الجمال قيمة وإحساس إنساني، إن تحلى به الإنسان زانه وأضاف له الكثير، والجمال هنا لا يرتبط بجمال الشكل وحده، والسؤال: كيف تنقل الأم مفهوم الجمال لقلب وعقل طفلها؟ وكيف تشعره به وتدربه عليه، حتى يظهر في سلوكه وتعاملاته وحتى كلماته التي يعبر بها عن نفسه ؟
في التقرير التالي نتعرف على الإجابة، وبلقاء الدكتورة أنوار عبد العظيم أستاذة التربية برياض الأطفال، نتفهم معنى الجمال وكيفية زرع هذا الإحساس بقلب وعقل الطفل.
الجمال قيمة أخلاقية للطفل
الجمال قيمة أخلاقية تمثل ضرورة في فترة الطفولة، بل ومنذ شهور الرضيع الأولى، وأكثر ما يتجلى عند إحساس الرضيع برعايته وحالة تلبية نداءاته والاستجابة السريعة لبكائه، وخلالها تتكون وتتوافر لدى الطفل سبل الحكم والمفاضلة والانتقاء بين الناس، بينما التواصل الجيد بين الطفل وعالمه المرئي بالمنزل أو بأسلوب تعاملاته مع الأهل، يساعده على صقل وجدانه ومشاعره وتنميتها، والإحساس بالجمال.
أن يتحلى طفلك والوالدين المربين بالجمال فهذا يعني في النهاية أسلوب تربية راقياً للطفل تتضح مفرداته في؛ عقاب ذكي للطفل دون إهانة أو ضرب، أن يحتفظ الطفل بعلاقات طيبة مع بعض الأطفال من عمره.
كيف يتعود الطفل على الجمال؟ ومتى يشعر به؟
ولتوضيح مفهوم الجمال للآباء، وكيف يجعلونه عادة لدى الطفل، فهم يؤكدون أن مفهوم الجمال يتجلى في:
- مشاهدة الطفل اللمسات الجمالية التي تطل عليه في معظم جوانب حياته.
- إحساس الطفل بالاستقرار الأسري والهدوء النفسي، في النظام والنظافة وترتيب الأثاث بالمنزل.
- حالة مشاهدته لحسن التعامل بين والديه، وقمة الإحساس بالجمال حين يمضي أوقات مرح وتواد مع أصدقائه.
كيف يهيئ الآباء صورة الجمال للطفل؟
راعي التناسق والبساطة في اختيار قطع الأثاث
واعملي على تنظيمها دون ازدحام، وخاصة حجرة الطفل، مما يعكس عليه إحساساً بقيمة الأشياء وتذوق كل لمسة جمالية فيه؛ ما يقوى إحساساً بالانتماء إلى منزله والحفاظ عليه، الطفل إن فتح عينيه على النظام والتناسق أخذ الانطباع بالجمال والمتعة والراحة النفسية، فيظهر الهدوء والطمأنينة على سلوكه وأفعاله.
تربوياً: تتكون شخصية الطفل وعليها بصمات الميول التي اكتسبها، فيكبر معه الإحساس بالجمال وهدوء النفس وحب النظام، والأفكار المرتبة المسلسلة والمنطقية، إضافة إلى إحساس شاعري رقيق قادر على مزيد من الأمل والتفاؤل والانتماء، حاسة الإبصار تنشأ وتنضج مع الأيام الأولى من ولادة الطفل؛ حيث يلفت نظره التباين الشديد في الألوان، حتى تُنمى قدراته البصرية.
شجعي طفلك ليحس بالجمال
الطفل عند مرحلة نضجية مناسبة، نجده ينسق ملابسه، ويلتقط كل ما هو جميل ليرتديه، حتى يصل إلى حد التعبير بالقلم الملون والورقة عن جمال الطبيعة المتناسقة، وهنا تعد الألوان قيمة جمالية تؤثر في التكوين النفسي للطفل؛ فتخفف من حدة التوتر والقلق لديه، والطفل القادر على التمييز ما بين الجميل والقبيح؛ هو طفل مستقر عاطفياً ومطمئن داخلياً، ولديه قدرات كامنة في تذوق الأدب والفنون مستقبلاً.
أخبريه بأن النظافة والنظام جمال
إن نشأ الطفل على النظافة واعتاد على ممارستها منذ الصغر، أحس بالأمن والطمأنينة والحماية من خطر أي مرض، وابتعد عن آلام العدوى الجسمية.
كذلك النظام فهو توأم النظافة لا غنى عنه لدى أي طفل، وإن تعود عليه بشكل حيوي وضروري؛ اكتملت شخصيته، ولا مجال للعشوائية والارتجال فيها.
إذا اجتمع الإحساس بالنظافة والتنظيم، أصبح الطفل ذكياً يمكنه التفكير بطريقة مرتبة وواضحة، والتعبير بطريقة سهلة هادئة، مع قدرة على حل مشاكله البسيطة دون الاعتماد على الغير.
اغرسي فيه روح الانتماء
وعمّقي لديه الإحساس بالمسؤولية تجاه حجرته ومكتبه الخاص، ومنزله، وشجعيه على المشاركة بترتيبه وتنظيفه؛ فيزداد جمالاً في عينيه.
أشعري طفلك بالملكية الخاصة داخل حجرته؛ بأن له مكاناً ينتمي إليه بالمنزل منذ الصغر، ليس من الضروري أن تكون حجرة مستقلة، قد يكون درجاً أو مكتباً أو حتى ركناً من أركان المنزل.
شعور الطفل بالملكية والانتماء وتلّمس روح الجمال في حجرته وممتلكاته، تجعل منه إنساناً مستقراً نفسياً، قادراً على العطاء والحب والحنان، واثقاً في نفسه وفي غيره
تعرفي على..ألعاب تعزز ثقة الطفل بنفسه
تناسق ألوان ملابس طفلك ..جمال
نعم انتقيها هادئة ومثيرة في نفس الوقت، كل رسمه وتشكيل لوني بالزى لها مغزى لدى الطفل، مثل رسومات الألعاب أو الورود، ما يجعل الطفل واثقا في صورته الجميلة أمام الآخرين، معتزاً بأناقته وشخصيته ومظهره العام، وهذا جمال، حتى غرف المنزل لابد أن يراعى فيها التناسق والنظافة والنظام، بأن تزين بصور ذات ألوان هادئة؛ ما يساعد على هدوء أعصاب الطفل وحواسه وينعكس على نموه فكرياً وعضلياً.
القراءة وسماع الموسيقى وتعليم العزف..جمال
ابدئي في عمل مكتبة خاصة بطفلك، اتركيه يختار الكتب والقصص المحببة لديه، ودعيه يعبّر بالألوان والرسم عما بداخله، فربما عجز عن تحويل أفكاره إلى كلام مكتوب.
اتركيه يزرع الورد، يربي الطيور والأسماك، استمعي معه إلى الموسيقى، وعلميه العزف ولو على أبسط آلالات إن أراد، وفي حدود الإمكانات.
بعدها يصبح طفلك جميلاً محباً للجمال، متذوقاً لتفاصيله؛ فيصبح عطوفاً بالكائنات الحية، وتُنمى داخله شحنات عاطفية وقدرات على التضحية والعطاء لغيره.
حب الطفل لنفسه وشكل جسده جمال.. ولكن!
القضية ليست بعيدة عن مفهوم الجمال، فما يهم هو: كيف تدربين طفلك على الثقة بالنفس والتعامل معها، وبجسده وكيف يتقبله؟ فحب الذات والجسد إحساس يمد الطفل بالثقة والإحساس بالجمال كبير، أطفال كثيرون يوقفون الثقة بالنفس تبعاً لشكلهم وملامحهم الجسدية، والمشكلة أن هذا الإحساس قد يتطور فيما بعد إلى هوس، إما بإيذاء النفس أو حتى بعمليات التجميل، ومن جانب ثان لا يهتم الكثير من الآباء بتعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم، أو إدراك أهمية حبهم لأجسادهم، وأحيانًا ما يكونون هم السبب الرئيسي في تدمير هذه الثقة.
وللعلاج هناك عدة خطوات:
لا تهيني شكل أحد، ولا تسخري من جسد أطفالك أنفسهم حتى على سبيل المزاح، ولا تقللي من شكلك أنتِ أمامهم ولا من شكل أى شخص آخر.
أخبري طفلك أن كل جسم يختلف عن الآخر، وعلميه أن يستوعب أن بعض الناس قصير وبعضهم طويل، وهناك شخص متوسط، وأن هذا أمر طبيعي .
علمي طفلك أن الجمال في كل شيء، واحرصي على أن تعريف الجمال لا يقترن أبدًا بالمثالية، وأن كونه مضحك خفيف الظل، أو ذكي ولماح ويحسن الاستماع فهذا في حد ذاته شكل من الجمال.
أرشديهم بأن الثقة بالنفس رقي وجمال، هيا امتدحي أمامهم أى شخص يبدو واثقًا بنفسه، وضحي لهم أن الثقة والإعجاب بالذات من خطوات النجاح، وهذا يختلف تمامًا عن الغرور.
اجعليهم يعرفون كم تحبين جسدك: سيدتي مهما كان جسدك يحمل عيوباً خلقية أو وزناً زائداً، اجعليهم يعرفون كم تحبين جسدك وأنك فخورة به، وأنك تتقبلين عيوبه،ولكنك تحاولين التخفيف منها.
شجعيهم على اختيار الأسلوب الخاص بهم، حالة اختيار ملابسهم التي يظهرون بها، وشجعيهم على ارتداء كل ما هو مريح ويجلب لهم الفرح، واتركيهم ينتقون بأنفسهم ملابسهم ما يطور ثقتهم بنفسهم.
لا تقارني طفلك بأي شخص أبدًا، هذا هو ما يهد ثقتهم بنفسهم، فلا تفعلي ذلك أبدًا حتى لو على سبيل المزاح أو مجاملة الشخص الآخر، فالمقارنة بين الأخوات والزملاء تخلق العدوانية وكره الآخر.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.