما تمنته في السابق، لتكتشف أنّ هذا المصفف الذي لم يدخل الجامعة، يحصل على أكثر من ضعف ما تحصل عليه هي، بعد أن قضت خمس سنوات في جامعة تبعد عن قريتها أكثر من 120 كيلومتراً، كانت تقطعها يوميّاً ذهاباً وإياباً.