السلّ هو عبارة عن إلتهابات بكتيرية تصيب أعضاء عدّة من جسم الإنسان. ويلاحظ ازدياد عدد المصابين به، منذ نحو 15 عاماً إلى اليوم، علماً أنّ نسبة الإصابة تسجّل نحو 10 ملايين حالة في العالم سنوياً. ويعدّ الإنسان مخزن الجرثومة، ويعتبر المسؤول عن انتقالها. ومن المستحسن أن يبدأ العلاج باكراً قبل أن يتمكّن المرض من الجسم. وحالياً، إكتشف أن البكتيريا الخاصة بالسلّ بدأت تقاوم هذه المضادات الحيوية، من هنا بدأ التوجّه إلى أنواع جديدة لا يمكنها مقاومتها.
لمناسبة
اليوم العالمي للسلّ الموافق في 24 مارس (آذار)، «سيدتي» تحاور الإختصاصي في
الأمراض الرئوية الدكتور جودي باحوث لمعرفة كيفية تطوّر المرض وأسبابه وعلاجاته
التقليديّة والحديثة.
- كيف يتطوّر المرض؟
يمرّ السلّ بمراحل عدّة: تتمثّل المرحلة الأولى في اتصال جسم الإنسان بالبكتيريا، فتحصل العدوى من خلال التنفّس عبر نوع من البكتيريا يتواجد بحجم صغير للغاية في الإفرازات التنفّسية للمصاب. وتسبّب هذ البكتيريا جروحاً صغيرةً في الرئتين. وخلال المرحلة الثانية، تتكاثر البكتيريا ويحاول الجسم بمناعته إيقاف تطوّرها، علماً أن نحو 90% من الحالات في بداية المرض تشفى نهائياً، ولكن في بعض الحالات قد يتطوّر المرض بشكل سلّ ويصيب أعضاءً أخرى غير الرئتين (الكلى والعظام والدماغ). ومعلوم أن هناك عوامل تساعد على تفاقمه، ومن بينها: إرتفاع معدّل السكر في الدم وشرب الكحول أو الكمية الضئيلة وغير المتوازنة من الغذاء.
- ما هي الأسباب المسؤولة عن الإصابة وعوامل الخطر؟
تدعى البكتيريا المسؤولة عن الإصابة بالسلّ «باسيل دو كوك»، وهي تنتمي إلى عائلة البكتيريا التي
لا تعيش سوى في أماكن خاصّة. ولعلّ عوامل الخطر التي تساعد على تفاقم المرض أصبحت معروفة، ومن أبرزها: شرب الكحول واختلال في جهاز المناعة، خصوصاً إذا كان هذا الخلل ناتجاً عن الإصابة بالسرطان أو مرض فقدان المناعة المكتسبة أو العلاجات الكيميائية. وينتشر المرض في المجتمعات الفقيرة، خصوصاً بين المدمنين على المخدرات والسجناء.
ولا بدّ من الإعلان عن الإصابة به، تفادياً لانتشار العدوى. وتتمّ الحماية من خلال اللقاح الخاص. وفي فرنسا، كان هذا اللقاح إلزامياً لجميع الأطفال المعرّضين، إلا أن هذا الأخير لا يعتبر آمناً 100%.
مرحلة صامتة
- كيف تحدّد أنواع السلّ؟
تظهر الإصابة لدى الأولاد الذين لم يحصلوا على اللقاح، علماً أن تطوّر البكتيريا في أجسامهم يحتاج إلى مدّة تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر، وغالباً ما تكون هذه المرحلة صامتة أي لا تبدو خلالها أية أعراض على المصاب سوى في 10% من الحالات.
وهناك نوع آخر من السلّ ينتشر في الرئتين ويبدو كبقع في مكان واحد. وهو يبدأ في الدم ليصل إلى الأعضاء، ويستهلّ في مراحله الأولى بالإلتهابات التي قد تنتج عن عمل جراحي، ويظهر بعد ثلاثة إلى ستة أشهر. ويحتاج هذا النوع من السلّ إلى مسبّب لينتقل إلى مرحلة الخطر.
- ما هي أبرز الأعراض التي تظهر لدى المصاب؟
تبدأ الأعراض في ارتفاع متوسّط لدرجات الحرارة وانقطاع في الرغبة بتناول الطعام وضعف عام وخسارة في الوزن، وصولاً إلى التعب وإرتفاع في درجات الحرارة. وتختلف هذه الأعراض حسب العضو المصاب في الجسم، فإذا كانت الإصابة تتمركز في الرئتين يعاني المريض من صعوبة في التنفّس وسعال واحتمال إصابة الغشاء الذي يغلّف الرئتين. أما إذا كانت الإصابة في الدماغ وفي غشائه، فيشعر المريض بألم شديد في الرأس وباضطرابات نفسية. وإذا كانت الإصابة تتمركز في البطن، يعاني المريض من الإسهال وتخزين المياه في البطن. وتظهر الإصابة أيضاً في القلب وفي البول وفي العظام، خصوصاً على مستوى الورك والركبة. ويصيب السلّ الأولاد، كما البالغين.
تضخّم الكبد
- كيف يتمّ تشخيص السلّ؟
يسأل الطبيب، أثناء التشخيص، عن محيط المريض (العائلة ومكان العمل). وبالنسبة للأولاد يتمّ البحث في المدارس. أما لدى الرضّع، فعلى الطبيب أن يجري فحصاً شاملاً للأعصاب. ولعلّ العلامة الأولى التي يلاحظها الطبيب هي التضخّم في الكبد وفي الطحال، وصولاً إلى الإصابة بالتدرّن.
وفي حال السلّ المنتشر على شكل نقاط صغيرة، يجري الطبيب فحصاً كاملاً لأعضاء الجسم كالقلب والرئتين والعينين والحنجرة. أما لدى إصابة العظام، فيكون الفحص دقيقاً ويجدر بالطبيب أن يفحص العمود الفقري. وتظهر علامات في الأعصاب مرتبطة بآلام فيها، ويجدر بالمريض أن يجري فحوصاً مكمّلة من بينها: صورة للرئتين وفحص دم خاص لكشف هذه الحالات، فضلاً عن فحوص بيولوجية وفحص للسائل الموجود في العمود الفقري خصوصاً لدى الأطفال. ويجري هذا الأخير لاكتشاف إمكانية الإصابة بالتهاب السحايا.
وفي حال السلّ المنتشر، تظهر صور الأشعة للرئتين انتشاراً للمرض على شكل بقع سوداء. أما إذا طاولت الإصابة العظام فتظهر الأشعة ثقوباً صغيرةً فيها، ويحدّد فحص الدم نقصاً في الكريات البيض والحمر والصفائح (البلاكيت).
- كيف يتطوّر المرض؟
في بداية الإلتهاب، يتماثل 90% من المصابين إلى الشفاء، إلا أنّه يتطوّر لدى 10% بشكل معقّد أكثر. وإذا كان السلّ منتشراً على شكل نقاط في الرئتين، يبدأ المريض في بصق الدم، وينتابه شعور بضيق في التنفّس، كما أنّه من الممكن أن يصاب بالتهابات ناتجة عن نوع آخر من البكتيريا. أما في حال الإصابة بالجهاز البولي، فيحصل تضيّق فيه.
- ما هي أبرز العلاجات؟
يبدأ العلاج بعزل المصاب، خصوصاً إذا أكّدت التحاليل وجود البكتيريا المسؤولة عن المرض في اللعاب. وحين تتأكّد الإصابة بسلّ الرئة، يُجرى للمريض فحص فقدان المناعة المكتسب (الإيدز)، علماً أن جميع المصابين بـ «الإيدز» يجرى لهم فحص السلّ.
ويتمّ العلاج من خلال تدمير البكتيريا وجمع أنواع أربعة من المضادات الحيوية. ومن المستحسن أن يبدأ العلاج باكراً، قبل أن يتمكّن المرض من الجسم، ولو أن طريقة العلاج تختلف من شخص إلى آخر وتتمّ بناءً على تحسّسه للمضادات الحيوية. وحالياً، إكتشف أن البكتيريا الخاصّة بالسلّ بدأت تقاوم هذه المضادات الحيوية، لذا، بدأ التوجّه إلى أنواع جديدة لا يمكن مقاومتها.
ومن الضروري مراقبة المريض كي لا يعاني من مضاعفات جانبية على صعيد الجهاز الهضمي والأعصاب والرؤية والسمع وعمل الكبد. لذا، تجرى دائماً فحوص للإفرازات اللعابية مع صورة للصدر، لأن العلاج قد يمتدّ نحو عام. وإذا تحسّن المريض، يمكنه معاودة العمل بعد 6 إلى 12 أسبوعاً من العلاج.