ثمّة اعتقاد سائد بين الأهل أنّ مشاركة الطفل في الأعمال المنزلية امتهان لطفولته، خصوصاً للصبي، ليقتصر الأمر على البنت! ولكن، مع ازدياد العاملات المنزليّات، يُعفى الجميع من هذه المشاركة. فما صحة هذا الاعتقاد؟
اختصاصية علم النفس والتقويم التربوي سوزان عبد الواحد حسن من مركز «مأب» للتأهيل تطلعك على أبعاد هذه المسألة.
|
يحمل دفع الطفل على المساعدة في القيام ببعض الأعمال المنزلية، مهما كانت بسيطة، فائدةً كبيرةً. فهذا التدبير يدفعه إلى تطوير مهاراته العمليّة وتنمية إحساسه بالمسؤولية، كما يجعله يدرك أنّ العلاقة بين أفراد العائلة هي علاقة تعاون ومشاركة وليست علاقةً اتكاليّةً. وفي ظلّ انشغال الوالدين بمهام ومسؤوليات جمّة، تفيد هذه الطريقة في منح الأهل وقتاً أطول لقضائه مع أبنائهم، ممّا يساعد على تواصلهم بشكل أفضل. ومما لا شك فيه أنّ هذه الطريقة فعّالة في الحدّ من الفوضى التي يحدثها الطفل، لأنّه عندما يدرك أنّ ما يقوم به من بعثرة للألعاب وتقطيع للأوراق وإلقاء للملابس هنا وهناك، سيطالب بإعادة تنظيمه في ما بعد، فإنه سيعدل عن سلوكه الفوضوي.
أخطاء تربوية
يعارض بعض الأهل تكليف الأطفال بالقيام بالأعمال المنزلية، لشعورهم أنّ هذا الأمر يتعارض مع واجباتهم المدرسية وأنشطتهم الأخرى أو يستنفد وقت الفراغ الذي يجب أن يقضوه في اللعب أو الاسترخاء. وتبدو أسباب البعض الآخر متعلّقة في عدم الثقة في قدرات الأطفال على القيام بهذه الأعمال أو توفيراً لعناء إقناعه الأطفال بالقيام بتلك الأعمال، ثمّ الإشراف عليه وإزالة آثار الفوضى الناتجة عنه في ما بعد! وهذه الفئة تؤذي أبناءها أكثر مما تساعدهم، لأنّها تنسى أنّ قيام الطفل بالمهام المنزلية يعلّمه معنى المسؤولية، ويؤهّله لمواجهة الحياة عندما يكبر.
بالمقابل، يشكّل التمييز بين الصبي والبنت في القيام بالأعمال المنزلية سبباً رئيساً لإثارة الخلافات داخل الأسرة، علماً أن تدليل الولد يعوّده على الاتكالية ويجعله شخصاً لا يمكن الاعتماد عليه ولا يمكنه حتى الاعتماد على نفسه لافتقاده المهارات العملية الخاصة مثل التنظيف والتسوق والطبخ والتنظيم... وهذه المهارات سوف يحتاج إلى القيام بها في ما بعد في حياته.
وتجدر الإشارة إلى أنه من الضروري وضع قواعد لضبط هذه الأعمال بين الأبناء ضمن حدود عادلة، وذلك حسب أعمارهم وبصرف النظر عن أجناسهم، مع وضع لائحة ثواب وعقاب، والاستمرار في التقيّد بها كي لا يقع الوالدان في خطأ التعامل مع الطفل حسب مزاجهما الشخصي.
يحثّ هذا التدبير الطفل على تعلّم المسؤولية
وسائل للتحفيز
من الضروري تدريب الأطفال منذ الصغر على القيام ببعض المهام المنزلية، وذلك عبر جعل الأمر لعبةً أو مسابقةً في البداية، ما سيجعل الطفل يشعر بالمتعة. ومع تكرار الأمر، سيدرك أنّه واجب عليه القيام به. ويجدر بالأم الترديد على مسامع الطفل دائماً أنه من خلال قيامه ببعض الأعمال المنزلية يساهم بدور هام داخل الأسرة، مع عدم إغفال توجيه الشكر إليه عند فراغه من أداء العمل الموكل إليه، والثناء عليه إن قام به بشكل جيد، وذلك بهدف تحفيزه معنوياً. ولدى شعورك بأنّ الملل بدأ يتسلّل إليه ويحاول التهرّب من هذه المهام، عليكِ أن تتعاملي معه بمرونة من دون صراخ أو تهديد أو تأنيب. ويمكن، في هذه الحالة، اللجوء إلى الحافز المادي كشراء لعبة جديدة أو كتاب شيّق أو اصطحابه إلى مطعمه المفضل أو السماح له بزيارة أصدقائه... فهذه الحوافز تشكّل وسيلةً يتعلّم من خلالها أنه قبل أن يأخذ يجب أن يعطي أولاً، وهذا بحدّ ذاته درس مفيد.
يجب أن تقسّم الأعمال
بين الأولاد بصورة عادلة
الأعمال المناسبة لسنّه
تلافياً للوقوع في حيرة الاختيار بين الأعمال المناسبة لعمر طفلك، يمكنك الاستعانة بالدليل التالي:
في سن الثانية، اطلبي إليه أن:
n يضع ألعابه في الأماكن الخاصة بتخزينها.
nيضع ملابسه المتّسخة في سلّة الغسيل.
n يحضر غرضاً ما إن كان في متناول يده.
n يغلق الأبواب.
بين الثلاث والخمس سنوات، اطلبي إليه أن:
n يعيد الأغراض إلى أماكنها.
n ينفض الغبار عن قطع الأثاث التي في متناول يديه.
n يساعد في طيّ الملابس ووضعها في الخزانة، إن كانت في متناول يديه.
n يسقي النباتات.
n يرتّب سريره.
بين الست والتسع سنوات، اطلبي إليه أن:
n يطعم الحيوانات الأليفة.
n يساعد في وضع مشتريات السوق في أماكنها.
n يساعد في تحضير الطاولة أو ينظّفها.
n يرتّب غرفته.
بين العشر والثلاث عشرة سنة، اطلبي إليه أن:
n يحضّر الساندويتشات التي يفضّلها.
n يشغّل الغسّالة الكهربائية، ينشر الغسيل ويقوم بطيّه ويعيده إلى
المكان المخصّص له في داخل الخزانات.
n ينظّف النوافذ.
n ينظّف البيت أو الحديقة.
بين أربع عشرة وسبع عشرة سنة،
اطلبي إليه أن:
nينظّف الحمّام وأرضيته.
n يرتّب خزانة الملابس.
n يحضّر بعض الأكلات الخفيفة لكل العائلة.
n يغسل وينظّف سيّارة العائلة.
من الضروري تعليم الطفل القيام ببعض المهام
هام لطفلك...
ينصح بالتفكير أولاً في أمان الطفل قبل أن توكل إليه أيّة مهمة من الأعمال المنزليّة، نظراً إلى أنّ بعض الأعمال التي قد تبدو آمنة بالنسبة للكبار قد تكون خطرة للطفل، كالطهو أو استخدام الأجهزة الكهربائية، علماً أن بعض الإحصائيات تشير إلى أنّ أعداداً كبيرة من الأطفال يتعرَّضون للإصابة من جرّاء الحوادث المنزلية.
مشاكل أطفالك تجيب عنها:
مستشارة «سيدتي»
دكتورة ابتهاج طلبة
1 - طفلي مشاغب للغاية! فهو ثرثار في الصف، ويواجه ملاحظات جمّة عن سلوكه، ويكرّر هذه الأفعال في المنزل. ما هي الحلول المقترحة لحالته؟
سهى _ القصيم
> يجب أوّلاً أن نفرق بين سلوكه في المدرسة وسلوكه في المنزل، إذ من الممكن أن يكون طفلك ذكياً ومتفوّقاً في دراسته ومشاغباً في الوقت عينه. ولا بدّ أن نوضح له أن هناك أصولاً يجب أن يتّبعها في المدرسة، ويتمّ ذلك بتوجيه من المعلّمة، فإذا لاحظت أن لديه نشاطاً كبيراً، فلتحاول أن توكل إليه مهاماً ومسؤوليات لامتصاص الطاقة التي بداخله، بصورة إيجابية داخل الفصل الدراسي. أمّا في المنزل، فيجدر بالأم أن تستمع إلى ابنها، بحيث يستطيع تفريغ طاقة الكلام بصورة جيدة ونافعة في الوقت نفسه.
2 - أعيش في المهجر. في أي سنّ يجدر بي تعليم طفلي الصلاة وتعاليم الدين؟
أحلام ـ كندا
> لا يتعلّم الطفل أداء الصلاة أو العبادات، وإنما يُقلّد آباءه في المنزل حين يراهم يقومون بالأمر. وهو يكتسب هذا السلوك ابتداءً من سن 3 سنوات، فإذا رأى أباه وأمه يذهبان للوضوء، فسوف يقوم بذلك. ومع الوقت، يقف بجوارهما لأداء الصلاة، مرّة تلو الأخرى، حتى يتعلم أداء العبادات بطريقة شكلية، إلى أن يعلم محتوى الشعائر ويتعمّق في فهمها، ويتلافى الأخطاء التي يرتكبها في أدائها، إلى أن يصبح مؤديًا لها بصورة صحيحة.
3 - ما هي وسائل تعزيز ثقة
الطفل المريض بنفسه، إذ إن ابني يعاني من
الربو، وممنوع عليه ممارسة الرياضة والركض؟
ربى ـ السعودية
> يشعر الطفل المريض دائماً أنّه أقلّ من غيره! ولكي تتعزّز ثقته في نفسه، يجدر بالأهل أن يدفعوه إلى ممارسة حياته بشكل طبيعي، وذلك بما يتناسب مع صحته. فعلى سبيل المثال، يجب أن تدعه أمّه يمارس الألعاب التي تتناسب مع حالته، وعندما تتحاور معه، عليها أن تشدّ عزيمته للتغلّب على حالته بطرق أخرى، كأن تظهر له أنه أفضل من غيره، إذ إن هناك من هم في حال أسوأ منه. ولا بدّ من أن تحثّه على ممارسة حياته بدون خجل.