لماذا جعلت من كل سفر رحيلا إليك؟ كيف استطعت أن تجعلي من الألحان نداء يشابه صوتك؟ ماذا عملت في الكلمات التي أصبحت كل حروفها تردد اسمك؟ ما عاد السفر يسعدني. كل خطوة أمشيها في الاتجاه البعيد تقربني إليك أكثر. كل الوجوه التي التقيها هي خطوط صماء تفتقد الروح والملامح. حتى المدن ارتبكت وأصبحت مجرد أشكال خراسانية. العالم لم يكن أبدا كيفما يكون، بل هو في الحقيقة كيف نراه.
في البعد أحاول أن أعيد رسم الأشياء، أجتهد في قراءة واقعي ومستقبلي. أستعين بالمنطق الذي يهذب الجموح، والاعتدال الذي يلجم التهور. واكتشف بعدها أن الحقائق تفرض نفسها مهما كانت الوسائل. ومهما حاولنا أن نستعين بعبارات جديدة. فأنت وحدك التي تصنعين الفرق. أصل يصعب استنساخه، واستثناء يستحيل تكراره. فعندما تبعد المسافة أعود إلى الماضي لأستعيد الصور، وأسترجع الكلمات. أكتشف كم كانت الأشياء جميلة، وكم كنت دائما محظوظا. في البعد تترسخ الحقائق أكثر، فما كنا نعتقده احتمالا يصبح حاسما. وما كنا نظنه وهما يصبح حقيقة.
وأنا أدركت الحقائق تماما. أجمل الأشياء هي التي نمتلكها. وأن المحيط الآخر هوامش مكانية، ليس لها أي تأثير. وجودك في حياتي منح الكون بعدا آخر لم أكتشفه من قبل. أعطاني الإحساس بقيمة اللحظة وأهميتها. فكل ساعة من العمر تصبح ناقصة إن لم تكوني أنت فيها. وأي دقيقة أنت فيها هي عمر بكامله.
أعود إليك وفي القلب فيض من الحنان لا ينتهي، وشوق يتجاوز مساحة الكلمات. ويقين بأن المستقبل أجمل، وأن أفضل الأيام هي التي لم تأت بعد، وأسعد اللحظات هي التي سوف نحتضنها سويا في الغد. اليوم الثامن:
كل ساعة من العمر لم تشاركني تفاصيلها
هي زمن مختطف أريد أن أستعيده معك