جمعهما حب المغامرة، كما جمعتهما صلة القرابة والهوايات المشتركة.. اتفقتا على نشر ثقافة الإمارات ورفع علمها في أكثر مناطق العالم بعداً عن الحضارة، فقررتا تحدي الصعاب، وإثبات أن الفتاة قادرة على تذليل العقبات، فسجل لهما التاريخ تجربتهما؛ كأول سيدتين إماراتيتين تجوبان أدغال القارة الإفريقية، وتستكشفان القبيلة التي صنفتها اليونسكو بأنها من أكثر القبائل بدائية على وجه الأرض.. إنهما هدى زويد وميثاء مبارك اللتان لخّصتا مغامرتهما في حوار خاص لـ«سيدتي».
هدى.. من الفنون إلى الاستكشاف
تمتلك هدى زويد العديد من الهوايات؛ كالقراءة، والطهي، فضلاً عن السباحة والجري، حيث تشارك في العديد من الماراثونات داخل الدولة، كما تمارس فن النحت و«الديكوباج». غير أنها عندما زارت مهرجان الرحّالة العالمي، فكرت في خوض التجربة، فقدم لها عميد رحّالة الإمارات عوض بن مجرن رئيس المهرجان، والرحّالة العالمي سعيد المعمري، يد العون للقيام للرحلة.
ميثاء وروح المغامرة
أما ميثاء مبارك، فلم تكن بعيدة عن عالم المغامرة، خاصة وهي مؤسِّسة ورئيسة فريق «ون دبي ون» للنشاطات الاجتماعية والرياضية والتطوعية والمغامرات والدراجات النارية. وعن سرّ الإصرار والتحدي الذي دفعها وزميلتها هدى لخوض هذه المغامرة، ألمحت إلى أن رغبتهما في أن تكونا سبّاقتين في هذا الميدان، وحبهما للرقم واحد، حرَّك روح المغامرة فيهما.
التحضير للرحلة
وعن استعدادهما للرحلة، أشارت هدى إلى أنهما بدأتا بتحضير الاحتياجات التي تتطلبها مغامرتهما، وكانت عبارة عن معدات تخييم، ومواد استهلاكية، وبعض الهدايا التذكارية؛ كالزي الشعبي لزعيم القبيلة وزوجته وأطفاله وبعض الألعاب. ثم انطلقتا بعدها من دبي إلى العاصمة الإثيوبية «أديس أبابا»، ومنها إلى مدينة «جينكا» التي تبعد عن القبيلة نحو 300 كيلومتر.. وبعد يومين وصلتا بأمان إلى أرض القبيلة مع وجود مترجم يتكلم لغة أفراد «المورسي»، ومتابعة فريق رحّالة الإمارات.
التقرُّب من الأهالي
وتصفُ هدى شعورهما عند الوصول بأن حالة من الفرحة والإحساس بالنصر والنجاح انتابتهما؛ مشيرةً إلى أن اللحظات الأولى لوصولهما كان يسودها نوع من الترقُّب، إذ رغم معرفة أفراد القبيلة بزيارتهما لهم مسبقاً، لكنهم كانوا يعتبرون الغرباء نذير شؤم! فحاولتا التقرُّب من الأهالي، حيث وزَّعتا الحلوى والتمور على الأطفال، فشعروا بالودّ، وبدأت خشيتهم تقل تدريجياً. وبعدها، قامتا بعرض فيلم يروي تاريخ الإمارات منذ بداياتها إلى حتى الآن.
مواجهة الصعوبات
وعن سبب اختيارهما لهذه القبيلة تحديداً، تلمح ميثاء إلى أن قبيلة (المورسي) الإثيوبية مصنَّفة بأنها من أكثر القبائل بدائية في العالم؛ حيث تتميز بعاداتها وتقاليدها الغريبة! مؤكدةً أن البعثات العلمية لا تزال تتوافد على الجنوب الإثيوبي؛ لدراسة سلوك تلك القبائل التي ترفض الحياة المدنية بشدة. وعن الصعوبات التي واجهتهما أثناء الرحلة، تشير ميثاء إلى أن الرحلة كانت تحفّها المخاطر؛ لصعوبة التعامل مع القبائل؛ بسبب عاداتهم الشرسة.
طهي ولعب وحناء
ذكريات كثيرة لا تزال عالقة في ذهن هدى، تجعلها تحنّ دوماً للعودة إلى أرض (المورسي)؛ كانتظار أطفال القبيلة كل صباح بجانب الخيمة التي تقيم فيها مع ميثاء؛ لتناول وجبة الإفطار التي كانتا تعدّانها من أطباق إماراتية تراثية. وبعد فترة الظهيرة كانتا تلعبان مع الصغار ألعاباً شعبية إماراتية؛ كالصقلة والكرابي، وكان تفاعلهم معهما كبيراً.
أما ميثاء فلن تنسى تلك الأيام، حيث روت لنا كيف كانت وهدى تستيقظان مبكراً بعد صلاة الفجر، للتعرف على عاداتهم في الأكل وطريقة طبخ النساء.. ولإدخال البهجة في نفوسهم قامتا ببعض الفعاليات؛ كنقش الحناء على أيدي الأطفال والنساء، فضلاً عن توزيعهما الملابس التراثية الإماراتية على أفراد القبيلة.
زينة مؤلمة وغريبة
كانت عادات نساء القبيلة في التزيّن غريبة، وأكثر ما أثار الرحّالتين، كما وصفت هدى، هو وضع لوح خشب أو فخار في شفاههن السفلية عند بلوغ البنت 14 سنة، حيث يقمن بشقّها، وتركيب قطعة خشبية صغيرة فيها حتى يلتئم الجرح، ثم يتم وضع قطع أكبر فأكبر على مراحل زمنية، فكلما كبر حجم اللوح كان مهرها من البقر والقطيع أكبر. أما الأمر الأشد إيلاماً، فقد كان إزالة أسنانهن الأمامية من الأسفل؛ لتفادي احتكاكها باللوح.
توثيق حياة القبائل
في نهاية لقائنا، أكدت الرحّالتان الشابتان أنهما تعلمتا العديد من المهارات، وتمكنتا من استكشاف وتوثيق حياة نموذج من القبائل البدائية وتقديمها للعالم؛ قبيلة ما زالت تمارس طقوساً بدائية تماماً رغم كل التطور التكنولوجي في العالم. وكانت سعادة هدى وميثاء لا توصف؛ بحصولهما على لقب أول رحّالتين إماراتيتين، حيث سجلت هذه الرحلة التاريخية أول حضور للمرأة الإماراتية في منطقة (وادي أومو) القبلية.