سرطان الثدي يُعتبر من أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء حول العالم، وتُشير الدراسات إلى أن الإصابة بهذا المرض لا تؤثر فقط في الجسم، بل تمتد آثارها لتشمل الجانب النفسي والعاطفي أيضاً.
غالباً ما يكون التحدي النفسي الذي تواجهه مريضات سرطان الثدي لا يقل أهمية عن التحدي الجسدي؛ لهذا السبب، يأتي دور الدعم النفسي بوصفه جزءاً أساسياً في رحلة العلاج، حيث يلعب دوراً محورياً في تعزيز قدرة المريضة على التكيف والتعايش مع التغييرات التي يفرضها المرض على حياتها.
"سيِّدتي" التقت الاختصاصية في علم النفس فانيسا حداد للاطلاع منها على أهمية الدعم النفسي للمصابات بسرطان الثدي من وجهة نظر الصحة النفسية.
الضغط النفسي والإصابة بسرطان الثدي
عند تشخيص الإصابة بسرطان الثدي، تعيش المصابة صدمة نفسية هائلة، وتتراكم مشاعر الخوف، والقلق، والحزن، وربما الغضب، وهو ما يؤدي إلى حالة من الضغط النفسي المستمر. هذا الضغط النفسي قد يفاقم من تأثير المرض في المريضة؛ ما يجعل من الصعب عليها مواجهة العلاج الجسدي والتعامل مع التغييرات الحياتية الناتجة عن المرض.
الاهتمام بالصحة النفسية للمصابات بسرطان الثدي ليس ترفاً، بل ضرورة حتمية.
التجارب التي تخوضها المريضات تشمل فترات من عدم اليقين، وتبدلات في المظهر الجسدي نتيجة الجراحة أو العلاج الكيميائي والإشعاعي؛ وكل هذا يؤثر سلباً في مفهوم الذات والصورة الذاتية. الشعور بفقدان السيطرة على حياتهن قد يزيد من حدة التوتر؛ ما يعوق قدرتهن على اتخاذ القرارات بثقة والمضي قدماً في رحلة العلاج.
ربما تهمك قراءة التغيرات السلوكية عند الإصابة بمرض نفسي
أهمية الدعم النفسي خلال رحلة العلاج من سرطان الثدي
يتجلى الدعم النفسي في تقديم بيئة آمنة للمريضة تستطيع من خلالها التعبير عن مخاوفها وقلقها دون حكم أو نقد. توفير هذا النوع من الدعم يساعد على تحسين الصحة العقلية للمريضة ويعزز من فرص شفائها الجسدي. كما أن وجود شبكة دعم نفسي قوية تتيح للمريضة إمكانية الوصول إلى أدوات وآليات تكيُّف تساعدها في التعامل مع التوتر والإجهاد الذي قد يرافق مراحل العلاج.
الدعم النفسي يشمل عدة أبعاد، قد يتضمن جلسات استشارية فردية مع متخصصين في الصحة النفسية، أو الانضمام إلى مجموعات دعم تضم أشخاصاً يمرون بتجارب مشابهة. مثل هذه الجلسات تتيح للمريضات فرصة للتعبير عن مشاعرهن وأفكارهن حول المرض والعلاج بطريقة مفتوحة وصادقة. التواصل مع أشخاص يمرون بتجارب مماثلة يمكن أن يقلل من الشعور بالعزلة ويعزز الشعور بالانتماء.
من المهم أن نفهم أن الدعم النفسي لا يقتصر على المرضى فقط، بل يجب أن يمتد ليشمل أفراد العائلة والأحباء أيضاً. هؤلاء الأشخاص يعانون أيضاً من ضغوط نفسية نتيجة مشاعر الخوف على أحبائهم، والقلق من المجهول، والتعامل مع مسؤوليات إضافية؛ لذا من الضروري أن يحصلوا على الدعم النفسي اللازم لمساعدتهم في مساندة أحبائهم بطريقة صحية.
دور العائلة والمجتمع في تقديم الدعم النفسي لمريضة السرطان
العائلة هي المصدر الأول والأكثر أهمية للدعم النفسي للمصابات بسرطان الثدي. العلاقات العائلية الوثيقة والتفاهم المتبادل يلعبان دوراً مهماً في تحسين الحالة النفسية للمريضة. يجب أن تكون العائلة داعمة ومتفهمة، وتتجنَّب إظهار مشاعر القلق بشكل مفرط أو فرض نصائح غير مرغوب فيها. على العائلة أن تكون مستعدة للاستماع دون إصدار أحكام، وأن تشجع المريضة على التعبير عن مشاعرها بحرية.
إلى جانب العائلة، يلعب المجتمع دوراً كبيراً في توفير الدعم النفسي. المبادرات المجتمعية وبرامج التوعية حول سرطان الثدي تساهم في تخفيف الشعور بالعزلة لدى المريضات. كما أن المشاركة في فعاليات التوعية يمكن أن تعزز من إحساس المريضة بالقيمة والانتماء، وتعيد لها الشعور بأنها جزء من مجتمع يهتم بها ويدعمها.
الدعم النفسي لمريضات سرطان الثدي: خاتمة
لا يمكن تجاهل الجانب النفسي في رحلة علاج سرطان الثدي. الدعم النفسي يلعب دوراً حاسماً في تعزيز قدرة المريضات على مواجهة التحديات والتعامل مع التغييرات التي يفرضها المرض على حياتهن. من الضروري أن يتم توفير هذا الدعم بشكل مستمر ومنتظم، سواء من خلال الاستشارات النفسية، مجموعات الدعم، أو حتى الدعم العائلي والمجتمعي.
كل مريضة تعيش تجربة فريدة، ولذلك يجب أن يكون الدعم النفسي مرناً وشاملاً، يأخذ بعين الاعتبار احتياجات المريضة الفردية. فقط من خلال تقديم الدعم النفسي المتكامل يمكننا أن نساعد مريضات سرطان الثدي على تجاوز الأثر النفسي للمرض، وتحسين جودة حياتهن خلال وبعد رحلة العلاج.
* ملاحظة من "سيِّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.