تظل البيئة هاجس يدوى صداه بين جنبات الكون الذي فقد صبره، وأعلن غضبه، وأظهر استياؤه ورفضه لكل تعاملات الإنسان غير المسؤولة معه، فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي أقض مضجعه، وأزعج هدوء فضاءاته، ولوث أجواءه ومكوناته، عقب ملايين السنين من الهدوء والتوازن والاستقرار مع باقى الكائنات الأخرى، حيث أفسد الإنسان الأمر، فلوث ودنس وأخل بالتوازن وأدخل وتدّخل عنوة بتكنولوجياته وتقنياته وعلومه ومعلوماته وخبراته البشرية المحدودة، ولم يستطع أن يسيطر على غضبة البيئة، والتي ثارت ثائرتها فأطلقت ثورتها العارمة وارتفعت درجة حرارة الأرض وظهر ما يُعرف بالاحتباس الحراري، ووصلت معدلات التلوث في كل أشكال البيئة لدرجات غير مسبوقة وأصبح لازمًا على كل إنسان على الأرض أن يساهم في استرضاء البيئة ومهادنتها ويوقف موجات تعديه عليها، ويكف عن فعل الفساد الذي يخل بتوازنها بكل الطرق.
-
المسؤولية العربية في الحفاظ على البيئة
وفقًا للموقع الرسمي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الإلسكو alecso.org، فعلى الرغم من أن دولنا العربية ليست المصدر الأساسي، أو المُصدّر الأساسي لفعل التلوث البيئي العالمي وأن الدول الصناعية الكبرى هي المسؤولة عن ارتفاع انبعاثات الغازات الملوثة للمناخ على أثر جموح عجلة الاقتصاد والسعى اللاهث لزيادة الإنتاج بغرض تحقيق النمو الاقتصادي، إلا أن الدول العربية، ومنذ نهاية القرن الماضي استشعرت أهمية قضايا البيئة ومن ثمّ فقد وجدت أن لها دورًا محوريًا لا يقل بأهميته عن الدور العالمي في كبح جماح التلوث، والعمل على انخفاض معدلاته ومن ثمّ أصدر مجلس الجامعة العربية قرارا بانعقاد اجتماع للبحث في مشاكل البيئة والمخاطر التي تهددها وكيفية المحافظة عليها وحماية أنظمة البيئة المختلفة في العاصمة التونسية عام 1986م، ليتم تأسيس مجلس الوزراء العرب الخاص بشؤون البيئة، والذي يقوم بمناقشة ما تم إحرازه من تقدم في مجال الحفاظ على البيئة، والإضاءة حول التحديات التي ما زالت بأوجهها وتحتاج للعمل عليها للحفاظ على البيئة وحمايتها بالمنطقة العربية، كذلك العمل على نشر التوعية البيئية بين المواطنين العرب ومحاولة إيجاد حلول للتخلص من تلوث البيئة وما يستتبعه من ظواهر أخلت من توازن النظام البيئي العالمي.
• تحديات يواجهها العالم العربي في الحفاظ على البيئة
وفقًا لموقع .iemed.org، تواجه الدول العربية مثلها مثل باقي دول العالم العديد من التحديات البيئية التي تعرض الملايين من الناس للخطر، خاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق النزاع والمناطق الملوثة بيئيًا، وتمثلت أهم التحديات البيئية العربية في:
- التخلص من النفايات الصلبة.
- ضعف الوعي البيئي.
- تلوث الغذاء.
- التلوث البحري.
- ندرة المياه في ظل الموارد المائية المحدودة.
- الصيد غير المشروع وفرط استغلال الثروة السمكية.
- منظومات توليد الطاقة غير الملائمة.
- تداعيات المترتبة على تغيرالمناخ..
- التلوث الهوائي.
- تدهور الأراضي والتصحر.
- عدم الالتزام بالتشريعات البيئية، وضعف المؤسسات البيئية.
• ماذا فعلت الدول العربية لمواجهة تحديات الحفاظ على البيئة
في السعودية: (الموقع الرسمي للمنصة الوطنية الموحدة my.gov.sa) التزمت المملكة العربية السعودية بالحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري، وفي الوقت نفسه عملت على تطوير أنظمة متكاملة وشاملة لتوفير الطاقة إلى جانب توفير العديد من المشاريع التي تساهم في زيادة إنتاج الطاقة الجديدة، كما التزمت المملكة كذلك بضمان بيئة جديدة للجميع من خلال أجيال المستقبل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وعملت على دعم أفضل الابتكارات الصديقة للبيئة .
في الإمارات: (حسب موقع البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة u.ae ) عملت الإمارات على حماية النظم الإيكولوجية البرية، وترميمها، وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف فقدان التنوع البيولوجي، كما عملت على المحافظة على الغطاء النباتي والموارد الطبيعية من خطر الانقراض والتلوث، وقامت دولة الإمارات بعدة بحوث ودراسات ومسوحات ميدانية لحصر أنواع النباتات بغرض الحفاظ عليها، وعلى مواردها الوراثية، كما أنشأت مؤشر التنوع البيولوجي للمدن في إمارة أبوظبي والذي يمثل أداة تقييم ذاتي للمدن في جميع أنحاء العالم. وقد بدأ استخدامه في إمارة أبوظبي لقياس ورصد التقدم المحرز في جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي، كما وضعت دولة الإمارات قوانيناً تحظر إلقاء النفايات، وشوائب النفط في المياه من قبل مئات من ناقلات النفط العاملة في المنطقة.
في الأردن: (حسب موقع قناة المملكة .almamlakatv.com) فعلى الرغم من أن الأردن تعتبر من الدول النظيفة بيئياً سواء على مستوى الهواء أو الماء أو التربة أو النبات، ومع هذا فهي تعمل على تبني ممارسات لحماية البيئة وحماية الموارد الطبيعية وحماية التنوع الحيوي وصولا إلى نمو اقتصادي مبني على ديمومة التنمية.
في مصر: (حسب الموقع الرسمي لجهاز شؤون البيئة المصرية eeaa.gov.eg) طرحت الحكومة المصرية عدد من المبادرات البيئة الهامة منها "المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية" كما أطلقت الإدارة المركزية لحماية الطبيعة حملة تحت اسم "بلو لاجون" تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية المحميات الطبيعية ودورها في الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، وأطلقت مصر كذلك مبادرة "الرئة الخضراء" والتي تقوم على تحديد 9900 موقع تصلح لتكون غابات شجرية، أو حدائق، كما أنشأت مصر "مجمع بنبان" العملاق للطاقة الشمسية في محافظة أسوان، وغيرها.
في تونس: (حسب الموقع الرسمي لمكتب التنمية المستدامة والسياسات البيئية tn.boell.org) حددت تونس استراتيجية وطنية "NDC" لمجابهة التغيرات المناخية حتى 2030، تضمنت أهدافا طموحة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال التقليص من كثافة الكربون بنسبة 45%، كما عمدت لتبني اجراءات للتكيف مع تداعيات التغير المناخي مع التركيز خاصة على تعزيز مقومات الأمن المائي والغذائي والمحافظة المستدامة على المنظومات الأكثر حساسية، على غرار الغابات والمراعي والسواحل والمناطق الرطبة والواحات، كما مدت تونس للاستثمار في مجالات الطاقات المتجددة خاصة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وذلك لإحلالهما محل الطاقة الملوثة للبيئة .