لأن من أصعب المواقف التي قد يمرّ بها الوالدان هو اكتشافهم أن أحد أبنائهما تعرّض للتحرش، نجد الأسباب في هذا الشأن تتعدد وتتنوع، ولا يعد «الإهمال» على الدوام هو السبب وراء حدوثه، ففي حالات قد يكون السبب هو «الثقة» لمن تم معاشرتهم سنين.
اهتزاز شخصية الطفل
في بعض الحالات، يقوم بعض الخدم باستغلال «الثقة» بمخدوميهم، من خلال السنين التي أمضوها معهم، مظهرين حسن التعامل والتودد، وقد يكون إظهار «التديّن» عامل إغراء، فيظن أولياء الأمور أن أبناءهم قد تُركوا في أيدٍ أمينة. وفي هذا الشأن، أشارت الأستاذة حليمة العثمان، مختصة في إقامة الدورات التوعوية ضد التحرش بالأطفال، لـ«سيدتي» إلى أن هناك حالات كثيرة تصلهم لأطفال تم التحرش بهم من قِبل أشخاص وثقوا فيهم؛ لكون أولياء الأمور يغفلون عن مراقبة أطفالهم حينما يكونون برفقتهم، أو حينما يشاهدون التلفاز أو عبر الأجهزة الذكية أو أثناء اللعب، كما أنهم يغفلون عن مشاهدة ملابسهم الداخلية، مما قد يؤخر اكتشافهم لتعرض الطفل للتحرش، أو عدم معرفة ذلك نهائيًا. ثم استطردت قائلة: «في حال لم يتم تدارك الأمر، قد تهتز ثقة الطفل الذي تم التحرش به، ويصبح منطويًا وغير قادر على الدفاع عن نفسه، وعندما يكبر قد يتحرش بمن هو أقل منهم سنًا، أو يدمن أن يتحرش به الآخرون.
قصة واقعية
ومن أصعب القصص التي وصلت للأستاذة حليمة، وأكثرها ألمًا هي لأم جنّ جنونها؛ عندما اكتشفت عن طريق الصدفة أن السائق الذي يعمل لديهم منذ سنوات يتحرش بابنتها التي تبلغ من العمر 8 سنوات، وذلك عندما انفتح خطّ هاتفه دون أن ينتبه؛ لتسمع الأم توسلات ابنتها بأن يتركها. قامت الأم تحت تأثير الصدمة بطرد السائق فورًا، ولم تسلمه للجهات المختصة؛ خوفًا من الفضيحة، مع حيرةٍ تملؤها، فهي لم تلحظ على السائق ذي الملامح الوقورة، لكبر سنه، طوال سنوات عمله لديهم، سوى حسن الخلق والتعامل والتديّن؛ لتعلم بأن كل ذلك كان تحايلا لتثق فيه العائلة ثِقةً مطلقة.
الخوف من الفضيحة
بيّن المحامي الدكتور محمد البجاد أن هناك إجراء يجب اتخاذه من قبل أولياء الأمور للتبليغ عن السائق، بعد اكتشاف قيامه بالتحرش، فقال: «الجهة المختصة في هذه الحالة هي (الشرطة)، وبعد أن يتم التحقيق يأتي دور (هيئة التحقيق والادعاء العام)، حيث تقوم بإرسال محقق وكاتب لاستجواب الطفل، مع الحرص أن تكون الأجواء مخصصة ومهيأة لنفسية الطفل ومرحلته العمرية». واستطرد قائلا: «إن سكوت أولياء الأمور عن المتحرشين وخجلهم هي مفاهيم تحتاج للتغيير؛ كونه أمرًا مضرًا بالطفل وذويه وعواقبه وخيمة، لذلك تكمن أهمية التبليغ».
تطبيق أمن
وتجاه قيام بعض الأشخاص برصد وتصوير حالات التحرش التي تصادفهم، أشار البجاد إلى أن الأمن العام قام بإطلاق تطبيق «أمن» يمكن إنزاله على الأجهزة الذكية وإرسال عبره الصور والفيديوهات ومعلومات أخرى؛ كنوع السيارة ورقمها أو الحي والشارع لحالات التحرش التي قد تُرى في أي مكان، ومن خلاله يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للقبض على المتحرشين.
وقد كشف مؤشر الإحصاء لوزارة العدل، عام 2014، أن عدد قضايا التحرش بلغ 2797 قضية في محاكم المملكة، بمعدل سبع حالات تحرش في اليوم، فيما أوضحت دراسة لبرنامج الأمان الأسري الوطني أن 10 في المئة من الأطفال في المملكة تعرضوا للتحرش بمختلف أشكاله.
نصائح «سيدتي» للأمهات
لمدى عمق الأثر السلبي على العائلة بكاملها، حين يتعرض أحد أبنائها للتحرش، تضع «سيدتي» بين أيديكم عدة نصائح مهمة لأولياء الأمور:
• تعريف الطفل بأجزاء جسمه التي لا يسمح للآخرين بلمسها.
• مراقبة الطفل فيما يطلع عبر التلفاز وجهازه الذكي.
• عدم غلق الباب على الأطفال حين اللعب.
• تعويد الطفل على الصراخ حين تعرضه لأي أذى، حتى لو كان بسيطًا، وعدم تعنيفه.
• تعويد الطفل على مناقشة أحداثه اليومية، وعدم توبيخه عندما يصدر منه أمرٌ خاطئ، بل يتم توجيهه بأسلوب تربوي حنون.
متى يتجرأ السائق على التحرش بأطفال مخدوميه؟
- أخبار
- سيدتي - ليلى باعطية
- 22 نوفمبر 2016