يعد الكلام واللغة والتواصل من المجالات الحاسمة لتطور الأطفال. إنهم يلعبون دوراً حيوياً طوال حياتنا، حيث يساعدوننا على فهم ما يجري حولنا، وتوصيل احتياجاتنا ومشاعرنا الأساسية، وإجراء المحادثات، والتفكير والتعلم، وتطوير العلاقات، وحل المشكلات، والمزيد. كما أنها تدعم العديد من الجوانب الأخرى للتنمية، بما في ذلك التنمية المعرفية والاجتماعية ومحو الأمية.
ومع ذلك، وجدت الأبحاث أن في بعض المناطق أكثر من 50% من الأطفال الذين يدخلون الروضة، ولديهم مستويات لغوية أقل مما هو متوقع لأعمارهم. لكن يمكن لكل من الوالدين أن يلعبا دوراً مهماً في المساعدة على تحسين تطور لغة الأطفال ونتائجها. ولمساعدتك على القيام بذلك؛ سيتكلم الأطباء والاختصاصيون عن مراحل تطور اللغة عند الأطفال، وسبب أهميتها، وكيفية التعرف إلى مشاكل النطق المحتملة، وما يمكنك القيام به لدعم لغة الأطفال الصغار.
يستمر طفلك في تطوير مجموعة واسعة من المهارات في رياض الأطفال، وهي كالآتي:
التطور الجسدي
هو الطريقة التي يحرك بها طفلك ذراعيه وساقيه (مهارات حركية كبيرة)، ويستخدم العضلات الصغيرة في أصابعه ويديه (مهارات حركية صغيرة). وطريقة اللعب في الخارج وأخذ فترات راحة من النشاط البدني خلال النهار، كلها تساعد الأطفال على بناء عظام وعضلات صحية، والتركيز بشكل أفضل، والشعور بتوتر أقل. إن حل الألغاز للأطفال والكتابة والرسم والعمل بالصلصال؛ هي بعض الأنشطة التي تنمي التحكم في أصابع الأطفال وأيديهم.
التنمية الاجتماعية
وهي تساعد طفلك على الانسجام مع الآخرين، حيث يدعم المعلمون المهارات الاجتماعية للأطفال؛ من خلال مساعدتهم على العمل معاً، وإشراك بعضهم البعض في الأنشطة، وتكوين الأصدقاء والاحتفاظ بهم، وحل الخلافات.
التطور العاطفي
يتيح التطور العاطفي لطفلك فهم مشاعره ومشاعر الآخرين، كما يساعد المعلمون الأطفال على التعرف إلى مشاعرهم والتحدث عنها والتعبير عنها وإظهار الاهتمام بالآخرين؛ لأن هذا التطور يدعم تنمية التنظيم الذاتي لدى الأطفال؛ أي القدرة على إدارة مشاعرهم وسلوكهم.
تطوير اللغة
ويشمل معرفة القراءة والكتابة وفهم اللغة والتواصل من خلال القراءة والكتابة والاستماع والتحدث. محو الأمية هو التركيز الكبير في رياض الأطفال، وسوف يستخدم طفلك هذه المهارات طوال حياته.
تطوير مهارات التفكير أو الإدراك
مع قيام الأطفال بالاستكشاف والملاحظة والإبداع وطرح الأسئلة والقيام بمهام جديدة وحل المشكلات؛ تتطور لديهم مهارات التفكير أو الإدراك، حيث يساعد المعلمون الأطفال على التخطيط لما سيفعلونه، ويشجعون الأطفال على المناقشة والتفكير بعمق أكبر في الأفكار، وإشراك الأطفال عند اتخاذ القرارات.
إستراتيجيات لدعم تطوير المهارات اللغوية لدى أطفال الروضة
لقد قمنا بتجميع ثماني إستراتيجيات يمكنك استخدامها لتشجيع الأطفال على تطوير لغتهم. ربما تستخدمين بعضاً من هذه الإستراتيجيات، أو قد تحتاجين إلى تغيير بعضها، حسب شخصية طفلك، لكن كل ما يمكنك فعله سيكون مفيداً في منح الطفل أفضل النتائج الممكنة.
استخدمي أنت اللغة السليمة
نظراً لأن الأطفال غالباً ما يتعلمون من خلال مراقبة البالغين وتقليدهم، فأنتِ بحاجة إلى التأكد من أنك تمثلين نموذجاً لمهارات الكلام واللغة الجيدة قدر الإمكان، بما في ذلك:
التحدث ببطء، حتى يتوفر لدى الأطفال الوقت الكافي لمعالجة المعلومات التي تقدمينها لهم، وكذلك بوضوح وهدوء، عن طريق التقيد بالآتي:
- استخدام الجمل القصيرة؛ حتى لا تصعبي عليهم اللغة.
- التواصل البصري، والنزول إلى مستوى الطفل إذا لزم الأمر.
- نمذجة النطق الصحيح وبنية الجملة، والتأكد من نطق كل كلمة وصوت، على سبيل المثال؛ يساعد الأطفال على تعلم التحدث إذا قلت: "هو يذهب إلى"، بدلاً من "ذهب".
- عدم استخدام "كلمات الأطفال"؛ لأنهم سيحاولون تعلم كلام البالغين من مكان آخر.
- قومي بتسمية الأشياء والأفعال من حولك لتعليمهم المزيد من المفردات؛ على سبيل المثال: "انظر إلى هذا الكلب!".
- الاستماع بعناية عندما يتحدث الأطفال إليك، أعطيهم اهتمامك الكامل، ولا تقاطعيهم أثناء حديثهم.
- منحهم فرصاً للرد؛ من خلال ترك فترات توقف بعد الجمل، فهذا يساعدهم على تعلم تبادل الأدوار في المحادثات، ولكنه يمنحهم أيضاً الوقت للتفكير وتوقع الجملة التالية.
- قومي بعمل إشارات أو إيماءات أو أفعال أثناء التحدث؛ للمساعدة على إيصال المعنى.
- استخدام اللغة التعبيرية لمناقشة الأشياء والأفعال والعواطف، على سبيل المثال: "هذه صورة جميلة!"، "انظر إلى هذا البرج العالي!"، وهذا سوف يساعد الأطفال على توسيع مفرداتهم.
- كوني قدوة جيدة؛ يتطلب منك فقط تعديل سلوكك قليلاً، ويمكن أن تكون له نتائج مجزية للغاية.
كيفية تنمية قدرة الطفل على التفاعل مع الآخرين
تحدثوا معاً
بطبيعة الحال، إن التحدث إلى أطفالك بقدر ما تستطيعين؛ سيساعد على تطوير لغتهم. من المهم التحدث معهم حتى عندما لا يستطيعون التحدث معك، منذ الولادة، يجب عليك الدردشة حول ما تفعلينه وطرح الأسئلة عليهم، والرد على أي إيماءات أو أصوات يصدرونها كما لو أنهم نطقوا جملة. وهذا يعلمهم كيفية إجراء المحادثات، ويعرضهم للكثير من المفردات وتركيبات الجمل؛ ليصبحوا على دراية بها. لجعل محادثاتك أكثر تأثيراً، اتبعي ما يلي:
- تحدثي مع الأطفال بصوت غنائي عالي النبرة. من المرجح أن يستمعوا إلى هذا وإلى ما تقولينه، وبالتالي تسريع تطور لغتهم.
- خاطبيهم بالاسم؛ لجذب انتباههم قبل أن تتحدثي.
- توسعي فيما يقوله الأطفال؛ من خلال التكرار والبناء عليه. على سبيل المثال؛ إذا قال طفلك: "سيارة"، يمكنك أن تقولي: "نعم، انظر إلى تلك السيارة الحمراء هناك". إن إعطاء الطفل جملاً كاملة؛ يساعده على تعلم المزيد عن القواعد.
- تحدثي عما يفعله الطفل، على سبيل المثال تقولين لابنتك: "أنتِ ترتدين فستاناً أزرقَ جميلاً اليوم"، أو تقولين لطفلك: "أنت تلعب بلعبة الزرافة". أو تحدثي معهم عما تفعلينه.
- كوني إيجابية إذا أخطأ الأطفال في لغتهم، ويتعين عليك أن تقولي: "أحسنت" أو "نعم"، حيث يتطلب تعلم التحدث الكثير من الجهد، وسيحتاجون إلى الكثير من التشجيع.
- اختاري موضوعات للعمل عليها في كل نصف فصل دراسي، وستصبح مثل الروتين اليومي؛ مثل تسمية الحيوانات، أو أجزاء الجسم، أو الطعام والشراب، أو الألوان، حيث يمكنك تعليم الأطفال المزيد من الكلمات على مدى عدة أسابيع.
الغناء معهم
الغناء مهم بشكل خاص للأطفال الصغار، إذ يساعدهم على تطوير لغتهم من خلال دعمهم في تمييز الأصوات، والتعرف إلى القوافي، وتحسين ذاكرتهم، وتوسيع مفرداتهم. تماماً كما هو الحال مع القراءة، توقفي مؤقتاً قبل نهاية سطر الأغنية، واطلبي من الأطفال ملء الفراغ، ويمكنك تأليف الأغاني الخاصة بك، أو أن تطلبي من الأطفال الأكبر سناً القيام بذلك، حتى إذا كانت بسيطة، فقد يستمتع بها الأطفال ويتذكرونها أكثر!
اقرئي لهم
القراءة في السنوات الأولى فعالة للغاية لتطوير اللغة، كما أن لها العديد من الفوائد الأخرى، لذلك حاولي قراءة الكتب كل يوم إذا استطعتِ، فهذا مفيد حتى للأطفال دون سن ستة أشهر، ولكنه فعال بشكل خاص مع تقدمهم في السن.
عندما تقرئين، أشيري إلى الكلمات كما تقولينها. يساعد هذا الأطفال على ربط الكلمة المنطوقة بالكلمة المكتوبة، وسيساعد على تطوير مهاراتهم في القراءة والكتابة لاحقاً. تحدثي عن كل صفحة لتشجيع الطفل على التحدث، على سبيل المثال يمكنك أن تقولي: "هذا كثير من الطعام، ما هو طعامك المفضل؟". وأشركي طفك في القراءة من خلال التنغيم، والإشارة إلى الصور، واتركيه يخمن ما سيحدث بعد ذلك. وقد يرغب الأطفال الصغار في أن تقرئي لهم نفس الكتاب مراراً وتكراراً، وهذا أمر رائع لجعلهم يستوعبون اللغة حقاً، واختبار ما إذا كان بإمكانهم إنهاء الجمل نيابةً عنك. إلى جانب الكتب المفضلة لدى الاطفال، اقرئي كتب الأطفال حول موضوعات مختلفة، خاصة مع تقدمهم في النمو، وحتى يتمكنوا من توسيع مفرداتهم. تحدثي عن الكلمات التي لا يعرفونها، واسأليهم عما إذا كانوا يعرفون معناها، واشرحي لهم إذا لم يكن الأمر كذلك.
العبي معهم ألعاب الوصف والتخمين
الألعاب هي أنشطة لغوية رائعة يمكنك تجربتها. بإمكانك أن تجعلي الأطفال يشعرون بشيء مخفي ويصفونه؛ حتى يتمكنوا من تخمين ما هو. حيث تصفين شيئاً ما ويجب على الأطفال تخمينه، على سبيل المثال: "لديه أربع أرجل، وهو حيوان أليف، ويحب النباح".
أو العبوا لعبة جميلة؛ عن طريق الجلوس في دائرة والتناوب في تمرير شيء ما، والتحدث فقط عندما يحين دور كل طفل. وهذا يمكّن الجميع من الإجابة عن سؤال؛ مثل: "ما هو طعامك المفضل؟"، وهو ما يساعد على بناء مهارات الانتباه والاستماع، والتي تعتبر حيوية للتواصل الجيد.
شجّعيهم على اللعب التظاهري
يساعد اللعب التظاهري الأطفال على توسيع مفرداتهم، يمكنك جعلهم يرتدون ملابس شخصيات من كتابهم المفضل، أو تأليف قصصهم الخاصة، أو تجربة لعب الأدوار باستخدام بعض الأدوات البسيطة.
أثناء اللعب، شجعي الطفل على تسمية الأشياء التي يستخدمها واطرحي عليه أسئلة؛ مثل: "ماذا تفعل الآن؟"، "أين قبعة مروى؟". يمكنكِ أن تعطيه تعليمات بسيطة داخل المسرحية؛ مثل: "ضع الدمية جانباً".
اكتشفوا القوافي معاً
القوافي هي المفتاح لتطوير اللغة، تماماً مثل الغناء، وهي تساعد الأطفال على تمييز الأصوات، وتعلمهم المزيد من الكلمات؛ إذ تعمل القوافي على زيادة مهارات الوعي الصوتي وإعداد الأطفال لتعلم القراءة.
يمكنك ممارسة الألعاب، مثل ابتكار كلمة يجب على الأطفال العثور على الكثير من القوافي معها، أو تأليف القصائد معاً. تعد قراءة القصص المقفاة طريقة جيدة أخرى لدمجها في الحياة اليومية.
ابتكري بيئة غنية باللغة
للتأكد من تطوير اللغة لدى الأطفال، تأكدي من أن البيئة المحيطة بك تساعد على التواصل الجيد. هذا يعنى:
- جعلها منظمة ومرتبة. أظهرت الأبحاث أن الغرف المرتبة تساعد الأطفال على التعلم بشكل أفضل.
- وجود عروض ملونة على الجدران، تتضمن كلمات، ومثيرة للاهتمام عند النظر إليها (ولكنها ليست مربكة). وهذا مفيد للأطفال الأكبر سناً الذين قد يبدأون في مطابقة الكلمة المنطوقة مع الكلمة المكتوبة.
- وجود الكثير من الكتب المتاحة التي تناسب الأعمار وجذابة.
- أن تكون هناك "مساحات هادئة" متاحة؛ لتطوير مهارات التواصل، حيث يمكن للأطفال إنشاء مناطق يتحدثون فيها مع بعضهم البعض، بالإضافة إلى التأكد من أن مستوى الصوت العام ليس مرتفعاً جداً عند إجراء محادثات.
ملاحظة من «سيدتي نت»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.