متى أنشىء المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل، وما دوره لنشر الثقافة الإسلامية والعربية؟
المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل هو تجمع مستقل، يضم علماء ومشايخ ودعاة أهل السنة والجماعة المحليين، أو مبتعثين من وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في الأقطار الإسلامية لرعاية الجالية المسلمة في البرازيل، وتم تأسيسه في 3/6/2005م بحضور 40 شيخاً وداعية من جميع الولايات البرازيلية، وقاموا بوضع النظام الأساسي للمجلس، ومقره مدينة ساو باولو، ويسعى المجلس لنشر الثقافة الإسلامية عن طريق المحاضرات، والندوات التي يقيمها وسط أبناء الجالية. ويساعد في ترجمة واعتماد بعض الكتب إلى اللغة البرتغالية، التي تهتم بالتعريف بمبادئ الإسلام والحضارة الإسلامية، وكذلك من خلال المشاركة في المخيمات الشبابية بغرض تثقيف الشباب المسلم، وبعض أعضاء المجلس يقومون بتدريس اللغة العربية في بعض المدارس الإسلامية أو الجامعات البرازيلية، أو من خلال الدورات التي يعطونها مجاناً لأبناء الجالية أو للشعب البرازيلي.
لا ممارسات عنصرية
ما الصعوبات التي تواجهكم خلال أداء رسالتكم بالتعريف بالإسلام واللغة العربية؟
تتمثل الصعوبات التي تواجه المجلس في عدم وجود متفرغين لتعليم اللغة العربية والدين الإسلامي، ومعظم المشايخ يقومون بتعليم اللغة العربية تطوعاً، وكذلك قلة الكتب والبرامج الموجهة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ويمثل قلة عدد الدعاة العاملين على الساحة عائقاً كبيراً، ففي الوقت الذي يوجد فيه 100 مسجد ومصلى تنتشر على مساحة البرازيل الكبيرة، لا يوجد سوى 45 شيخاً وداعية.
هل تواجهون كمسلمين وعرب نوعاً من أنواع الممارسات العنصرية في البرازيل؟
تعد البرازيل أعظم دولة في مجال التعايش السلمي بين طوائفها المختلفة، والممارسات العنصرية تكاد تكون منعدمة، والبرازيليون شعب متسامح ويتصف بالطيبة والتواضع والبشاشة والمرح، وقد سنت الحكومة البرازيلية قوانين صارمة؛ للتعامل مع أي نوع من أنواع التمييز العنصري بسبب الجنس أو اللون أو الدين والمعتقد، نضيف إلى ذلك أنّ الشعب البرازيلي لا توجد له أي حروب سابقة مع العالم الإسلامي، ولم تتورط حكومته في غزو البلاد الإسلامية، أو المساعدة في أي ظلم يقع على العالم الإسلامي، والمنحدرون من أصول عربية يمثلون %6 من مجموع الشعب البرازيلي، ويحظون باحترام طوائف الشعب المختلفة نظراً لمساهمتهم في نهضة البرازيل على مختلف المستويات، والمسلم يؤدي شعائر دينه بحرية تامة دون أي ضغوط من الدولة، والحجاب ظاهرة معترف بها من قبل الحكومة، وهناك قانون يسمح للمرأة المحجبة بوضع صورتها بالحجاب على الوثائق الرسمية من هوية وجواز سفر، والدولة تمنح الأرض مجاناً لأي مؤسسة، تريد إقامة مشروع مسجد أو مدرسة أو مركز ثقافي، وقد أصدر رئيس الجمهورية البرازيلية السابق «لولا» قانوناً جمهورياً باعتبار يوم 25 مارس من كل عام يوماً قومياً لتكريم الجالية العربية، كما شرّع برلمان ولاية «ساو باولو» كبرى ولايات البرازيل وأكثرها سكاناً، حيث يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة، قانوناً باعتبار يوم 12 مايو من كل عام يوماً لتكريم الدين الإسلامي، ونفس البرلمان سن قانوناً باعتبار يوم 29 نوفمبر من كل عام يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
كيف تعلق على مفهوم «الإسلاموفوبيا» المنتشر في أوروبا وأمريكا؟
الدول الأوروبية تنطلق في خوفها من الإسلام أو العالم الإسلامي من مخزون ثقافي، يعود لفترة الحروب الصليبية، وقد أكد هذا الخوف بعض الممارسات الإرهابية لبعض الشباب الذين يلصقون هذه الممارسات بالدين الإسلامي، وقد ساعد على ذلك حالة الاحتقان الشديد في العالم الإسلامي، والظلم الواقع على بعض الجماعات الإسلامية، يضاف إلى ذلك تحذير بعض المسؤولين في البلدان الإسلامية من خطر الأصولية الإسلامية، هذه الظروف مجتمعة خلقت نوعاً من الرعب غير المبرر من الإسلام والمسلمين، والواجب هو أن يكون هناك عمل مشترك لإزالة هذا الخوف، من خلال الحوار والبرامج التي تزيد الثقة بين الشعوب المختلفة.
فقه الأقليات المسلمة
هل تعتقد أن هناك إسلاماً أوروبياً، وآخر عربياً، أو برازيلياً، مثلاً؟
الإسلام واحد لا يتعدد من حيث الأصول المتفق عليها بين علماء المسلمين، هذه الأصول لا تتغير بتغير الزمان والمكان، وهناك أمور فقهية فرعية تتغير بتغير الزمان والمكان، وهو ما يسمى بفقه الواقع أو فقه الأقليات المسلمة، وهو يهتم بالأمور المستجدة التي تواجه المسلمين في البلاد غير المسلمة، ولذلك تم إنشاء مجامع فقهية تهتم بهذه المسائل، وبوضع الجاليات المسلمة في أماكن تواجدها المختلفة، مثل مجلس الإفتاء الأوروبي، ومجمع فقهاء الشريعة في أمريكا، ونحن نسعى لإقامة مجلس الفتوى البرازيلي، والذي سيكون تابعاً للمجلس.
هل هناك هجرات من شباب عربي مسلم إلى البرازيل؟
نعم، تزايدت هجرة الشباب العربي المسلم للبرازيل في الآونة الأخيرة، ويعود ذلك لضيق الأحوال المعيشية في البلاد العربية والإسلامية، وصعوبة الوصول للدول الأوروبية للعمل هناك.
كيف تقيّم تجربة حوار الأديان التي تقام بين الحين والآخر، وهل تشارك فيها؟
الحوار بين أتباع الديانات المختلفة أمر مهم، ونحن نشارك في بعض هذه الحوارات، ومفهوم الحوار هو إمكانية التعاون في بعض الأمور المتفق عليها، والمساهمة في نهضة المجتمعات التي نعيش فيها، وإشاعة مفهوم التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين أتباع الديانات المختلفة، غير أني لا أشارك في بعض الحوارات إذا كان المقصود منها تحقيق بعض المكاسب السياسية.
هل تتلقون الدعم من دول عربية وإسلامية؟
المجلس مؤسسة جديدة، وبدأ في التواصل مع الدول العربية والإسلامية، وقد حصل على وعود من هذه الدول بدعم الأنشطة المختلفة للمجلس، من خلال اعتماد بعض المدرسين؛ لتدريس اللغة العربية لأبناء الجالية، وكذلك اعتماد بعض الدعاة للعمل في المساجد الشاغرة، وإعطاء بعض المنح الدراسية لأبناء المسلمين؛ لدراسة تعاليم الدين الإسلامي في الجامعات الإسلامية، والمساهمة في إقامة دورات تأهيلية لمشايخ ودعاة البرازيل.
هل تختلف الجنسيات التي تضمها إدارة المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل؟
معظم أعضاء مجلس إدارة المجلس يحملون الجنسية البرازيلية، وهم يعودون في الأصل لجنسيات عربية مختلفة، حيث لا يوجد لدينا سوى شيخ برازيلي واحد تخرج هذا العام في المملكة العربية السعودية، ونطمح في المستقبل أن يزداد عدد الدعاة من أبناء الشعب البرازيلي؛ لأنّ هذا سيكون نقلة نوعية تساهم في نشر الإسلام داخل البرازيل.
كلمة أو رسالة.. لمن توجهها؟
ختاماً، أتقدم بالشكر الجزيل لمجلة «سيدتي» على إتاحة هذه الفرصة للتواصل مع أهلنا في المشرق، ونطمح أن تصل رسالتنا لكل مهتم بوضع وأحوال الأقليات المسلمة في العالم، ونتمنى أن يترجم هذا التواصل من خلال مشاريع تمكن المسلمين من المحافظة على هويتهم الإسلامية وتثبيتهم لتوريث هذه العقيدة لأبنائهم، والاستمرار في التواصل مع العالم الإسلامي