نساء شكلن عالم المجوهرات عبر العصور

مجوهرات فاخرة وراقية

تحدّيات أكيدة وصعوبات جمّة ما زالت تواجه المرأة العصرية الراغبة في خوض مهنة تصميم المجوهرات، ولكنّ التحدّي الأكبر واجهته نساء كثيرات امتهنّ المجوهرات في بداية القرن الماضي. فهي صناعة فنية بامتياز، يدور محورها حول النساء عامة، بخاصة أنّهن معروفات بشغفهنّ الطبيعي بالمجوهرات. وإذا كانت مصممات المجوهرات هن اليوم في دائرة الضوء، إلا أنّ رائدات هذه المهنة كنّ يعملن بصمت دون أن تكون لهنّ دمغة خاصّة تُطبع بها مجوهراتهنّ النفيسة. علاقة المجوهرات بالنساء نغوص بأبعادها أيضاً مع بعض من أهم السيدات المرموقات اللواتي ارتبطت أسماؤهن بأكثر التصاميم شهرة عبر التاريخ. تقريرنا يروي قصصاً عن مؤثرات في عالم المجوهرات، ويغوص في تفاصيلها الثمينة.

الملكة فيكتوريا والمجوهرات

بورتريه للملكة فيكتوريا، من حوالي عام 1842، موجود في متحف Musée National du Château في قصر فيرساي، فرنسا. (مصدر الصورة:Imagno/Getty Images)

شهد العصر الفيكتوري الكثير من الاكتشافات والاختراعات العلمية. وانعكس هذا التطور في عالم المجوهرات. مرحلة تأثر بها تصميم المجوهرات بأسلوب حياة الملكة، فولدت خواتم الخطوبة وأنماط وتصميمات مجوهرات فريدة، تحمل معاني عاطفية ورسائل ودّ جمعت بين الملكة فيكتوريا Victoria والأمير ألبرت Albert. شمل العصر الفيكتوري 63 عاماً من حكم فيكتوريا، ملكة بريطانيا وأيرلندا 1837-1901. وشهد الثورة الصناعية في عام 1830، التي انتشرت في جميع أنحاء أوروبا، ووصلت إلى ذروتها خلال العصر الفيكتوري. كما ازدهرت الثروات في بداية عهد فيكتوريا، وجلبت معها أسواقاً جديدة، وازدهاراً استهلاكياً هائلاً. وعكست المجوهرات الفيكتورية المصنوعة خلال هذه الفترة الثروة والازدهار غير المسبوق في ذلك الوقت. وكانت المجوهرات الأكثر رواجاً عند الطبقة الميسورة مصنوعة من الذهب عيار 18 قيراطاً أو 22 قيراطاً. أما للطبقة المتوسطة فكانت التصاميم مشغولة من الفضة. وهيمن نمط الأفعى في تصاميم المجوهرات عندما قدّم الأمير ألبرت لفيكتوريا خاتم خطوبة على شكل ثعبان، وزاد الطلب عليه ورمزيته الرومانسية والتي تعكس الحب الأبدي. كما كانت الزهور والفراشات والطيور والأقواس أيضاً تصاميم شائعة في ذلك العصر، ولكل منها معانٍ عاطفية. مجوهرات كثيرة أخرى جاءت متأثرة بالحضارة المصرية القديمة، وزخارف عصر النهضة. يذكر أيضاً أنه في أواخر 1860، تم اكتشاف مناجم الألماس كيمبرلي في جنوب أفريقيا، فشكلت هذه المناجم إمدادات وافرة من الألماس في السوق.

2 عقد من فان كليف أند آربلز Van Cleef & Arpels
3 بروش من بوشرون Boucheron
4 عقد من غراف Graff
5 خاتم من بينا جوينكا X جيمفيلدز Bina Goenka x Gemfields

جان بوافان

1 عقد من تاساكي Tasaki
2 طوق من لويس فيتون Louis Vuitton

يدرك الكثيرون أن العلامة التجارية للمجوهرات بوافان Boivin هي من عمل René Boivin، إلا أن زوجته جان Jeanne لعبت دوراً كبيراً ومؤثراً في العمل. كانت جان بوافان Jeanne Boivin، شقيقة مصمم الأزياء الباريسي الشهير بول بواريه Paul Poiret، تتمتع بالعديد من العلاقات في عالم الموضة، ما يعني أن علامة مجوهرات بوافان Boivin كان لديها العديد من العملاء المحترمين. ومع ذلك، في عام 1917، توفي رينيه بوافان، فورثت جان ملكية داره. أصبحت جان، المعروفة باسم مدام بوافان، المصممة الرائدة للشركة. كان أسلوبها عبارة عن مجوهرات ملونة ومتناسقة ومزخرفة، وغالباً ما تكون مصنوعة من الذهب الأصفر. على غرار المصممة سوزان بيلبيرون Suzanne Belperron، التي لم تكن توقّع على قطع مجوهرات دار بوافان، لم تكن مدام بوافان توقّع قطعها أيضاً، ولم يكن لديها واجهة متجر، بل صالون للمواعيد فقط في باريس. وكانت مدام بوافان تحب توظيف صائغات المجوهرات في شركتها. بعد رحيل بيلبيرون، وظفت مدام بوافان جولييت موتارد Juliette Moutard. قامت هؤلاء النساء، بالإضافة إلى بيلبيرون، بدعم دار المجوهرات Boivin، وأشهر إبداعات جولييت موتارد داخل الشركة هي بروش نجم البحر المكون من كابوشون الجمشت والياقوت. كانت جان تنتج بعضاً من المجوهرات الأكثر أصالة ودقة في القرن العشرين. اشتهرت الدار بحرفية صياغة القطع التي لا تشوبها شائبة، وقد ميزت نفسها عن طريق استخدامها المتقن للأحجار الملونة وتصميماتها الحديثة والنحتية تماماً. تم إنتاج مجوهراتها الأكثر شهرة وجرأة في التصميم خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين.
تعرفي إلى القصة وراء الماس والزبرجد.. حجران كريمان يتشكلان في صهارة الأرض وهذه علاقتهما بالنيازك!

ʼتصاميم المجوهرات في بداية القرن العشرين أحدثت ثورة، باستخدام الصاغة مواد جديدة وتركيزهم على عنصر المبالغةʻ

سوزان بيلبيرون تحدث ثورة في عالم الزينة

3 أقراط من شانيل Chanel
4 خاتم من شوبارد Chopard
5 بروش من ميكيموتو Mikimoto
6 خاتم من فان كليف أند آربلز Van Cleef & Arpels
7 أقراط من ديور هاي جويلري Dior High Jewellery

عزّزت سوزان بيلبيرون Suzanne Belperron مهاراتها في التصميم خلال 14 عاماً في منزل رينيه بوافان René Boivin . في عام 1933، ولرغبتها في الحصول على تصميماتها الخاصة، غادرت للعمل لدى تاجر الأحجار الكريمة برنارد هيرز Bernhard Herz الذي كان يزوّد بوافان Boivin منذ عام 1912. وقد أعطى بيلبيرون Belperron الحرية لتصميم أي شيء تريده باسمها. وقاما معاً بتحويل شركته من دار للتصميم إلى علامة تجارية للمجوهرات تحمل اسمها. عندما غادرت بيلبيرون دار بوافان، لم تأخذ خبرتها في التصميم فحسب، كما يقول البعض، بل أخذت أيضاً بعض التصميمات. وقد شاهدت أودري فريدمان Audrey Friedman التي تجمع مجوهرات بيلبيرون Belperron وتبيعها من خلال معرض بريمافيرا Primavera الخاص بها في مانهاتن، قطعاً متطابقة تقريباً، منها ما يحمل توقيع بوافان Boivin، وأخرى مزوّدة بدمغة بيلبيرون Belperron. تتميز قطع Belperron بترصيعها بحجارة غير عادية، وغالباً ما تكون بقطع كابوشون، قبل أن يتم ترقيتها إلى مجوهرات راقية مرصّعة بالألماس والمعادن الثمينة. وباستخدام الأحجار الملونة، التي اختارتها لجمالها بدلاً من قيمتها، ابتكرت مجوهرات كانت تتعارض مع المجوهرات ذات الزوايا والبلاتين والألماس التي هيمنت على تصميم المجوهرات في ذلك الوقت. أحدثت تصميماتها ثورة في عالم الزينة، وذلك باستخدام مواد جديدة بنسب تبدو مبالغاً فيها.

جان توسان Jeanne Toussaint

غيّرت جان توسان Jeanne Toussaint، مديرة قسم المجوهرات الفاخرة في كارتييه Cartier، تصميم المجوهرات بشكل كبير في عام 1933. ومن خلال توجيهاتها، ابتعدت كارتييه Cartier عن تصاميم ذات النمط الديكو التجريدي، وتوجهت إلى الأعمال التصويرية المرصعة بالجواهر التي أصبحت من سمات الدار. توسان Toussaint هي وراء تصميم أشهر قطع كارتييه Cartier، بما في ذلك الطائر المحبوس الذي نفّذ في عام 1940، وهو رمز ضد الاحتلال النازي لباريس، وقطعة أخرى بعد أربع سنوات في يوم تحرير باريس، قفص بباب مفتوح، وطائر في منتصف الرحلة. صممت توسان Toussaint طيور النعام والفهود والببغاوات الغريبة أثناء قيامها بإدارة الدار. وسرعان ما أصبح النمر هو الزخرفة الأساسية والأكثر شهرة للعلامة التجارية.
يمكنك متابعة اللقاء على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط نساء شكلن عالم المجوهرات عبر العصور

إلسا سكاباريلي وإبداعاتها الغريبة

المصممة ألسا سكياباريللي Elsa Schiaparelli في عام 1936. (مصدر الصورة: Sasha/Hulton Archive/Getty Images)

أغلقت إلسا سكاباريلي Elsa Schiaparelli متجرها في باريس منذ ما يقرب من ستة عقود، إلا أن إبداعاتها الغريبة تبدو متطورة أكثر من أي وقت مضى. عملت سكاباريلي بين عامي 1920 و1954، لكن ذروة نشاطها كانت في العقد الذي سبق الحرب العالمية الثانية. لقد استمدت من جميع الحركات الفنية الشعبية في عصرها، بما في ذلك الحداثة، والمستقبلية، والتكعيبية، والديكو، والفن الأفريقي، ولكنها انجذبت بشكل خاص إلى السريالية. جنباً إلى جنب مع دالي Dali، تعاون جان كوكتو Jean Cocteau وألبرتو جياكوميتي Alberto Giacometti معها في التصاميم، التي قام سيسيل بيتون Cecil Beaton ومان راي Man Ray بتصويرهما. تعتقد سكاباريلي Schiaparelli أن مجوهرات الأزياء كانت جزءاً لا يتجزأ من تصميم الأزياء، بالإضافة إلى كونها شكلاً من أشكال الفن. غالباً ما يوصف عملها المبكر، الذي يعكس اهتمامها بالطبيعة والسريالية، بأنه غريب الأطوار، أو منمق للغاية. وتشكل مجموعتها Shocking Pink في عام 1936، في الوقت الذي كان فيه فستان الكوكتيل الأسود هو ذروة الموضة، انعكاساً للمبادئ السريالية.
ربما يهمك التعرف على أحدث ما قدمته الدور من ساعات بتصاميم غريبة.. قطع لا مثيل لها!

1 عقد بانتير دو كارتييه Panthère de Cartier
3 سيندي تشاو Cindy Chao
4 بياجيه Piaget

واليس سيمبسون وعلاقتها بتصميم ساعة كادناس

دوق ودوقة ويندسور في عام 1957. (مصدر الصورة: Hulton Archive/Getty Images)

تم تصميم ساعة كادناس Cadenas عام 1935، وهي مستوحاة من سيدة المجتمع الأمريكية واليس سيمبسون Wallis Simpson، التي أصبحت فيما بعد زوجة الملك المعتزل ألبرت السابع. وكادناس هي إحدى ساعات فان كليف أند آربلز Van Cleef & Arpels الأكثر شهرة، فهي ساعة أنيقة ورائعة، وتنقلك مباشرة إلى عصر آرت ديكو. تعتبر من التصاميم المعمارية الانسيابية، وتسمح للنساء بمعرفة الوقت بتحفظ أثناء الاستمتاع بأناقة سوار المجوهرات الراقية. لم تكن واليس سيمبسون Wallis Simpson شخصية غنية فحسب، بل استمتعت بالهدايا السخية التي قدمها لها زوجها، الذي لم يفكر مرتين في التخلي عن العرش بسبب مفاتنها. استجابت جميع دور المجوهرات الراقية الكبرى في ذلك الوقت لطلباتها، بما في ذلك دار فان كليف أند آربلز Van Cleef & Arpels، التي صنعت عقد Zip من الألماس المذهل للدوقة. تتميز ساعة كادناس من فان كليف أند آربلز Van Cleef & Arpels Cadenas الأصلية التي تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، بسلسلة ثعبان ذهبية مزدوجة متصلة بالمعصم بواسطة مشبك زاوي على شكل قفل. أعادت الدار النظر فيها بعد حوالي 80 عاماَ، حيث تم إجراء بعض التعديلات على القرص والترصيع الحجري والمشبك. تتميز الساعة، التي تحترم وضعها الأصلي المائل، بسهولة القراءة من خلال ميناء موسع وعلامات 12 ساعة.

1 سلسلة من مجموعة بالوما من .Tiffany and Co
2 أقراط من مجموعة بالوما من .Tiffany and Co
3 عقد من شوبارد Chopard
4 خاتم من شوبارد Chopard

بالوما بيكاسو وتيفاني آند كو

بالوما بيكاسو في عام 1990. (مصدر الصورة/ Barbara Rosen/Images/Getty Images)

بالوما Paloma، ابنة بابلو بيكاسو Pablo Picasso وفرانسواز جيلوت Françoise Gilot، وليس مستغرباً أن ترث موهبتهما، فهي ابنة اثنين من أشهر الشخصيات الفنية. هي مصممة وصانعة مجوهرات مشهورة لدى تيفاني آند كو Tiffany & Co.. كانت بالوما في الأصل مصممة أزياء، ودخلت عالم المجوهرات عن طريق الصدفة في عام 1968 حين جذبت بعض إبداعاتها من أحجار الراين اهتمام النقاد. ومن هنا تابعت تعليمها الرسمي في تصميم المجوهرات.
وفي عام 1969، قدمت أولى إبداعاتها من المجوهرات إلى صديقها ومصمم الأزياء الشهير إيف سان لوران Yves Saint Laurent، الذي كلفها على الفور بتصميم إكسسوارات ترافق إحدى مجموعاته. في عام 1980، بدأت بالوما بيكاسو Paloma Picasso في تصميم المجوهرات لشركة تيفاني آند كو Tiffany & Co..
صنّفت أعمالها بالجريئة والمبتكرة، سواء تم تنفيذها من الفضة الاسترلينية أو الذهب. وقد حصلت على العديد من الجوائز لعملها. تم عرض عدد من قطعها التي تحتوي على أحجار كريمة في متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الطبيعي والمتحف الميداني للتاريخ الطبيعي في شيكاغو.

1 عقد من مجموعة Red Carpet من شوبارد Chopard
3 ساعة Happy Diamonds من شوبارد Chopard
4 أقراط Red Carpet من شوبارد Chopard

كارولين شوفوليه وشوبارد

كارولين شوفوليه Caroline Scheufele في عام 2016. (مصدر الصورة/ Pascal Le Segretain/WireImage)

كارولين شوفوليه Caroline Scheufele هي المديرة الفنية والرئيسة المشاركة لشركة شوبارد Chopard. وهي ابنة كارل وكارين شوفوليه Karl & Carine Scheuffele، رائدي الأعمال الألمانيين اللذين اشتريا الشركة في عام 1963. خلال الثمانينيات، وسعت كارولين شوفوليه أعمالها لتشمل قطاع المجوهرات. في عام 1998، أعادت كارولين شوفوليه تصميم جائزة «السعفة الذهبية» لمهرجان كان السينمائي وجعلت شوبارد Chopard الشريك الرسمي للحدث. وتحت قيادتها، أصبحت العلامة التجارية واحدة من أوائل الشركات التي قامت بتنمية سوق السلع الفاخرة المستدامة و«الذهب الأخلاقي». تحت قيادة كارولين شوفوليه، أصبحت شوبارد Chopard واحدة من أوائل المطالبين باستخدام المواد الخام التي تلبي أعلى الظروف الاجتماعية والبيئية الممكنة، وتدعم الذهب المعتمد من التعدين العادل. وفي عام 2010، انضمت العلامة التجارية إلى مجلس المجوهرات المسؤولة RJC، الذي يحدد قواعد السلوك الجيد ويعزز الممارسات المسؤولة. كارولين شوفوليه مفتونة بالأحجار الكريمة الرائعة. وفي نوفمبر 2015، اشترت ماسة خام بوزن 342 قيراطاً تم اكتشافها في بوتسوانا. وأسفرت عن 23 حجراً من النقاء الرائع، تم ترصيعها في طقم المجوهرات الراقية ملكة كالاهاري، الذي عُرض في باريس في يناير 2017. وفي يناير 2022، قدمت كارولين شوفوليه حجر الزمرد الاستثنائي Chopard Insofu، الذي تم اكتشافه في منجم كاجيم في زامبيا. وهو أحد أهم أحجار الزمرد التي تم العثور عليها حتى الآن، من حيث الحجم، 6225 قيراطاً، والجودة. باعتبارها عالمة مجوهرات شابة وخليفة لشركة العائلة، استخدمت كارولين شوفوليه مفهوم الألماس الراقص في أوائل الثمانينيات. كما وضعت خطة لإعادة تصور ساعة Happy Diamonds.
يمكنك أيضًا الاطلاع على شوبارد عاشقة السينما شريكٌ رسمي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي