بقلم صوفي ندياي، مديرة فعاليات الشرق الأوسط بشركة ACCIONA Cultura
حان الوقت لنخطو خطوة أخرى إلى الأمام، للوصول إلى "صفر" ابنعاثات كربونية، والتحرك نحو مشروعات مبتكرة في قطاع الفعاليات والمعارض محلياً، حتى يشعر الناس بمزيد من الرضى ونساعد على تحسين صحة الكوكب."الفعاليات التجديدية" التي نسعى إليها تعالج التأثيرات السلبية التي تحدث في البيئة، وتحقق نتائج إيجابية للبيئة والمجتمع والاقتصاد، تعطي الأولوية للممارسات التي تعمل على استعادة النظم الطبيعية، وتحسين رفاهية المجتمع، وتعزيز العقلية الابتكارية، وتهدف إلى ترك إرث دائم عبر المساهمة الفعالة في تجديد النظم البيئية والمجتمعات التي تقام فيها وزيادة قدرتها على الصمود.
لا خلاف على أن تنفيذ ذلك يمثل تحديًا في قطاع تنظيم الفعاليات، ومفتاح التغلب على هذا التحديات، هو تبني عقلية ابتكارية مبدعة، بداية من مرحلة التصميم، مع التخلي عن النماذج التقليدية التي تخشى التغيير.
على سبيل المثال.. نحن نعمل يومياً على دمج حلول الاقتصاد الدائري التي تجعلنا نقترب أكثر فأكثر من تنفيذ مشروعات خالية من النفايات، ونستفيد من اتباع أساليب متعددة التخصصات وأكثر منهجية في أكسيونا، مثل التنقل المستدام أو الطاقة المتجددة، ونعمل أيضًا على استخدام المواد المبتكرة، وتقليل استهلاك الموارد خلال جميع مراحل تنفيذ مشروعاتنا، لا نهدف من ذلك إلى تصميم وتنظيم الفعاليات التي لا تقلل من التأثيرات السلبية على البيئة فحسب، بل تترك أيضًا إرثًا إيجابيًا على هذا الكوكب.
نعم، تحتاج "الفعاليات التجديدية" إلى تلبية معايير الاستدامة في ثلاثة أبعاد، فتسعى دائمًا إلى تحقيق التوازن بين الرفاهية الاجتماعي واحترام البيئة والنمو الاقتصادي، ومن أجل تحقيق هذا التحول والوصول إلى فعاليات خالية من الانبعاثات الكربونية، من الضروري أن نضع منهجية قوية وموثوقة للقياس الدوري، حتى نتخذ القرارات الصائبة ونصحح الانحرافات المحتملة ونضع أهداف محددة لتحسين وضعنا الحالي، فإذا كنا لا نعرف مكان بدايتنا، فمن الصعب أن نحدد وجهتنا.
بالنظر إلى ثاني أكسيد الكربون على سبيل المثال نجد أنه يمس العديد من الجوانب التي تنطبق على الفعاليات، فقياس نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وموازنة تأثيره إدراك منّا بالعواقب المناخية التي نجمت عن نشاطنا في شكل انبعاثات، وقياس نسبة تلك الانبعاثات يسمح لنا بوضع استراتيجيات لخفضها، لذا من المهم أن نعرف الانبعاثات الناتجة عن نقل وتوريدات الطعام والإقامة وما إلى ذلك، حتى نستطيع تحقيق أهدافنا.
هدفنا هو أن نصل إلى (صفر انبعاثات)، أو بعبارة أخرى أن نقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن فعالياتنا إلى أقرب ما يمكن إلى الصفر، ولتحقيق ذلك فقد وضعنا دليلًا للفعاليات المستدامة يتضمن المبادئ التوجيهية التي يجب أن تتبعها جميع الجهات المعنية حتى يصبح هذا الهدف حقيقة واقعة في عام 2040.
ولا ننسى ان المجتمع المحلي يلعب دورًا مهمًا للغاية في تنظيم مثل هذه الفعاليات، وأحد أهدافنا هو تنفيذ المشروعات المرتبطة بالثقافة والتقاليد المحلية، فنحن في "ثقافة أكسيونا" نعتمد على التحليل العميق لمحاولة تقليل أي فجوات محلية بالتعاون مع المجموعات والشركات التي تفيد المجتمع وتحقق الرفاهية البيئية، كما نحاول دمج المجتمعات كجزء من البرنامج الذي نقدمه في كل فعالية، مع إبراز هوية كل مكان من خلال تجارب تتيح لنا التعرف عن قرب على التراث المادي والمعنوي للمواقع التي نعمل بها.
إن تحقيق الاستدامة لا يعني موازنة تأثير الانبعاثات الناتجة عن نموذج أعمال غير مستدام، فالعمل التحويلي الحقيقي هو جعل العملية برمتها مستدامة تمامًا، ومن هذا المنطلق فحصولنا على شهادة أيزو 2021 -التي تضمن الإدارة المستدامة لجميع عمليات الفعاليات- يقودنا إلى التحسين المستمر في الجوانب المؤثرة على الأبعاد الثلاثة وهي الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
لقد برزت "الفعاليات التجديدية" كنهج حيوي للتعامل مع المخاوف البيئية مع تعزيزها في نفس الوقت للنمو الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية، ومن خلال دمج المبادئ الأساسية مثل كفاءة الطاقة وإدارة النفايات والعدالة الاجتماعية تحقق هذه الفعاليات فوائد عديدة للمجتمع، فهي لا تقلل من التأثير البيئي للتجمعات فحسب، بل إنها تعمل أيضًا على إشراك المجتمع وتعزيز السمعة وترك إرث طويل الأمد.
وبينما نسعى جاهدين لتحقيق مستقبل أكثر استدامة، يصبح اعتماد الممارسات الخضراء في إدارة الفعاليات أمرًا تزيد أهميته يوما بعد يوم، ويتيح لنا تنظيم الفعاليات التجديدية أن نرتقي بالحاضر مع الحفاظ على المستقبل للأجيال القادمة.