ثمة أنواع عدّة من الإلتهابات التي قد تصيب ملتحمة العين، وهي الطبقة الرقيقة الخارجية من الخلايا التي تبطّن مقدّمة العين وباطن الجفنين. وقد أشارت الإحصائيات البريطانية الحديثة الصادرة عن «مركز طب وجراحة العيون» Ophthalmology - Eye Treatment Centre أن حوالي 70% من التهابات الملتحمة تنتج عن وجود عدوى، قسّمها الباحثون إلى قسمين: القسم الأول حاد، فيما الثاني مزمن، علماً أن حوالي 30% من الإلتهابات قد تنتج عن وجود حساسية إما داخلية أو خارجية، ما قد يتسبّب في إصابة الملتحمة بتورّم خطير يزول بشكل طبيعي خلال بضعة أيام من الإصابة. «سيدتي» اطّلعت من زميل كليّة الجرّاحين الملكية وزميل معهد العين بجامعة ميامي واستشاري أمراض العيون والجهاز الدمعي ورئيس وحدة جراحة العيون التجميل وأمراض العين الخارجية في «مركز مغربي للعيون» بجدة الدكتور أشرف حسن صبري على الأنواع المختلفة من التهابات ملتحمة العين وأهم الأعراض وطرق العلاج الخاصّة بكل نوع منها.
تلاحظ أعراض التهاب الملتحمة للمرّة الأولى غالباً عند الإستيقاظ صباحاًً، وعادة ما تصيب العينين. ومن بين أعراضه: احمرار والتهاب بياض العينين وإفراز الدموع والإحساس بوخز وألم ووجود جسم غريب داخل العين يشبه الرمل والتصاق الجفنين معاً والحكّة المستمرة. وقد قسّم الباحثون أنواع عدوى الملتحمة إلى:
إلتهاب الملتحمة الحاد Acute Conjunctivitis:
تعزى الأسباب المسؤولة عنه إلى وجود عدوى إما بكتيرية Bacterial أو فيروسية Viral. ويندرج تحت كل نوع منها مجموعة من الإلتهابات التي تصيب العين وتختلف من حيث أعراضها و طرق علاجها، منها:
العدوى البكتيرية:
وتشمل أنواعاً ثلاثة من الإلتهابات، هي:
1- الرمد المخاطي القيحي Mucopurulent Conjunctivitis: مرض معدٍ للغاية، يمتاز بوجود احتقان في العين، إلى جانب إفرازات مخاطية صديدية ينتج عنها التصاق الأهداب ببعضها خصوصاً في الصباح، وذلك نتيجة تراكمها ليلاً. ومن مسبّباته: الإصابة بالبكتيريا المستديمة المصريةHaemophilus Aegyptius والتي تنتشر بكثرة في الصيف، حين يكثر الذباب أو المكوّرات الرئوية أو المكوّرات العنقودية أو الميكروب السبحي. وتتمثّل أعراضه في حدوث حرقة بالعين ووجود إفرازات مخاطية قيحية عادةً ما تكون هالات حول الضوء، نظراً إلى مرور الإفرازات أمام القرنية والبؤبؤ.
التوصيات العلاجية: يوصي الأطباء لعلاج هذا النوع من الرمد بإرشادات عدّة، أبرزها:
- القيام بغلي ملابس ومناشف وشراشف وأغطية سرير المريض.
- غسل كيس الملتحمة باستخدام محلول ملحي.
- في حالات الإصابة بـ «المستديمة المصرية» ينصح بعقار «سلفاسيتاميد» Sulphacetamide وهو عبارة عن نقاط مركّزة للعين بنسبة 10% الى 30% تُحدّد حسب عمر المصاب، مع ملاحظة أن هذا العلاج غير مجدٍ في حال وجود إفرازات صديدية، إذ يشترط إزالتها أوّلاً.
- في حالات الإصابة بالمكوّرات الرئوية، ينصح بعقار «البنسيلين» في العلاج.
< يوصى باستخدام مرهم مضاد حيوي أثناء النوم لمنع التصاق الرموش ببعضها.
2- الرمد القيحي Purulent Conjunctivitis: يمثّل 80% من الحالات التي تسبّبها بكتيريا السيلان، إلى جانب المكوّرات العنقودية والعقدية، حيث يظلّ الميكروب في فترة حضانة تتراوح بين ساعات قليلة حتى ثلاثة أيام، ثم تبدأ الملتحمة في الإحتقان والجفون في التورّم والعقد اللمفاوية التي تقع أمام الأذن في التضخّم. ثم، يبدأ القيح في الظهور ويستمر لمدّة أسبوعين الى 3 أسابيع. ومن بين مضاعفاته: الإصابة ببكتيريا السيلان التي تسبّب تقرّحاً بالقرنية قابلة للثقب. ينصح عند العلاج بأخذ مسحة من الإفرازات للتعرّف على الميكروب الذي يعالج غالباً بنقاط «البنسيلين» ومرهم «التيراميسين» أثناء الليل.
3- الرمد الغشائي Membranous Conjunctivitis: هو عبارة عن تكوّن غشاء فوق الملتحمة قد يكون حقيقياً أو كاذباً. وينتج الغشاء الكاذب عن الإصابة بالمكوّرات الرئوية أو العقدية أو بكتيريا السيلان، ويكون عادةً أبيض اللون ومكوّناً من الإفرازات المتجلّطة، ويمكن إزالته بسهولة وبدون أن يسبّب جرحاً للعين. وبالمقابل، إن الغشاء الحقيقي ينتج عن الإصابة بالعصيات الوتدية الخناقية Corynebacterium Diphtheria Bacilli، وخصوصاً لدى الأطفال في المرحلة الممتدّة ما بين سنتين إلى 8 سنوات. كما قد يعاني المريض من ارتفاع في درجة الحرارة وزيادة في ضربات القلب وتضخّم في العقد اللمفاوية وتورّم بالجفون، كما تكوّن غشاء رمادي اللون يلتصق بشدّة بالغشاء المخاطي بالملتحمة وقد يعرّض العين للنزف عند محاولة إزالته، تاركاً مكانه سطحاً متقرّحاً. ويفرز هذا النوع من العصيات الدفتيريا نوعاً من السموم يؤدّي إلى شلل عضلات العين، ومن الممكن أن يصيب عضلة القلب. ويوصي الأطباء عند العلاج باستخدام «البنسيلين» الموضعي، كما يراعى عزل المريض وإبقاؤه بالفراش.
العدوى الفيروسية:
ينتشر هذا النوع بشكل وبائي بين العائلات وفي أماكن التجمّعات كالمدارس والمكاتب. وفي هذا الإطار، أشارت الإحصائيات أن عدوى العين الفيروسية قد تصيب الرجال والنساء على حدّ سواء وفي جميع المراحل العمرية. وتعدّ الفيروسات الغدّية هي أكثر الفيروسات المسببّة للعدوى، وتكون حالاتها في الغالب بسيطةً وسهلة الشفاء. وقد قسّم الباحثون أنواع عدوى العين الفيروسية إلى أنواع ثلاثة، هي:
1- الفيروسات الغدّية (الادينو فيروس) Adenoviral conjunctivitis: تُعرف بأنها مجموعة من الفيروسات التي تصيب الأغشية المخاطية بصورة عامة، كالمسارات التنفّسية والعيون والأمعاء ومجرى البول، وتشكّل نحو 10% من عدوى الجهاز التنفسّي لدى الأطفال، كما أنها سبب شائع لحدوث الإسهال. ويصيب هذا النوع الأطفال أكثر من البالغين. وعادةً ما تشهد المدارس ومراكز رعاية الأطفال العديد من الحالات على مدار العام، لكن تزداد معدّلات إصابة الجهاز التنفّسي به في خلال نهاية الشتاء وبداية الصيف. بينما يصيب «الادينو فيروس» ملتحمة العين لدى الأطفال الأكبر عمراً والبالغين غالباً في فصل الصيف.
الأعراض: تختلف الأعراض تبعاً لاختلاف مكان الإصابة من الجسم. فلدى إصابة الأغشية التنفّسية تظهر أعراض البرد المتمثّلة في السعال واحتقان الحلق والأنف والتهاب الأذن الوسطى أحياناً. ولدى أصابة الغشاء المخاطي للمعدة والأمعاء، تظهر الأعراض في صورة إسهال وقيء وصداع وآلام في البطن وارتفاع في درجة الحرارة، أمّا لدى إصابة مجرى البول فيلاحظ المريض حرقةً أثناء التبوّل وزيادةً في معدّل التبوّل.
ولدى إصابة العين تحدث الأعراض على إحدى الحالات التالية:
- حمى البلعوم والملتحمة Pharyngo- Conjunctival Fever: قد تتسبّب في إصابة العين والمسارات التنفّسية معاً، فيعاني المريض من احتقان شديد بالحلق وارتفاع في درجة الحرارة والتهاب أغشية الأنف وتضخّم في العقد اللمفاوية واحمرار العين وزيادة الإفرازات والإحساس الدائم بوجود جسم غريب بالعين.
- إلتهاب الملتحمة والقرنية kerato- conjunctivitis: يعدّ هذا النوع أكثر شدّةً وقابلية للإنتشار وهو وباء منتشر في لبنان اليوم، ويتّسم بوجود حمرة وألم بالعين والإصابة بفوبيا الضوء والشعور بحكّة شديدة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الفيروسات معدٍ لدرجة كبيرة. وتتعدّد أشكال الإصابة بـ «الادينو فيروس»، فمن الممكن أن تنتقل عبر الرذاذ أثناء السعال أو العطس عن طريق الجهاز التنفّسي أو تلوّث مياه الشرب بالمخلّفات أو عدم غسل الأيادي باستمرار أو تعرّض الطعام للذباب أو إصابة الأمعاء. وقد ينتقل بشكل غير مباشر عبر لعب الطفل مع آخر مصاب أو في حمامات السباحة أو عبر استخدام المناشف المشتركة.
التوصيات العلاجية: تعتبر المضادات الفيروسية والمضادات الحيوية لعلاج الإلتهاب الفيروسي غير مجدية. وفي هذه الحالة، يعتمد العلاج على تخفيف الأعراض الأخرى المصاحبة كمتلازمة الفراش وخفض الحرارة وقلّة تناول السوائل.وفي غالبية الأحيان، قد يتخلّص الجسم تلقائياً من المرض بمرور الوقت، ما لا يستلزم البقاء بالمستشفى إلا في حالات عدم القدرة على تعويض السوائل المفقودة بالقيء أو الإسهال لمنع حدوث الجفاف. كما يوصى بتناول العقاقير الستيرودية الموضعية للعين، إذا كانت الإصابة بالغة.
2- إلتهاب الملتحمة الحاد النزفي Acute Hemorrhagic Conjunctivitis: يظهر التهاب الملتحمة النزفي في أشكال عدّة، أبرزها:ظهور احتقان بالملتحمة أو انبساط بالأوعية الدموية أو تورّم بالجفون أو نزف بالعين والذي يعدّ من أبرز ما يميّز هذا النوع من الإلتهاب. وتعدّ الدول النامية من بين أكثر الدول إصابةً به، إذ يتفشّى المرض بشكل وبائي، نظراً إلى قابليته العالية على الإنتشار. وقد ظهر سابقاً بصورة متفشّية بالهند وغانا وتايوان والصين والمناطق الإستوائية بأفريقيا.
الأعراض: حدوث تورّم في الجفون، إحتقان بالعين، نزيف تحت الملتحمة قد يظهر بشكل نقاط متفرّقة أو متّحدة لتحتلّ مساحة واسعة من العين، بالإضافة إلى شعور المريض بآلام بالغة وتهيّج شديد كلّما ازدادت نسبة الإلتهاب. وقد تزول العدوى في غضون 5 إلى7 أيّام. ومن المحتمل حدوث مضاعفات من تقرّحات القرنية أو تعتيم بها. وقد أشار الأطباء إلى غياب العلاج الفعلي من الإلتهاب النزفي، إذ يتعافى المريض خلال 7 أيام إلا في حالات الإصابة بالعدوى البكتيرية الثانوية التي تتطلّب العلاج بالمضادات الحيوية.
3 ـ إلتهاب الملتحمة الحاد العقبولي Acute Herpetic Conjunctivitis: من أكثر الأمراض الفيروسية انتشاراً إذ يظهر في صورة أوليّة أو يظلّ مستتراً في داخل الجسم ليظهر بعد ذلك بسبب فيروس العقبول البسيط HSV، علماً أن أكثر المصابين به هم من الأطفال والبالغين. وقد يسببّ التهاباً حاداً بالملتحمة وظهور حويصلات صغيرة عقبولية على الجلد المحيط بالعين والجفون.
للمزيد عن هذا الموضوع اقرأوا العدد رقم 1542 من مجلة "سيدتي"