الورق اختراع صيني عزز انتشار الثقافة الإنسانية

الورق له ذاكرة لا تُمحى، فما تحتضنه الصفحات من معارف وعلوم وثقافات، يبقى فيها جالساً هادئاً متأنقاً فوق السطور أو متدثراً مرابضاً بفضاءات الصفحات الناصعة الخالية ليملأها بالأفكار، أو برسوم وتصاميم وأخبار عبر كتابات، ونقوش بزوايا الحروف والأبجديات بنهاياتها واتجاهاتها خالقاً سطوراً بصرية وهمية تكرس لمظهر جمالي مريح للعين، فهل سألت نفسك يوماً كيف اختُرع الورق ومن اخترعه... تابع في السياق التالي لتتعرف إلى إجابة هذا السؤال.

أحد أهم إنجازات الحضارة

منذ اختراعه، سجل الورق نفسه حرفياً في تاريخنا البشري والإنساني كأحد أهم إنجازات الحضارة المحافظ عليها والناقل لها، فمن منا يتخيل الحياة بدون الورق حيث عملية الكتابة كانت لا تتعدى كونها نقوشاً على الأحجار أو الصخور أو مختلف الوسائط الصعبة والمعقدة أو حتى على لفائف الجلد وألياف النبات، فلا يمكن إنكار أن الورق ساعد البشر بشكل غير مسبوق على سهولة التواصل.
بحسب موقع متحف تيموثي سي لام للأنثروبولوجيا lammuseum-wfu-edu، فقد مر اختراع الورق وتطويره ونشره أيضاً بعملية شاقة حتى انتشر بالنهاية بكل أرجاء العالم.

مراحل انتشار الورق:

• اخترع الورق الصينيون عام 105 بعد الميلاد خلال عهد أسرة هان.
• انتشرت شعبية الورق ببطء إلى الغرب عبر سمرقند وبغداد بالعراق.
• بدأت صناعة الورق في أوروبا في إسبانيا وصقلية في القرن العاشر على يد المسلمين الذين كانوا يعيشون هناك في ذلك الوقت.
• انتشر استخدام الورق تدريجياً إلى إيطاليا وجنوب فرنسا.
• وصل الورق إلى ألمانيا ودول شمال أوروبا الأخرى بحلول القرن الخامس عشر الميلادي.

لطالما ساهمت الأوراق والأقلام في صياغة الأفكار الإنسانية، فماذا تعرفين عن قلم "الحبر الجاف".. من اخترعه ولماذا شكّل طفرة في الكتابة؟

مراحل سبقت اختراع الورق

المرحلة الأولى

قبل ظهور الورق، كان هناك العديد من المواد التي تُستخدم للكتابة عليها في الصين، ومنها عظام أوراكل (وهي قطع من لوح كتف ثور أو بطن درقة السلحفاة والتي كانت تستخدم في الصين القديمة)، والتي عُدت أساساً للكتابة عليها أثناء أواخر أسرة شانك فقد امتازت هذه الوسائل بأنها كبيرة ومسطحة ومريحة للنحت أو للنقش والكتابة، ويُعتقد أن Oracle استغرقت ما لا يقل عن 1500 عام منذ بداية استخدامها بالكتابة، لذلك يمكن إرجاع أصلها إلى حوالي 3000 عام قبل الميلاد.

المرحلة الثانية

تلى تلك المرحلة فترة استخدم فيها الذهب وأدوات معدنية أخرى مثل البرونز والنحاس والقصدير، وكانت تُشكل على هيئة سبيكة ينقش عليها الكتابة بأدوات النقش أو النحت، وكانت هناك كذلك كميات صغيرة من الحديد والفضة، والتي تم تداولها في فترة ما قبل أسرة تشين. وفي ذلك الوقت، كانت معظم الشخصيات والكتابات الرمزية تُنقش على الأجراس والحوامل الثلاثية وغيرها من الأشياء الاحتفالية، لذلك سُميت بالنقوش البرونزية أو نقوش الجرس والحامل ثلاثي القوائم .

المرحلة الثالثة

استخدم الخيزران والخشب بعد ذلك كصفحات للكتابة، حيث كان كلاً من الخيزران والخشب يُقسم إلى شرائح طويلة وضيقة يتم استخدامها لتسجيل النص، وكانت تستخدم على نطاق واسع من عصر ما قبل أسرة تشين إلى الممالك الثلاثة وأسرة جين . بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضاً تلك التي تستخدم ألواحاً خشبية عريضة كحاملات للكتابة، تسمى الزلات.

المرحلة الرابعة

كان يُنظر إلى الحرير بالعصور القديمة على أنه نسيج نبيل، حيث مثل الحرير بمميزاته كنسيج خفيف وناعم وقوي، مادة مثالية للكتابة. ومع ذلك، كان إنتاجه قليلاً وكان سعره باهظ الثمن، لذلك لم يستطع معظم الناس تحمله، ومن ثم لم تستمر هذه الوسيلة للكتابة طويلاً.

ورق تساي

تُعرف صناعة الورق بأنها واحدة من الاختراعات الأربعة العظيمة في العصور القديمة واختراع مهم عزز انتشار الثقافة الإنسانية، فخلال عهد أسرة هان الشرقية، أراد تساي لون تنفيذ الابتكار التكنولوجي والتحول إلى استخدام مواد رخيصة مثل اللحاء والخرق ورؤوس القنب وشباك صيد السمك والألياف النباتية الأخرى لصنع الورق، مما قلل بشكل كبير من تكلفة صناعة الورق، وكان تساي لون يقوم بتجميع هذه المواد، ويعمد لطحنها وعجنها وتجفيفها لصناعة الورق، وقد تميزت الأوراق المصنوعة من قبل تساي برقتها وتبطينها، حيث تُصنع من قوالب مسامية والذي شكل اختراعاً مميزاً، وقد أبلغ تساي لون الإمبراطور يوان شينغ من أسرة هان، عن نتائج تحسين صناعة الورق، وقد أعجب الإمبراطور بمواهب تساي لون كثيراً، وقام بترويج تكنولوجيا صناعة الورق المحسنة في أماكن مختلفة. وبدءاً من عهد الإمبراطور هانان أطلق البلاط الإمبراطوري على تساي لون اسم ماركيز لونجتينج، لذلك أطلق الناس لاحقاً على الورقة اسم "ورقة تساي".
ومنذ  ذاك الوقت تحسنت صناعة الورق بصورة عظيمة حيث يسهل العثور على هذه المواد الخام رخيصة الثمن وللتحول لأوراق يسهل الكتابة عليها والذي شجع على ظهور الكتب الورقية، ومن ثمّ تُعرف صناعة الورق بأنها واحدة من الاختراعات الأربعة العظيمة في العصور القديمة واختراع مهم عزز انتشار الثقافة الإنسانية.
وإذا أردت التعرف إلى المزيد من الاختراعات الإنسانية المذهلة فإليك: التاريخ السري لـ"اللون الأزرق" ... قصة مدهشة بدأت باختراع الفراعنة ووصلت لعصر التكنولوجيا