تدندنُ الموسيقى على أحاسيسِ الإنسانِ، فتحرِّرُ مشاعرَه، وتُعبِّر عن ذاتِه. قد تُصاحبها كلماتٌ، فتلمسُ الأعماقَ، وقد تُبحِرُ وحدها، فتصلُ مراسي، لم تصل إليها غيرها من الفنون. يقولُ الكاتبُ الفرنسي فيكتور هوجو: "تُعبِّر الموسيقى عمَّا لا يمكن قولُه، وما لا يمكن السكوتُ عنه".
كان لي، قبل أيامٍ، شرفُ حضورِ "سيمفونيَّة الأمل" التي أقيمت تحت سماءِ الرياض، العاصمةِ السعوديَّة، برعايةٍ من
الأميرِ بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، وزيرِ الثقافة، ضمن حفلٍ ثقافي خيري، نظَّمته جمعيَّةُ السلياك للتوعيةِ بالمرض. ألهمتني كلمةُ رئيسِ مجلسِ إدارةِ جمعيَّة السلياك الأميرة الدكتورة مشاعل بنت محمد بن سعود
آل سعود حينما وصفت الأمسيةَ بأنها استثنائيَّةٌ في أبعادها الثقافيَّةِ والإنسانيَّةِ والحضاريَّةِ، وذكرت أن الحفلَ جمعَ الثقافةَ بالخيرِ، ومزجَ النيَّة بالهدفِ.
الحفلُ أحيته الأيقونةُ الأوبراليَّةُ العربيَّةُ الدكتورة هبة القوَّاس، رئيسةُ المعهدِ الوطني العالي للموسيقى في لبنان، فحلَّق أداؤها السامي بالحاضرين إلى آفاقٍ بعيدةٍ، وأبرزَ خدمةَ الموسيقى للخيرِ، ودورَها الكبيرَ في إعمارِ الحضارات.
نربطُ في عددنا هذا بين الموسيقى، والجوانبِ الإبداعيَّةِ والإنسانيَّةِ في الحياةِ عبر موضوعاتٍ منوَّعةٍ حيث أعددنا ملفاً عن الموسيقى التصويريَّة التي تعدُّ عنصراً جوهرياً في صناعةِ الأفلامِ، إذ تروي المشهدَ السينمائي، وتُعبِّر عن خفاياه. كذلك تجدون مادةً عن العلاقةِ التكامليَّةِ بين الأزياءِ والموسيقى، وتأثيرِ الأخيرةِ في أسلوبِ اختيارنا ملابسنا منذ حقبةِ الستينيَّاتِ، إضافةً إلى تاريخِ التعاونِ بين المصمِّمين والموسيقيين لدمج العالمَين.
وفي لقاءِ قصَّةِ الغلافِ مع نور السلاوي، أوَّل عربيَّةٍ تمثِّلُ الشرقَ الأوسط وشمالَ أفريقيا في أولمبياد باريس 2024، حدَّثتنا الفارسةُ المغربيَّةُ عن علاقتها بحصانها "كاش إن هاند"، مبيِّنةً أنه شريكُ نجاحها، وأن هناك تناغماً عميقاً بينهما، خاصَّةً على إيقاعِ الموسيقى التي تبثُّ فيهما الثقةَ والطمأنينة. أجرينا جلسةَ التصويرِ على ألحانِ الطبيعةِ في إسطبلِ الفارسةِ الخاصِّ بلندن، العاصمةِ البريطانيَّة، حيث تهادت الخيولُ على صوتِ حفيفِ الأشجارِ في يومٍ خريفي جميلٍ.
ممَّا لا شكَّ فيه أن للصوتِ تأثيراً كبيراً فينا، وقد مارستُ مرَّاتٍ عدة تجربةَ العلاجِ الصوتي Sound Healing الذي كتبنا عنه مادةً في عددٍ سابقٍ، إذ تسهمُ التردُّداتُ الصوتيَّةُ في تهدئةِ الجهازِ العصبي، وتبثُّ الاستكانةَ والاسترخاءَ في النفسِ والجسدِ، لا سيما بعد عناءِ يومٍ مشحونٍ بالتوتُّرِ والضغوطِ. استمتعتُ بها كثيراً مع إطلالةٍ على غروبِ الشمسِ، وتذكَّرتُ مقولةَ صديقٍ عزيزٍ بأن الشمسَ لابدَّ وأن تشرقَ غداً مهما حصل.
"أتذكر دائماً مع إطلالة الغروب مقولة صديق عزيز بأن الشمس لابد وأن تشرق غداً مهما حصل"