بحلول شهر رمضان الكريم، الشهر الذي أُُنزل فيه القرآن، تكثر الأسئلة لدى القراء حول بعض الموضوعات الغامضة لديهم، «سيدتي» التقت د.سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف المصرية وعضو مجمع البحوث الإسلامية؛ للإجابة عن تلك الأسئلة.
ما حدود العلاقة بين الزوج وزوجته في نهار الصيام؟ وما حكم منْ قبَّل زوجته في رمضان ووجد لذة لذلك؟
إن علاقة الزوج بزوجته في نهار رمضان، من جنس علاقته بالطعام والشراب، فلا يقترب من زوجته لغرض قضاء الشهوة، وله بعد ذلك أن يكلمها ويجالسها ويعلمها ويدارسها وغير ذلك مما ليس من جماع ولا مقدماته، أما مقدمات الجماع كاللمس والتقبيل والضم والمباشرة ونحوها فالأصل اجتنابها؛ لأنها من الشهوة التي امتدح الله الصائم بتركها تقربًا إليه سبحانه، وذلك لقوله في الحديث القدسي: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» متفق عليه. وهذه المقدمات ليست في مرتبة واحدة، فمن أكثرها خطورة على الصائم المباشرة؛ لأن ذلك قد يؤول إلى التسبب في إفساد الصوم.
ومن رخص من أهل العلم بأن للصائم أن يقبِّل زوجته، اشترط أن يكون ممن لا يخشى عليهم أن يجرهم ذلك إلى ما وراء القبلة، فإن كان منهم، حرم عليه التقبيل بالاتفاق، لما رواه أبو داود عن أبي هُرَيْرَةَ: «أنّ رَجُلاً سَألَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن المُبَاشَرَةِ لِلصّائِمِ، فَرَخَصّ لَهُ، وَأتَاهُ آخَرُ فَسَألَهُ فَنَهَاهُ، فإذَا الذي رَخّصَ لَهُ شَيْخٌ وَالّذِي نَهَاهُ شَابّ»، ولو قبَّل زوجته في نهار رمضان ووجد لذة في ذلك فأنزل منيًا بطل صومه بالإجماع، ويلزمه قضاء يوم مكانه مع التوبة والاستغفار، ولو خرج منه مذي فقد اختلف العلماء في ذلك هل يبطل صومه أم لا؟ على قولين: أرجحهما أنه لا يبطل صومه، لكن الأولى قضاء ذلك اليوم خروجًا من الخلاف، ولو قبَّل ولم ينزل ولم يمذ، فلا شيء عليه، وصومه صحيح، لكن الأولى عدم العودة إلى ذلك خشية أن يجره إلى الإنزال أو إلى الجماع.
أثناء النوم أحلم بأني أُجامع زوجتي في شهر رمضان، فما الحكم في ذلك؟
إن الاحتلام في نهار رمضان لا يؤثر على صحة الصوم، ولو أدى إلى خروج المني؛ إذ لا طاقة للإنسان على تجنبه، ولا قدرة له على كفه. ومن المعلوم أن الله تبارك وتعالى لا يكلف الإنسان ولا يؤاخذه إلا بما يطيقه. كما قال: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَها} البقرة: 286، إنما المضر في نهار رمضان هو الإخراج المتعمد بجماع، أو مباشرة، أو استمناء، أو نحو ذلك.
الصابون والتدخين : هل رائحة الصابون والملطفات وغيرها تفسد الصيام أثناء استخدامها نهارًا في الاستحمام؟
لا يؤثر استخدام الصابون أو الملطفات ذات الروائح العطرية أثناء اغتسال الشخص في صيامه ولا يفسده، إذ لا يصل شيء من ذلك إلى المعدة.
لماذا يعتبر التدخين من المُفطرات في الصيام وهو عبارة عن غاز، وما حكم التدخين؟
الدخان بجميع أنواعه من المواد العضوية التي تحتوي على القطران والنيكوتين، وهذه العناصر لها جِرْم يظهر جليًا في «الفلتر» وعلى الرئتين. وعليه: فاستعمال الصائم له مفطر؛ لأنه يدخل باختياره جرمًا إلى جوفه، يقول الأطباء: إن الدخان يمر من الفم والبلعوم الفمي ثم ينزل جزء منه إلى البلعوم الحنجري، ومنه إلى الرغامي فالرئتين، وينزل الجزء الآخر إلى المريء فالمعدة، فإن التدخين محرم شرعًا لكونه خبيثًا يشتمل على أضرار كثيرة ومفاسد عظيمة، والله جل وعلا أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغير ذلك، وحرم عليهم كل خبيث، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} المائدة: 4، وقال عز من قائل في وصف أتباع النبي صلي الله عليه وسلم: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} الأعراف: 157، ولا يستريب عاقل أن الدخان من الخبائث وليس من الطيبات. وفيه من المفاسد مهلكة النفس والمال، والله جل وعلا يقول: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} النساء: 29 وقد ثبت طبيًّا ضرر الدخان البالغ على النفس، وأنه سبب لكثير من الأمراض الفتاكة. قال عز من قائل: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} البقرة: 195 وروى مالك في موطئه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ضرر ولا ضِرار»، ومعلوم الضرر الذي يصيب المدخن، وكذلك الذي يلحق بغير المدخن إذا استنشق ما يخرج من المدخن. والتدخين مهلكة للمال الذي جعله الله قيامًا للحياة. قال تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} النساء: 5 وروى الترمذي عن أبي برزة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ أربع: عنْ عُمُرِهِ فيما أفناهُ وعنْ جسدِه فيما أبْلاهُ وعنْ مالهِ مِنْ أيْنَ أخذهُ وفيما أنْفَقَهُ وعنْ عِلمِهِ ماذا عَمِلَ بهِ»، ولا شك أن إنفاق المال في هذا الأمر يعد أمرًا محرمًا؛ لأنه في الحقيقة حرق له، وإذا كان التدخين بكل أنواعه وأشكاله حرامًا فيكون بيعه حرامًا أيضًا؛ لأن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه، والله الهادي إلى سواء السبيل.
وجود النساء في أماكن العمل : أنا أعمل في قناة فضائية مليئة بالنساء والرجال، وشهر رمضان مقبل وأنا ـ الحمد لله ـ في حالي، هل يقبل صيامي أم لا؟ وماذا عليَّ أن أفعل؟
مجرد الوجود في هذه الأماكن لا يؤدي إلى بطلان الصوم، بل الصوم صحيح لأنه لا يوجد ما يبطله.
هل يتقبل الله سبحانه وتعالى الصيام للفتيات دون حجاب؟
إذا صامت محققة لشروط وأركان الصيام، فإن تبرجها لا يؤثر في صحة صومها، وأما أن الله يتقبل منها الصيام أو لا يتقبل، فهذا أمره إلى الله عز وجل ولا اطلاع لنا عليه.
صام مسلم من غير سحور، فهل الصيام صحيح؟
نعم يصحّ الصيام بدون سحور، ولكن يكره للصائم ترك السحور؛ لأنه خلاف ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله «تسحروا فإن في السحور بركة».. متفق عليه.
حوارات الانترنت : ما حكم منْ يحاور بنتًا على الإنترنت في شهر رمضان، وهل يجوز ذلك؟
إن الإسلام يحرم كل علاقة بين الجنسين خارج نطاق الزواج، وليس في الإسلام ما يعرف بالحبيبة أو الصديقة، بل إنه حرم ذلك وجعله من المنكرات والفواحش الخفية التي قال الله عنها: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}. الأنعام:151.
والتحدث مع النساء بهذه الليونة وهذه الطريقة هو بداية هذه العلاقات المحرمة التي تؤدي دائمًا إلى ما لا يحمد عقباه من وقوع في الرذيلة، وارتكاب للفاحشة، وقد قال الله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} الإسراء:32.
فقد صان الإسلام العلاقات بين الأفراد، وحدَّها بسياجٍ يلائم النفسَ البشرية، فحرم العلاقة بين رجلٍ وامرأةٍ إلا في ظل زواج شرعي، وكذلك لا يصح مخاطبة رجلٍ وامرأةٍ إلا لحاجة. وإن كانت ثَمّةَ حاجةٌ داعيةٌ إلى الخطاب بينهما فليكن ذلك في حدود الأدب والأخلاق، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}. الأحزاب: 53. وقال تعالى: {...إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا} الأحزاب 32. والخطاب قد يكون باللسان والإشارة والكتابة، فهو عبارة عن كل ما يبين عن مقصود الإنسان. قال تعالى: «قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أيام إِلا رَمْزًا}. آل عمران:41. فالواجب على المسلمين الحذر من مخاطبة النساء عبر ما يعرف بمواقع الصداقة على الإنترنت، فذلك من طرق الشيطان، وسبل الغواية، قال تعالى: {يَا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ...}. النور: 21.
السحور بركة : هل الإنسان في أيام رمضان إذا تسحر ثم صلى الصبح ونام حتى صلاة الظهر، ثم صلاها ونام إلى صلاة العصر، ثم صلاها ونام إلى وقت الفطر، هل صيامه صحيح؟
إذا كان الأمر كما ذكر، فالصيام صحيح، ولكن استمرار الصائم غالب النهار في النوم تفريط منه، لاسيما وشهر رمضان زمن شريف ينبغي أن يستفيد منه المسلم فيما ينفعه من كثرة قراءة القرآن، وطلب الرزق وتعلم العلم.
إنسان نام قبل السحور في رمضان وهو على نية السحور حتى الصباح، هل صيامه صحيح أم لا؟
صيامه صحيح؛ لأن السحور ليس شرطًا في صحة الصيام، وإنما هو مستحب؛ لقول النبي: «تسحروا فإن في السحور بركة» متفق عليه
ما حكم السباحة للصائم في الماء؟
لا بأس أن يغوص الصائم في الماء أو يعوم فيه ويسبح؛ لأن ذلك ليس من المفطرات، والأصل الحل حتى يقوم دليل على الكراهة، أو على التحريم، وليس هناك دليل على التحريم، ولا على الكراهة. إنما كرهه بعض أهل العلم؛ خوفًا من أن يدخل إلى حلقه شيء وهو لا يشعر به.
هل يجوز للصائم أن يشم رائحة الطيب والعود؟
لا يستنشق العود، أما أنواع الطيب غير البخور فلا بأس بها، لكن العود نفسه لا يستنشقه؛ لأن بعض أهل العلم يرى أن العود يفطر الصائم إذا استنشقه؛ لأنه يذهب إلى المخ والدماغ، وله سريان قوي، أما شمه من غير قصد فلا يفطر.
في الأدوية والعلاج
ما حكم بلع الريق للصائم؟
لا حرج في بلع الريق، ولا أعلم في ذلك خلافًا بين أهل العلم لمشقة أو تعذر التحرز منه، أما النخامة والبلغم فيجب لفظهما إذا وصلتا إلى الفم، ولا يجوز للصائم بلعهما لإمكان التحرز منهما، وليسا مثل الريق.
سريان البنج في الجسم هل يفطر؟ وخروج الدم عند قلع الضرس؟
كلاهما لا يفطران، ولكن لا يبلع الدم الخارج من الضرس.
ما حكم استعمال التحاميل (هي أحد أشكال الأدوية الذي يتم إيصاله إلى مكان الامتصاص مباشرة في المستقيم، أو المهبل.) في نهار رمضان إذا كان الصائم مريضًا؟
لا بأس بها، ولا بأس أن يستعمل الإنسان التحاميل التي تكون من دبره إذا كان مريضًا؛ لأن هذا ليس أكلاً أو شربًا، ولا بمعنى الأكل والشرب، والشرع إنما حرّم علينا الأكل والشرب.
فما قام مقام الأكل والشرب أُعطي حكم الأكل والشرب، وما ليس كذلك، فإنه لا يدخل فيه لفظًا ولا معنى.
ما حكم استعمال الإبر في الوريد، والإبر في العضل؟ وما الفرق بينهما وذلك للصائم؟
الصحيح أنهما لا تفطران، وإنما التي تفطر هي إبرة التغذية خاصة. وهكذا أخذ الدم للتحليل لا يفطر به الصائم؛ لأنه ليس مثل الحجامة، أما الحجامة فيفطر بها الحاجم والمحجوم في أصح أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم».
استعمال بخاخ ضيق النفس للصائم هل يفطر؟
إن هذا البخاخ الذي تستعمله لكونه يتبخّر، ولا يصل إلى المعدة. فحينئذ نقول: لا بأس أن تستعمل هذا البخاخ وأنت صائم ولا تفطر بذلك؛ لأنه كما قلنا لا يدخل إلى المعدة أجزاء؛ لأنه شيء يتطاير ويتبخر ويزول ولا يصل منه جُرم إلى المعدة حتى نقول إن هذا مما يوجب الفطر فيجوز لك أن تستعمله وأنت صائم ولا يبطل الصوم بذلك.
هل يبطل الصوم باستعمال دواء الغرغرة؟
لا يبطل الصوم إذا لم يبتلعه ولكن لا تفعله إلا إذا دعت الحاجة، ولا تفطر به إذا لم يدخل جوفك شيء منه.
نحن نعمل في محطة تحلية الماء الذي فيه بخار ماء من المحطة التي نعمل بها، وقد نستنشقه في كثير من الأحوال فهل يبطل صيامنا؟ وهل يلزمنا قضاء ذلك اليوم الذي قد استنشقنا فيه بخار الماء سواء كان فريضة أم نافلة؟ وهل علينا عن كل يوم صدقة؟
إذا كان الأمر كما ذكر؛ فصيامكم صحيح ولا شيء عليكم.
هل الامتحان الدراسي عذر يبيح الإفطار في رمضان؟
الامتحان الدراسي ونحوه لا يعتبر عذرًا مبيحًا للإفطار في نهار رمضان، ولا يجوز طاعة الوالدين في الإفطار للامتحان؛ لأنه «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، و«إنما الطاعة في المعروف»، كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أحكام في السفر : هل ينطبق حكم المسافر على سائقي السيارات والحافلات لعملهم المتواصل خارج المدن في نهار رمضان؟
نعم ينطبق حكم السفر عليهم فلهم القصر والجمع والفطر، فإذا قال قائل: «متى يصومون وعملهم متواصل»؟ قلنا: يصومون في أيام الشتاء؛ لأنها أيام قصيرة وباردة، أما السائقون داخل المدن فليس لهم حكم المسافر ويجب عليهم الصوم.
ما مسافة السفر المُبيح للفطر؟
السفر المبيح للفطر وقصر الصلاة هو 83 كيلومترًا تقريبًا، ومن العلماء من لم يحدد مسافة للسفر بل كل ما هو في عرف الناس سفر فهو سفر، ورسول الله كان إذا سافر ثلاثة فراسخ قصر الصلاة. والسفر المحرم ليس مبيحًا للقصر ولا للفطر؛ لأن سفر المعصية لا تناسبه الرخصة، وبعض أهل العلم لا يفرق بين سفر المعصية، وسفر الطاعة لعموم الأدلة.
الدورة الشهرية والإرضاع
بعض النساء يأخذن متعمدات حبوبًا لمنع الدورة الشهرية ـ الحيض ـ والرغبة في ذلك حتى لا تقضين فيما بعد. فهل هذا جائز وهل في ذلك قيود؛ حتى تعمل بها النساء؟
الذي أراه في هذه المسألة ألا تفعله المرأة، وتبقى على ما قدره الله عز وجل وكتبه على بنات آدم فإن هذه الدورة الشهرية لله تعالى حكمته في إيجادها، هذه الحكمة تناسب طبيعة المرأة فإذا منعت هذه العادة فإنه لا شك يحدث منها رد فعل ضار على جسم المرأة، وقد قال النبي «لا ضرر ولا ضِرار» هذا بقطع النظر عما تسببه هذه الحبوب من أضرار على الرحم كما ذكر ذلك الأطباء، فالذي أرى في هذه المسألة أن النساء لا يستعملن هذه الحبوب، والحمد لله على قدره وعلى حكمته إذا أتاها الحيض تمسك عن الصوم والصلاة، وإذا طهرت تستأنف الصيام والصلاة، وإذا انتهى رمضان تقضي ما فاتها من الصوم.
هل إرضاع طفلي الجديد من صدري يفسد صيامي؟
ليس الإرضاع من المفطرات، وقد اتفق الفقهاء على جواز صيام المرضع، مع قيامها بالإرضاع.
ميزة رمضان
ما أفضلية شهر رمضان على بقية الشهور؟
فضل شهر رمضان ورد فيه أحاديث كثيرة منها قول النبي [ «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلّقت أبواب النار، وصفّدت الشياطين، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة»، وهناك أحاديث كثيرة مذكورة في وظائف رمضان، ولا شك أن هذا الشهر له ميزة على الأشهر الأخرى، منها أن الله تعالى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان، وأن الله فرض صيامه على المسلمين، فمن صامه إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه.
ما الأعمال التي يستحب للمسلم فعلها والإكثار منها خلال الشهر؟
يستحب في رمضان المحافظة على قيام رمضان مع الجماعة مع الخشوع وحضور القلب، ويستحب التزود من نوافل الصلاة ليلاً ونهارًا، ويستحب الإكثار من قراءة القرآن وتدبره، ومن الدعاء والذكر بأنواعه، والاشتغال بالقربات، والإكثار من الصدقات والتبرعات وتفطير الصائمين، ومن الأعمال المتعدية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ الأوقات عن اللهو واللعب.
يحرص كثير من الناس على إخراج زكاة أموالهم خلال هذا الشهر، فهل في هذا أفضلية؟ وبماذا تنصحون من يؤخرون الزكاة أو لا يخرجونها؟
الواجب إخراج الزكاة بعد تمام الحول، لكن إن اعتاد أن حولها دائمًا في رمضان جاز ذلك حيثُ يوجد الضعفاء والمساكين، واغتنامًا لفضل الزمان ومضاعفة الأعمال، لكن متى وجبت الزكاة قبله فإنه يثبتها في ذمته، ويعرف مقدارها ولو أخرها أشهرًا أو قدّمها قبل تمام الحول بأشهر؛ اغتنامًا للفضل ولوجود المستحقين.
خسران مبين : اعتاد بعض الناس على إمضاء أكثر الليل في رمضان في السهر واللعب واللهو ومشاهدة القنوات الفضائية، فما رأيكم في ذلك؟
هذا من الخسران المبين، وذلك أن أوقات هذا الشهر ثمينة غالية لها قيمة، فيجب استغلالها في العبادات وأنواع القربات، ولا يجوز إضاعتها في اللهو والباطل والقيل والقال، والغيبة والنميمة، والنظر إلى الأفلام والصور الفاتنة ومشاهدة ما يذاع من المناظر القبيحة بواسطة القنوات الفضائية، التي تدفع إلى ارتكاب الفواحش والمنكرات، ولقد كان الأوائل يبقون بعد التراويح ساعتين أو نحوهما في قراءة القرآن وتدارسه وتكراره، ثم ينامون ويقومون للسحور، ثم يقرأون بعد صلاة الصبح فرادى، فيشغلون ليلهم ونهارهم في القرآن والذكر ونحوه.
يؤخر كثير من الناس عمرتهم إلى العشر الأواخر من رمضان في كل عام، وربما كان منهم العاجز، ويعرضون أنفسهم للزحام الشديد بينما بإمكانهم أداؤها في العشرين الأول، فهل هذا العمل صحيح؟ وهل يوجد فرق بين أدائها في الوقتين؟
تجوز العمرة في جميع الشهر ولها فضل كبير؛ لقول النبي [ «عمرة في رمضان تعادل حجة»، ولم يخص آخره ولا أوله، إلا أن آخر الشهر أفضل؛ لأنه وقت اعتكاف النبي [ وترجى فيه ليلة القدر، وقد يؤخرون العمرة إلى آخر الشهر نظرًا لإجازة الموظفين المعتادة في آخره، فمن كان عنده قدرة وتمكّن فالعمرة في جميع الشهر أولى؛ حتى لا يتعرض للضيق والشدة ولا يزاحم الناس، ومن لم يكن عنده إجازة أو قدرة فهو معذور إن أخرها إلى العشر الأواخر.
ما المخالفات التي يقع فيها بعض الصائمين والتي كثيرًا ما يُسأل عنها في هذا الشهر الكريم؟
يقع من كثير من الصائمين القائمين مخالفات في هذا الشهر كثيرًا ما نُبِّهوا إليها، وقليل من ينتبه لهذه المخالفات، وقد نبّه إليها بعض المشايخ في مؤلفات أو نشرات مطبوعة، وأنا أذكر قليلاً منها رجاء الانتباه لها:
فمنها في الصيام: الأكل بعد الأذان وتبين الصبح؛ وذلك لأن الله حدد وقت الأكل بظهور الصبح، فإذا ظهر الصبح حرم الأكل، وحيث إن الأذان علامة عليه فالواجب التوقف بعده، ولكن إذا كمّل الشراب أو الأكلة الموجودة حال الأذان جاز ذلك، كما ورد به الحديث.
ومنها: التسرّع بالفطر قبل تحقق الغروب حيثُ إن بعض المؤذنين يعتمدون على الساعات وقد يكون بها تقديم، فلا يجوز الإفطار إلا بعد تحقيق الغروب.
ومنها: إشغال الوقت بالقيل والقال والغيبة والنميمة وكثرة الكلام، وقد يكون محرمًا، وذلك ينافي كمال أجر الصائم، ففي الحديث «ربّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، وربّ قائم حظه من قيامه السهر والتعب».
ومنها: التأخر عن الصلوات وتفويت الجماعة بدون عذر، وهذا من التفريط في حق الله تعالى.
ومنها: هجر القرآن مع أن هذا موسمه، وقد كان السلف رحمهم الله يقبلون فيه على تلاوة القرآن وتدارسه.
ومنها: تخفيف قيام رمضان وتقليل عدد الركعات بحيث يفرغ من التهجد في أقل من ساعة، مع أن تهجد النبي [ كان لا يقل عن ثلاث ساعات ونصف الساعة، وقد يصل إلى أربع ساعات أو أكثر.
ومنها: هجران الاعتكاف الذي هو سنة نبوية حافظ عليها النبي [ حتى توفاه الله تعالى.
ومنها: تساهل بعضهم في فعل بعض المكروهات أو بعض المستحبات كالضرب بالإبر المغذية أو المقوية، وإخراج القيء شبه العمد، والتبرع بإخراج الدم، وتعاطي الاكتحال، والقطرة التي تصل إلى الحلق، وإن كانت لا تفطر على قولٍ، وكذا ترك السواك الذي هو من السنن المندوبة ولو كرهه بعض العلماء، فالصحيح استحبابه.
ومنها السهر الطويل بالليل وقطع الوقت في التسكع والجلوس على الأرصفة أو التردد على الأسواق بدون حاجة، إلى غير ذلك من المخالفات.
تفطير الصائمين : انتشرت مشاريع تفطير الصائمين في المساجد، فما رأيكم فيها؟ وهل تحثون على التبرع لها؟
هذه مشاريع خيرية تعاونية يقصد منها الأجر والثواب الوارد في تفطير الصائمين، فقد ورد في الحديث: «من فطّر صائما فله مثل أجره من غير أن يُنقص من أجر الصائم شيء، وكان مغفرة لذنوبه وعتقاً لرقبته من النار»، يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن أو شربة ماء أو تمرة، وأن من سقى صائماً سقاه الله من حوض النبي [ وحيث إنه الآن كثير من العمال الفقراء، وكذا من المواطنين الذين يعوزهم الحصول على الأكل وأكثرهم دخله قليل وربما لا يعمل، ولديهم غالبًا عوائل وأسر، فأرى أن تشجيع هذه المشاريع والمساهمة فيها جزاؤها أجر كبير، وكذا يثيب الله من قام بخدمتهم في الطبخ والإعداد وتقديم المأكولات المناسبة، وكذا من سعى في جمعهم وإعلامهم وحملهم وإرجاعهم؛ وذلك لأنه من التعاون على الخير، وهكذا المشاريع الأخرى كجمع التبرعات والزكوات وتفريقها على المستضعفين وعلى الجمعيات والمبارّ الخيرية.
ختم القرآن : هل يلزم الإمام أن يختم القرآن في صلاة التراويح خلال شهر رمضان؟ وما رأيكم في بعض الصائمين الذين يكون همهم ختم القرآن ولو كان دون تدبر؟
حيثُ إن شهر رمضان أنزل فيه القرآن، وحيث كان جبريل عليه السلام يدارس النبي [ القرآن في رمضان ليلاً، فإن لهذا الشهر خصوصية بالقرآن؛ لذلك ندب الإكثار من تلاوة القرآن في هذا الشهر، وشرعت فيه صلاة التراويح جهرًا، وذكر العلماء أنه يكره الاقتصار في التراويح على أقل من ختمه؛ بل يحرص الإمام أن يختم بالمصلين في هذا الشهر ختمة أو أكثر.
وقد كان الأولون يختمونه عدة ختمات، فقد أدركنا من يختم في القيام ثلاث ختمات بقراءة متأنية مرتلة مجودة ولو أطال الصلاة، فيقرأ أحدهم في ليالي العشر كل ليلة خمسة أو ستة أجزاء، وفي العشرين الأولى يختم مرة، ولكن في هذه الأزمنة ضعفت أكثر الهمم وغلب الكسل، فلذلك رأى بعضهم الإسراع بدون تدبر حتى يختم مع التخفيف، والأكثرون يقتصرون على نصف ختمة أو أقل، والمستحب أن يختم ختمة كاملة مع التأني والتدبر، ولو زاد في مدة الصلاة ربع ساعة أو نصف ساعة، ورغّب الجماعة في هذه العبادة، وذكر لهم ثواب الصلاة وفضل استماع القرآن وتدبره، وحثهم على البقاء مع الإمام حتى ينصرف ليكون لهم أجر قيام ليلة.
< ما السنة في قنوت الإمام في صلاة التراويح حيثُ إن بعض الأئمة يطيل فيه؟ وما حدود ذلك؟
القنوت في الوتر مشروع ودليله حديث الحسن بن علي] أن النبي [ علمه دعاء يدعو فيه ربه في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت إلخ. ولم ينقل صريحًا أن النبي [ كان يقنت في الوتر، ولعله كان يخففه فلم يفطن له، وقد أخذ العلماء من هذا الحديث استحباب القنوت في الوتر، وجعله بعضهم خاصًّا بالنصف الأخير من رمضان، وجعله بعضهم في السنة كلها، وحيث إنه لم يكن النبي [ يداوم عليه فأرى أن الأئمة لا يداومون عليه مخافة اعتقاد العامة وجوبه، وحيث إن الوقت والمكان مما يرجى فيه استجابة الدعاء، فلا أرى بأسًا بإطالته، لكن الإطالة المملة مكروهة، والاقتصار على الأدعية المأثورة أو التي تهم المسلمين مما يندب إليه.
بعض الناس في رمضان ينتقلون من مسجد إلى آخر بحثًا عن إمام حسن الصوت، مدعين أنه ينشطهم، فما حكم عملهم هذا؟
لا بأس بذلك، ولا يلزمهم الصلاة في المسجد القريب منهم، فإن الأئمة يتفاوتون في حفظ القرآن وتجويده وحسن الصوت والترنم والتغني بالقرآن والخشوع في الصلاة والطمأنينة فيها، ولا شك أن القارئ المتفوق في هذه الأوصاف تخشع لصوته القلوب، ويحصل لها رقة وحضور قلب وتأمل وتدبر وتعقل للصلاة وللقراءة أكثر من غيره، وذلك مما يعظم به الأجر، ويتفاوت به العمل؛ فلا جرم أن رأينا بعض الأئمة تمتلئ المساجد عندهم في التراويح، ولو كانوا يطيلون أو يزيدون في عدد الركعات، محبة لهم وحرصًا على زيادة الأجر في الخطوات والمسير نحوهم، ولما يتجدد في القلب من قوة الأثر للصلاة وللقرآن، وذلك كله مطلوب من العبد. فإذا لم يجد من الإمام القريب ما يشجعه على الخشوع والإنصات والإقبال على الصلاة جاز له الذهاب إلى غيره، ولو صلى كل ليلة مع واحد للتجربة والحرص على الفائدة المطلوبة من هذه الصلوات.
قيام رمضان : هل لقيام رمضان عدد معين من الركعات أم لا؟
ليس لقيام رمضان عدد معين على سبيل الوجوب، فلو أن الإنسان قام الليل كله فلا حرج، ولو قام بعشرين ركعة أو خمسين ركعة فلا حرج، ولكن العدد الأفضل ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله وهو إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، فإن أم المؤمنين، عائشة سُئلت: كيف كان النبي يصلي في رمضان؟ فقالت: لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، ولكن يجب أن تكون هذه الركعات على الوجه المشروع، وينبغي أن يطيل فيها القراءة والركوع والسجود والقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين، خلاف ما يفعله الناس اليوم، يصليها بسرعة تمنع المأمومين أن يفعلوا ما ينبغي أن يفعلوه، والإمامة ولاية، والوالي يجب عليه أن يفعل ما هو أنفع وأصلح. وكون الأمام لا يهتم إلا أن يخرج مبكرًا هذا خطأ، بل الذي ينبغي أن يفعل ما كان النبي، صلى الله عليه وسلم يفعله، من إطالة القيام والركوع والسجود والقعود حسب الوارد، ونكثر من الدعاء والقراءة والتسبيح وغير ذلك.
النظرة.. المعصية : النظر إلى النساء والأولاد المُرْد هل يؤثر على الصيام؟
نعم كل معصية تؤثر على الصيام؛ لأن الله تعالى إنما فرض علينا الصيام للتقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه»، وهذا الرجل الذي ابتلي هذه البلية نسأل الله أن يعافيه منها، هذا لاشك أنه يفعل المحرم فإن النظر سهم من سهام إبليس والعياذ بالله، كم من نظرة أوقعت صاحبها في البلايا، فصار والعياذ بالله أسيرًا لها، كم من نظرة أثرت على قلب الإنسان حتى أصبح أسيرًا في عشق الصور، ولهذا يجب على الإنسان إذا ابتلي بهذا الأمر أن يرجع إلى الله عز وجل بالدعاء بأن يعافيه منه، وأن يعرض عن هذا، ولا يرفع بصره إلى أحد من النساء أو أحد من المرد، وهو مع الاستعانة بالله تعالى واللجوء إليه وسؤال العافية من هذا الداء سوف يزول عنه إن شاء الله تعالى.
غربت الشمس في المطار فأفطرنا بعد الصيام، فلما أقلعت الطائرة وارتفعت رأينا الشمس مرة أخرى، فما حكم الصيام؟
الصيام صحيح؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم».
شخص صام جزءًا من رمضان ثم عجز عن إكمال الباقي، فماذا يعمل؟
إن كان عجزه لأمر طارئ يزول، انتظر حتى يزول ثم يقضي، وإن كان عجزه لأمر دائم، فإنه يطعم عن كل يوم مسكينًا كما تقدم.
أعذار صحّية : رجل بلغ من الكبر عتيًّا، وأصبح لا يعرف أولاده، ولا الجهات الأصلية، فماذا عليه في الصوم؟
إذا كان الواقع ما ذكر، فليس عليه صلاة ولا صيام ولا إطعام. وإذا كان يعود إليه عقله أحيانًا، ويذهب أحيانًا، فإذا عاد إليه صام، وإذا ذهب عنه سقط عنه الصيام.
ما حكم الصيام للمريض؟
إذا ثبت بالطب أن الصوم يسبب هلاك المريض فلا يجوز له الصيام، أما إن ثبت أن الصوم يجلب المرض له أو يضر بالمريض بزيادة مرضه أو تأخير شفائه أو يؤلمه أو يشق عليه الصيام، فالمستحب له أن يفطر ثم يقضي.
شخص مصاب بقرحة في معدته، ونهاه الطبيب عن الصيام مدة خمس سنوات. فما الحكم؟
إذا كان الطبيب الذي نهاه عن الصوم ثقة مأمونًا خبيرًا في طبه، فيتعين السمع والطاعة لنصحه، وذلك بإفطاره في رمضان حتى يجد القدرة والاستطاعة على الصوم؛ لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أيام أُخَرَ} فإذا شفي من مرضه، تعين عليه صوم أشهر رمضان التي أفطرها.
ما حكم العاجز عن الصيام عجزًا كليًّا لمرض لا يرجى شفاؤه أو لكبر سنه؟
عليه أن يطعم عن كل يوم مسكينًا، نصف صاع من قوت البلد، (مثال: قرابة1.5 كغ من الأرز) يدفعها في أول الشهر كما فعل أنس رضي الله عنه، ويجوز أثناءه أو في آخره.
رجل مريض أخبره الأطباء أن شفاءه ممكن، فهل يجزئه الإطعام؟
لا يجزئه الإطعام، ويجب عليه الانتظار حتى يشفى ثم يقضي.
رجل مريض ينتظر الشفاء ليصوم، فمات، فماذا عليه؟
ليس عليه شيء؛ لأن الصيام حق لله تبارك وتعالى، وجب بالشرع ومات من يجب عليه قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج.
حكمة تسمية التراويح : ما الحكمة في تسمية قيام رمضان بالتراويح؟ وهل ترون أن من الأفضل استغلال وقت التوقف في صلاة التراويح بإلقاء كلمة، أو موعظة؟
ذُكر في المناهل الحسان (عن الأعرج)، قال: ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، قال: وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف، (وعن عبد الله بن أبي بكر) قال: سمعت أبي يقول: «كنا ننصرف في رمضان من القيام فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة فوت السحور». (وعن السائب بن يزيد) قال: أمر عمر بن الخطاب أُبي بن كعب وتميمًا الداري ـ رضي الله عنهم ـ أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر، وقال ابن محمود في كتاب الصيام: «وسُميت تراويح من أجل أنهم يستريحون بعد كل أربع ركعات؛ لكونهم يعتمدون على العصي من طول القيام، ولا ينصرفون إلا في فروع الفجر». وحيث إنَّ الناس في هذه الأزمنة يخففون الصلاة، فيفعلونها في ساعة أو أقل، فإنه لا حاجة بهم إلى هذه الاستراحة، حيثُ لا يجدون تعبًا ولا مشقة، لكن إن فصل بعض الأئمة بين ركعات التراويح بجلوس، أو وقفة يسيرة للاستجمام، أو الارتياح، فالأولى قطع هذا الجلوس بنصيحة أو تذكير، أو قراءة في كتاب مفيد، أو تفسير آية يمرّ بها القارئ، أو موعظة، أو ذكر حكم من الأحكام، حتى لا يخرجوا أو لا يملّوا.