أمل جديد للمرضى الذين يعانون الاكتئاب الحاد باستخدام الكيتامين، ولكن تحت إشراف الطبيب، نظرًا لخصائصه المسبّبة للهلوسات.
"بدأ كل شيء في عام 2000 عندما نشر مؤلفو إحدى الدراسات، أنهم اكتشفوا عن طريق الصدفة، أنّ تناول جرعات مخففة من الكيتامين، أقل بحوالى 10 إلى 15 مرة من الجرعات التي تُستخدم كمخدّر، لها تأثير قويّ جدًّا على الاكتئاب المقاوم"، وفقًا لما يقول د. بيير دو ماريكورت، الطبيب النفسي ورئيس قسم الخدمات في مركز مستشفى سانت آن في باريس. وهذا الاكتشاف أثار الكثير من الحماس، ولسبب وجيه! فالاكتئاب المقاوم هو نوع الاكتئاب الوحيد الذي لا يطرأ عليه أيّ تحسّن، سواء بالعلاج النفسي أو بتناول نوعين مختلفين من مضادات الاكتئاب. وبمعنى آخر هذا ما تفتقد إليه الحلول العلاجية حاليًّا.
ويبدو أنّ الأمل بهذا العلاج كبير للغاية، حيث أثبت الباحثون الذين وراء هذا الاكتشاف التأثير السريع للجزيء. ويقول الخبراء: "في غضون ساعات قليلة يستجيب المرضى للعلاج، وفي اليوم التالي نحصل على تأثير يشابه ما نحصل عليه خلال 6 إلى 8 أسابيع في المرضى الذين يستجيبون إلى علاجات مضادات الاكتئاب التقليدية".
الاكتئاب الحاد: علاج ثوري
"نحن نواجه تغييرًا نوعيًّا في السيطرة على مرض الاكتئاب. ومنذ 50 عامًا ونحن نعالج الاكتئاب بجزيئيات تعمل جميعها بالطريقة ذاتها. ومع الكيتامين، لدينا طريقة عمل وحركية كيميائية مختلفين تمامًا. وليس من الشائع أن نشهد مثل هذا التغيير في علاج الأمراض النفسية"، وفقًا لما يقوله بشكل حماسي د. ميشيل بارد، الطبيب النفسي في عيادة شاتو في غارشيه.
منذ العام 2000 أُجري العديد من التجارب السريرية، وجميعها أثبتت الإمكانات الهائلة للكيتامين، وبدأ العديد من المختبرات الشروع في هذه المغامرة، بهدف تطوير صيغ ومعادلات للأدوية من السهل تطيبقها في العلاج، أو أن يكون لها القليل من الآثار الجانبية. ويقول د. ماريكورت: "الدواء الأكثر تقدمًا حاليًّا ويمكن تسويقه هذا العام في الولايات المتحدة الأمريكية (وربما بعد فترة قصيرة في أوروبا) هو الإسكيتامين، وهو جزيء قريب من الكيتامين، ويعطى عن طريق الأنف وليس عن طريق الوريد كما هي الحال مع الكيتامين المخدر". وقد شارك بعض المرضى في التجربة السريرية لهذا الجزيء.
من هم المرضى الذين يستفيدون من هذا العلاج؟
اثنبتت التجارب السريرية أنّ هناك نوعين من المرضى الذين يمكن لهم أن يستفيدوا بشكل خاص من هذا الدواء. وهم المرضى الذين يعانون الاكتئاب المقاوم، ومرضى الاكتئاب الذين لديهم ميول انتحارية. وعدد هؤلاء لسوء الحظ كثير بين مرضى الاكتئاب: 90 في المئة من الأشخاص الذين ينتحرون كانوا مكتئبين، وحوالى 10 إلى 15 في المئة من مرضى الاكتئاب ينتحرون. وفي أيّ حالة طارئة وعند مواجهة مريض بعامل خطر انتحار عالٍ، سوف يكون لعلاج الكيتامين مكانة علاجية حاسمة ومهمة. وعلى الرغم من ذلك فإنَّ لهذا الجزيء جانبًا سلبيًّا. لذا،علينا أن نفكر بأفضل استراتيجية علاجية. وواحدة من هذه الاحتمالات هي تكرار العلاج مرة أو مرتين أسبوعيًّا على سبيل المثال.
فهل سيحل الكيتامين مكان الأدوية التقليدية؟ يجيب الطبيب النفسي قائلًا: "ليس بالضرورة. يمكننا أن نتخيّل الوصفات في البداية عندما حلت مضادات الاكتئاب مكان الأدوية السابقة".