ماذا تعرفون عن بحور الشعر العربي؟

بحور الشعر العربي
الشعر لسان العرب

الشعر لسان العرب ودليل فصاحتهم، وموضع فخرهم وفخارهم، منذ قديم الزمان أنعم الله عليهم بطول اللسان وقوة البيان وقوة العلاقة وجزالة التعبير حتى بلغوا بصياغاتهم العنان، وهل أنجبت الأرض ألسنة تضاهي ألسنة العرب في فصاحتها وبيانها، وما يتمخض عن قريحتهم من أبيات وقصائد تُعبر عن مختلف مناحي حياتهم وتصوغ مختلف سياقات مشاعرهم وأحداثهم، فماذا تعرفون عن بحور الشعر العربي.. وما هو البحر الشعري ولماذا سُمي كذلك؟ إذا أردتم أن تعرفوا الإجابة على تلك الأسئلة تابعوا السياق التالي..

تعريف البحر الشعري

شاعر يكتب قصيدة بقلم الحبر وأمامه دواة الحبر- الشعر لسان العرب وموضع فخارهم


يقول د. صبري عبدالعزيز – أستاذ متفرغ بكلية الآداب قسم اللغة العربية ولديه رسالة دكتوراة حول علم العروض وموسيقى الكلم عند الفراهيدي لسيدتي: بحور الشعر أو البحر الشعري اصطلاح لغوي يصف وزن البيت الشعري أو وزن موسيقى الشعر يُطلَق على مجموع التفاعيل التي تنظم من خلالها أبيات الشعر العربي فتؤدي لتنظيم جمل وكلمات أبيات القصيدة بطريقة إبداعية ذات جرس موسيقي يُشنف الآذان، والتفاعيل هي الأوزان، والبحر هو ذلك العقد الذي ينظم عليه الشاعر قصيدته، وسُميِّت بحور الشّعر بهذا الاسم لأنّها أشبّه بالبحر الذي يُغرف من مياهه ولا ينتهي، فاللغة العربية بكلماتها الجزلة ومفرداتها معين لا ينضب.

أول من وضع بحور الشعر

يقول د. صبري، من المعروف أن علم العروض مولود الحضارة الإسلامية المدلل بلا منازع، وهو علم يُعنى بأوزان وبحور الشعر العربي والخليل بن أحمد الفراهيدي العالم العربي هو الذي ابتكر هذا العلم، وسنَّ جميع أصوله وقواعده، وعامة يُعرّف علم العروض على أنه العلم الذي يبحث في أحوال أوزان الشعر العربي المعتبرة، ويعرِف صحيحها من فاسدها، وقد قسَّم الفراهيدي أوزان الشعر إلى بحور وكانت خمسة عشر بحراً عند الخليل، وجاء من بعد الخليل الأخفش، وهو تلميذ سيبويه (إمام النحاة، وأول من بسّط علم النحو) والذي وجد أن هذه الأبحر ما زالت غير تامة فزاد بحراً جديداً فأَصبح العدد ستة عشر بحراً شعريّاً، لكلِّ بحر وزنُهُ الخاص وجوازتُهُ وضوابطه وزحافاتُهُ، وقد سُمي البحر الأخير من أبحر الشعر بالبحر المُتدارَك عندما تدارك الأخفش به ما قام به الفراهيدي.
قد ترغبون كذلك في التعرف إلى المزيد عن: الشعر العمودي وكيف اختلف بين القديم والحديث

بحور الشّعر العربيّ نوعان أساسيان

للشعر العربي العديد من الأوزان الشعرية والتي تُكسبه موسيقاه

كان العرب ينظمون الشعر اعتماداً على الإبداع الفطري والسليقة العربية المتقدة والفطرة المتدفقة، فكانوا ينهلون من عذب الألفاظ العربية ويصيغونها شعراً عربياً أصيلاً، معتمدين على الموسيقى الشعرية المخصصة لكلِّ قصيدة.. وعامة فبحور الشعر العربي تم تقسيمها إلى جزئين أساسين:

  1. البحور الممزوجة: وسُمِّيت بهذا الاسم لأنّها بحور تتمازج بها التفعيلات وتتنوّع، وهي تسعة بحور.
  2. البحور الصّافية: وهي البحور التي تتكرّر فيها نفس التّفعيلة، وهي سبعة بحور.

أولاً البحور الممزوجة:

البحر الطّويل

سمِّيَ بالطَّويل لأنَّهُ طالَ بتمامِ أجزائِهِ، وهو أكثر الأوزان شيوعاً عند الشعراء الأقدمين، ويُعتبر قائد البحور الشعرية المخضرم، ومثالُهُ معلقة امرئ القيس الشهيرة ويقول فيها: قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزِلِ بسقطِ اللوى بين الدَّخولِ فحومَلِ.

البحر البسيط

وهو بحر بسيط غنائيٌّ مرن، ومن أمثلتِهِ معلّقة النابغة الذبياني الشهيرة: يا دارَ ميّة بالعلياء فالسَّنَدِ أقوتْ وطالَ عليها سالفُ الأمَدِ.

البحر الوافر

وهو من أوفر البحور عطاءً، وقد كُتبت عليه معلقة عمرو بن كلثوم الذي يقول: ألَا هُبِّي بصحنِكِ فاصبحينا ولا تُبقي خمورَ الأندرينا.

البحر السّريع

من اسمِهِ يعتبرُ أسرعَ البُّحورِ الشِّعريةِ، ويصلحُ لوصفِ العَواطف، ومثالُهُ قولُ نزار قباني في قصيدتِهِ: أكرهها وأشتهي وصلَها لكنَّني أحبُّ كرهي لها.

البحر المُنسَرح

سُمِّي المنسرح لانسراحِهِ أي لسهولتِهِ على اللسانِ، لكنَّه صعبٌ على الشعراء، لذا قلة من كانوا ينظمون قصائدهم عليه، ومن أمثلتِهِ: أواه يا ليل طال بي سهري وساءلتني النُّجوم عن خبري.

البحر الخفيف

سُمِّيَ بالخفيفِ لخفتِهِ طبعاً، ومن أمثلتِهِ المعلقة الشهيرة التي تقول: آذنتنا ببينها أسماءُ رُبَّ ثاوٍ يمِلُّ منه الثَّواءُ.

البحر المُضارَع

سُمِّي كذلك لمضارعته أي مشابهته لبحر الخفيف، ومن أمثلتِهِ: وغائباً عن عيونِي وحاضراً في خيالِي.

البحر المُقتَضَب

سُمِّيَ بالمُقتضب لأنَّه اقتضب، أي اقتطع من بحر المنسرح بحذف تفعيلته الأولى، من أمثلتِهِ: قد أتاكَ يعتذرُ لا تسلْهُ ما الخَبَرُ.

البحر المُجتثّ

سُمِّي مجتثًّا لأنَّه اجتُثَّ، أي اقتطع من بحر الخفيف بتقديم مستفعلن على فاعلاتن، ومثالُهُ: سئمتُ كلَّ قديمٍ عرفتُهُ في حياتِي.

ثانيا البحور الصّافية:

البحر المُتقارِب

سُمِّيَ بالمُتقارب لقرب أسبابِهِ من أوتاده، وهو يصلح للسَّرد والتعبير عن العواطف الجياشة، ومن أمثلتِهِ: أخي جاوزَ الظَّالمونَ المُدى فحقَّ الجِهادُ وحقَّ الفِدا.

البحر المديد

سمِّي مديدًا لأنَّ قواعدهُ امتدَّتْ في أجزائِهِ السُّبَاعية، فصار أحدها في أول الجزء، والآخر في آخرِهِ، وهو بحرٌ ثقيلٌ على السَّمعِ لذا يجتنبُهُ الكثيرُ منَ الشُّعراء، ومثالُهُ قول الشاعر: أدَلالٌ ذاكَ أمْ كَسَلُ أمْ تَنَاسٍ منك أمْ مَلَلُ أمْ -وقاك اللهُ- فِي كدَرٍ أمْ علَى الأعذارِ مُتَّكِلُ.

البحر الكامل

هو أكثر بحور الشعر استعمالاً قديماً وحديثاً وهو بحر أحادي التفعيلة "متفاعلن" وسُمي كامالاً لتمامه. من شواهده قول الشاعر: بان الشباب وأخلفَ العمر.. وتنكر الإخوان والدهرُ.

البحر الهَزَج

سُمِّي بالهزجِ لأنَّ العرب كانت تغني به، والهزج لون من الغناء، ومثالُهُ: جميلُ الوجهِ أخلاني منَ الصَّبر الجميلِ غزالٌ ليسَ لي منهُ سوى الحزنِ الطَّويلِ.

البحر الرَّجز

وهو أقل البحور تناسقاً في الإيقاع لكثرة جوازاتِهِ، وكانتْ العرب ترجزُ ارتجالاً، ومن أمثلتِهِ: يا منْ إليهِ أشتكي منْ هجرِهِ هلْ أنتَ تدري لوعةَ المَهجورِ؟.

البحر الرَمَل

سمِّيَ بالرَّمل لسرعة النطق به، ويمتاز بالرقة لذا يصلح لشعراء الغزل، ومن أمثلتِهِ الشهيرة قصيدة إبراهيم ناجي التي قال في مطلعها: يا فؤادي لا تسلْ أينَ الهوى كانَ صرحاً من خيالٍ فهوى.

البحر المُتدارَك أو المُحدَث

هو آخرُ بحور الشعر العربي، وسُمِّيَ كذلِكَ لأنَّ تلميذَ الخليل الأخفش تداركَ بهِ آخرَ بحور معلمه الفراهيدي الذي أهمله، ويصلح هذا البحر للموشحات والغناء، ومن أمثلتِهِ ما قال نزار قباني: فمُها مرسومٌ كالعنقود ضحكتها أنغام وورودْ.
والآن بعد أن تعرفتم على بحور الشعر العربي ربما يأخذكم الشغف للتعرف على: كيفية كتابة الشعر الموزون