لم يعد غريباً أن نسمع عن نساء ينتظرن مولوداً جديداً رغم تجاوزهنّ العقد الرابع من العمر. وهنا يرتفع تحذير الأطباء من خطورة الحمل والإنجاب المتأخر على المرأة، وزيادة احتمالية إنجاب أطفال مصابين بتشوهات خَلْقية، أو إصابتها ببعض الأمراض المزمنة؛ كالسكري وارتفاع ضغط الدم. لكن، ماذا عن السيدات اللواتي حالت الظروف بينهن وبين الإنجاب في الوقت الصحيح، هل يُحْرَمْنَ من الأمومة أم هناك استثناءات؟
التقت «سيدتي» بعض النساء اللواتي أقدمن على خطوة الإنجاب بعد الأربعين؛ للتعرف على الأسباب الكامنة وراءها.
أركض خلف أطفال الأنابيب
تقول لوجينا فرحات: «الأمومة حلم لا يعترف بالعمر؛ فعندما تزوجت كان عمري 32 عاماً، وحينها قررت وزوجي تأجيل الإنجاب لسنتين. وبعدها، اكتشفنا أن هناك بعض المشاكل التي تعيق ذلك، فواصلنا رحلة علاجنا لمدة ثماني سنوات، ولكن حلم الأمومة جعلني أركض وراء عمليات أطفال الأنابيب؛ لأنجب ولو طفلاً واحداً».
أم البنات
وتذكر راضية نور الدين: «تزوجت وعمري 20 عاماً، ورُزقنا بأول ابنة لنا، ثم بأخرى، فدفعني زوجي الذي كان ينظر مولوداً ذكراً لتكرار الحمل مرة ثالثة ورابعة وخامسة، وكانت جميعها بنات. لكن زوجي تمسك بإنجاب الولد، فأجرينا عملية أطفال أنابيب ورزقنا بذكر وعمري تعدّى الأربعين».
خجلتُ من نفسي
وتروي سوزان جورج: «رُزقت بطفلتين توأمين وكان عمري 25 عاماً، وقررت الاكتفاء بهما. ولكن بعد أن تخطيت 42 عاماً اكتشفت أنني حامل، ما أشعرني بخجل شديد، فابنتايَ أصبحتا شابَّتين. وشعرت بأن الخبر ترك أثراً سيئاً عليهما، ولكن بمجرد ولادتي تعاملتا مع شقيقهما وكأنه ابنهما».
سأتركه وحيداً
أما عربي محمد، فيقول: «تزوجت بعد أن تجاوزي سن الأربعين، وكانت زوجتي في نفس عمري تقريباً، ورُزقنا بأول طفل بعد عام من زواجنا. وبعد عشر سنوات من الإنجاب الأول، رُزقنا بالثاني، وقد تعرضنا لمواقف شديدة الإحراج، إضافةً إلى ما يقال لي إنني سأتركه وحيداً في الدنيا، إذ إن (أبناء الشيّب يتامى)».
أصبح فاكهة البيت
وتروي سناء يوسف قصتها: «رزقت بثلاثة أطفال في بداية زواجي، واكتفينا بهم. وبعد 15عاماً، اكتشفت أني حامل، وكنت في منتصف الأربعينيات. وقد سبب لي هذا الأمر حرجاً، كما لاحظت امتعاض ابني الأكبر الذي كان في المرحلة الجامعية، لكن بمجرد قدوم المولود الجديد أصبح فاكهة البيت والأقرب إلى قلوب الجميع».
«ونيس» في الكبر
ويقول حسين علاء الدين: «عندما أنجبتني والدتي كان فارق العمر بيني وبين شقيقتي الكبرى يتجاوز 15 عاماً؛ ما جعلني أشعر أن لدي أكثر من أُمّ. وأصبحت المؤنس الأول لوالدتي وسندها في أيام كبرها، وخاصة بعد وفاة والدي».
على الآباء التفكير أكثر
يؤكد الدكتور جاسم المرزوقي استشاري الإرشاد النفسي والتربوي، أن إنجاب النساء في سن متأخر له أسباب عديدة؛ كارتفاع سن زواج الفتيات، واهتمام المرأة بعملها وطموحها العلمي. وينصح المرزوقي الذين يفكرون في الإنجاب، بدراسة الموضوع أكثر من مرة، ومراعاة الحالة الصحية للمرأة.
الأخت الكبرى أمّ بديلة
يوضح الدكتور داود ماهر، أستاذ علم النفس والخبير التربوي في جامعة عجمان، أن الطفل الذي تنجبه المرأة في عمر متأخر غالباً ما يصبح طفلاً مدللاً؛ ما ينعكس سلباً على سلوكياته. لافتاً إلى أن هذا الطفل يميل، عموماً، إلى أخته الكبرى التي تتقاسم مع الأم مسؤولية تربيته، ويعتبرها بديلاً لأمه.
تشوُّهات خَلْقية
ويشدد الدكتور منصور أنور طبيب الأسرة في دبي، على أن الإنجاب المتأخر له سلبياته؛ فالدراسات العلمية توضح أن المرأة عند إنجابها وعمرها يتجاوز الأربعين عاماً تزداد نسبة التشوهات الخلقية عند المواليد، كما يمكن أن تواجه الحامل خطورة الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأيضاً سكري الحمل وتسمم الحمل.
لا مانع من الحمل المتأخر
أما الدكتورة داليا فريد اختصاصية النساء والتوليد، فتقول: «يجب ألاّ تخاف النساء من الحمل في عمر متقدم؛ لأن لكل حالة ظروفها، ولكن يجب أن نوليها عناية خاصة، لذلك عليها أن تظل تحت الملاحظة أكثر من الحوامل صغيرات السن، وإجراء الفحوصات الدورية؛ للتأكد من سلامة الجنين من التشوهات، ومراقبة الضغط والسكر في الدم».