بعض الآباء يلاحظون تغيراً في سلوك الطفل؛ إذ تتحول طباعه من الهدوء والسكينة إلى شعلة من النشاط والحيوية، ومرات ما أن يستيقظ حتى يسلك سلوكاً يتسم بالاندفاعية والعصبية، والرفض لكل توجيه، وأحياناً تجده الأم يصيح ويعلو صوته؛ حيث ينفلت زمامه وتنتابه حالة من الحركة المفرطة، والحقيقة أن مظاهر الاختلافات التي تشاهدها الأم كثيرة ومتنوعة، وهي تتعجب منها وتندهش لها، ولا تدرك الأسباب الحقيقية من ورائها.
بالتقرير التالي ترصد فاطمة الشناوي أستاذة طب النفس لـ"سيدتي" العوامل التي تؤثر في سلوك الطفل على مدار ساعات اليوم، أو خلال سنوات عمره، وتدعو كل أم للتعرف إليها والتعامل معها خطوة من بعد خطوة لصالح الطفل.
عوامل تؤثر في سلوك الطفل
الطفل كائن حساس، يولد ورقة بيضاء، تكوينه وإدراكه لم ينضجا بعد، بينما كفايته من النوم وصحة غذائه، وأسلوب تربيته وتوجيه الأهل له، والتدرج في تطور نموه، كلها عوامل تؤثر على سلوكيات الطفل بالسالب أو بالموجب.
قدر نوم الطفل خلال ساعات الليل
النوم من أهم العوامل التي تُؤثر في سلوك الطفل اليومي، وفي حال لم يحصل الطفل على قسط كافٍ من النوم خلال الليل، فقد يكون أكثر عصبية خلال اليوم التالي.
من فوائد النوم، السماح لدماغ الطفل بالتطور والنمو، خلال ساعات النوم يُطوِّر الدماغ الأعصاب والوصلات العصبية؛ لتحسين القُدرات العقلية عند الطفل، لهذا يُنصح بتثبيت موعد النوم والاستيقاظ حتى في أيام العطلة.
الجوع والعطش
في حال لم تتم تلبية الحاجات الأساسية للطفل من الطعام أو الشراب، قد يؤدي ذلك إلى حدوث تغييرات في سلوكه، فقد يكون مُنزعجاً أو عصبياً، أو حتى قد تزداد حساسيته ويبدأ بالبُكاء من أمور صغيرة.
نوع الأطعمة التي يتناولها الطفل
الأطعمة المُصنّعة والغنية بالأصباغ (خاصة اللونين الأحمر، والأزرق)، والسُكّريات، والوجبات الخفيفة مثل رقائق البطاطا، والمشروبات الغازية، وحبوب الإفطار، والطعام المُعلّب، كُل هذا يُمكن أن يُسبب الأمور التالية:
- فرط نشاط عند الطفل.
- حساسيات الطعام.
- تغيير في السلوك (بحيث يُصبح أكثر اندفاعية وعصبية).
لذلك يُنصح بأن تكون حمية الطفل غنّية بالخُضراوات والفاكهة، والتقليل قدر المُستطاع من أي أطعمة تؤثر سلباً في سُلوك الطفل.
طبيعة الروتين اليومي للطفل
وضع أو تحديد أنشطة يومية للطفل وقت الأجازة أو الدراسة، يساعده على بناء روتين صحّي، يُبقيه مُنشغلاً خلال يومه، ويُدفعه إلى تعلُّم وتطوير مهارات جديدة في كُل يوم، كما يُساهم في إشعار الطفل بالحماس لاستقبال اليوم الجديد، ويُعلِّمه تقدير الوقت وعدم إضاعته، واستثماره فيما يُفيده والابتعاد عما قد يضيِّع وقته.
ممارسة الطفل لأنشطة خارجية وتمارين رياضية
من المُهم أن يحظى الطفل ببعض الوقت خارج المنزل في الهواء الطلق، ويُفضّل أن يكون في أماكن تحتوي على بعض الشجر أو النباتات، وليس في الأسواق أو المُجمّعات السكنية؛ حيث تُساعد التمارين الرياضية التي يُمارسها الطفل في المدرسة أو المنزل على التخلُّص من الطاقة الزائدة التي قد تُسبب فرط نشاط للطفل، مما يُحسِّن سلوكه.
التحفيز المُفرط للطفل أو عدم وجود تحفيز أبداً
هناك أطفال في حالة تحفز دائم ولا يحظون بأي وقت من الراحة، وهؤلاء قد يشعرون بالإرهاق الجسدي أو العقلي، مما يؤثر سلباً في سلوكهم، وكذلك الأطفال الذين لا يحظون بأي تحفيز ولا يُمارسون أي أنشطة خلال اليوم، هؤلاء أيضاً تتراكم عندهم الطاقة الزائدة، مما قد يؤثر سلباً في سلوك الطفل، لذلك فالاعتدال مطلوب.
حدوث تغييرات في الجو العائلي
المؤثر السابع في سلوكيات الطفل هو: حدوث تغييرات مثل الطلاق، أو وفاة أحد أفراد الأسرة المُقرّبين، أو حتى حدوث ولادة جديدة وقُدوم أخ جديد للطفل يُمكن أن يؤثر في سلوكه.
بعض الأحيان قد يُغيّر الطفل سلوكه للأسوأ؛ للحصول على الانتباه والاهتمام الذي يحتاجه في حال شعر بالحرمان وعدم الأمان ضمن أُسرته.
كما أن تغيير العائلة مكان السكن والمُحيط المألوف للطفل، مثل الانتقال للعيش في منطقة أو مدينة أخرى، قد يكون لها تأثير في سلوك الطفل، سواء بطريقة إيجابية أو سلبية.
ومُلاحظة وتقليد الطفل للسلوك المُحيط به؛ في حال كان سلوك الأهل سيئاً أو كان سلوكهم عصبياً واندفاعياً، سيُقلِّد الطفل السلوك الذي يراه، أو في حال لاحظ الطفل العنف في منزله، سيكون عنيفاً مع أقرانه أو زُملائه في المدرسة.
سلوك الطفل "سيدتي" في مُعظم الأحيان يكون مرآة للسلوك الذي يراه في المنزل، ولكن لا يُمكن إنكار أنه حتى الأشخاص الآخرين الذي قد يختلط فيهم الطفل سواء الجيران أو أطفال آخرين في الروضة أو المدرسة، قد يؤثرون في سلوك الطفل.
تواصل الأهل مع الطفل
تواصل الأهل مع الطفل سواء بقضاء الوقت معه، أو ممارسة أنشطة مُشتركة معاً، أو الجلوس للتحدث معه والسماح له بالتعبير عما يجري داخله أو حوله، كُل هذا يُساعد الطفل على الشعور بالأمان والاستقرار في عائلته، وبالتالي يتأثر سلوكه بشكل إيجابي ويسعى لأن يكون إنساناً أفضل.
كما يُمكن أن تؤثر طُرق التأديب في سلوك الطفل؛ فتأديبه بالصراخ والضرب والتشدد في التربية، قد يؤدي لنفور الطفل وتمرُّده، بينما التأديب بلطف وتسامح قد يُحسِّن من سلوك الطفل.
الوقت الذي يقضيه الطفل على الأجهزة الإلكترونية
وقضية القضايا؛ قضاء الطفل وقتاً أطول باللعب في الأجهزة الإلكترونية والتعرض لمشاهد العنف والضرب التي تعرف إليها، تجعل الطفل يرغب في تقليدها، بالإضافة إلى أنه سيرى الحياة الواقعية مُملّة مُقارنة بما يراه على الشاشات، ما قد يُحفِّزه على تغيير سلوكه ليُشابه ما يراه على الشاشات.
ولن ننسى تأثير الفئة العمرية للطفل؛ حيث يزداد السلوك العصبي عند الطفل ما بين 2 - 3 سنوات، ويُحاول الطفل أن يبني شخصيته ويجد بعض الاستقلالية من أوامر الأهل، مما يتطلب الصبر والتأديب المُناسب لعمره .
*ملاحظة من"سيدتي وطفلك": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.