«قالت لي العصفورة إنك لم تذهب للمدرسة اليوم».. هذه العبارة الأبوية، عاشت كثيراً في ذهنية طلاب المدارس، في مراحلهم الابتدائية، والمتوسطة، خاصة في العقدين الماضيين، دون أن يعرفوا من هي هذه العصفورة التي تخبر الوالدين عن تحركات أبنائهم في المدرسة.
وطبعاً العصفورة غالباً هي المرشدة الطلابية، أو المرشد الطلابي، الذي كان يقضي وقتاً طويلاً كل صباح ليتأكد من جداول الغياب، ويبحث عن أرقام هواتف الأهل، وسط دوامة يومية لا تنتهي.
غير أن دخول الإنترنت والتوسع في استخداماته وبرامجه جعل العصفورة تأخذ شكلاً آخر، حيث صارت العصفورة، موقعاً إلكترونياً جميلاً للمدرسة، يفتح للوالدين مغارة علاء الدين، بنقرة ماوس؛ ليطلعوا على كل شيء يخص سير ابنهم الدراسي.
يقول محمد الشهري، وهو مشرف طلابي سابق، ومدير مجمع مدارس حالياً، إن متابعة الأبناء في المدرسة من قبل الأهل كانت تمر بظروف صعبة، تبدأ من انشغال الأب، وصعوبة التواصل مع الأم، وصولاً للظروف المختلفة للأبناء من انفصال الوالدين، وتعثر فرص الالتقاء بولي الأمر في يوم الآباء الذي يعقد مرة واحدة كل ترم دراسي.
ويردف الشهري، قائلاً: اليوم، يمكن للأب وهو يستعد لقطع تذكرة سفره لخارج البلاد، أن يطمئن أن ابنه في المدرسة وليس عليه ملاحظات؛ من خلال جهاز الآي فون المتصل شبكياً بالإنترنت، والدخول لحساب ابنه الأكاديمي.
ويرى المعلم عبدالرحمن الغامدي، أن أسطورة العصفورة التي هي اليوم مثار تندر، كانت سائدة في وقته : «كنت أشك أن أي عصفور يحلق على رأسي وأنا غائب عن المدرسة، سيخبر أبي بأنه رآني، كنت صغيراً لا أدري أن هذا العصفور هو الرجل الجالس دوماً في غرفة صغيرة بجوار غرفة المدير».
ويبتسم الغامدي للتقنية التي جعلت من متابعة الأبناء عملاً سهلاً للآباء، ونقطة ضغط على الأبناء: «الآن لا يستطيع الطالب تزوير الدوائر الحمراء، ولا ادعاء أن اليوم يوم مفتوح للمدرسة، ولا أن يغادر المنزل للمقهى بدلاً من المدرسة.. يستطيع الأب أو الأم خلال ثوان كشف الحكاية».
غير أن ما يجعل من قصة دخول التقنية منافساً لأسطورة العصفورة، هو نفسه ما يشاركها العيب ذاته بحسب المختصين، حيث يرون أن إهمال كثير من الآباء يشمل حتى الوصول لحسابات أبنائهم الأكاديمية، بداعي الانشغال أو عدم القدرة على استخدام الحاسب الآلي، مفضلين الأسطورة القديمة بالذهاب دورياً لمكتب العصفورة، أي إلى المدرسة شخصياً، ومعرفة الأخبار من المرشد الطلابي.
وأنت من هي العصفورة بالنسبة لأطفالك؟