في كلّ عام، وتحديدًا في الثامن من نوفمبر، يُحتفى باليوم العالمي للعمران، المُناسبة التي تُسمّى أيضًا، باليوم العالمي للتخطيط العمراني. يقف كارلوس ماريا، الأستاذ الجامعي خلف هذا اليوم، الذي يُسلّط الضوء على دور التخطيط في خلق مجتمعات صالحة للعيش، كما على التخطيط من منظور عالمي والأثر البيئي الناجم عن تطوير المدن والأقاليم. من المعلوم أنه من آثار غياب التخطيط، انتشار الأحياء الفقيرة وصعوبة تحصيل الخدمات وتدهور البيئة... لذا، على بناة المدن أن يفكروا في الإنسان وحاجاته وتنقلاته ومشاعره، من دون إهمال أو تمييز أو طبقية.
في اليوم العالمي للعمران، يسترجع "سيدتي. نت" بعضًا من أفكار شارل إدوار جانري-غري، المعروف بـ"لو كوربوزييه "(1887- 1965)، المعمار الفذ سويسري الأصل فرنسي الجنسية، والذي يعتقد أن هندسة العمارة والتخطيط الحضري لا ينفصلان: فهندسة العمارة الجديدة لا تكون منطقية إلا عندما تدمج بمدينة حديثة.
بعد الحرب العالمية الثانية، طوّر لو كوربوزييه عددًا كبيرًا من المخططات الحضرية: في فرنسا، كما برلين أو بوغوتا أو إزمير...
المدينة المعاصرة بحسب لو كوربوزييه
يرى لو كوربوزييه المدينة على أنها المكان الذي يجب أن يتم فيه التعبير عن تطورات المجتمع. في افتتاحية كتاب "طريقة التفكير في تخطيط المدن"، المنشور عام 1946، أكد لو كوربوزييه أن "مُخطّط المدن ليس سوى مهندس معماري" أي أن الروابط بين المهندس المعماري ومخطط المدينة قوية.
تعتبر نظريات لو كوربوزييه المبتكرة مصدر إلهام للعديد من المخططين والمهندسين المعماريين الحضريين الذين يحاولون الاستجابة بشكل أفضل لاحتياجات السكان، مع توقع تطور المجتمعات. لمدة 35 عامًا، من عام 1922، إلى عام 1955، ركز لو كوربوزييه كل اهتمامه على إشكالية الجمع بين الإنسانية والنظافة والتطور التقني والوعي بتأثير السرعة على المدينة المعاصرة، كما البحث عن وسائل بناءة لبناء مثل هذه المدن بسرعة ودراسة المساحة الملائمة لازدهار حياة الأسر العاملة. بالنسبة لـ "لو كوربوزييه"، العيش هو الوظيفة الأولى التي يجب على مخطط المدينة أن يركز اهتمامه عليها أي عليه أن يُفكّر في إسكان الناس في مدينة جديدة حيث يجب إنشاء العلاقات بين مساحات الحياة اليومية المختلفة بشكل عقلاني على أساس المناطق السكنية. في ظل هذه الظروف، تُنشأ المرافق المجتمعية حول مكان الإقامة، مع إعداد المساحات الخارجية للألعاب أو الرياضة أو الترفيه أو الاسترخاء لسكان المدينة. لذلك، يجب أن ترتبط هذه المدينة الحديثة بخطة عمرانية جديدة.
قد يهمّك أيضًا، الاطلاع على المهندس حسن رجب: الذكاء الاصطناعي أداة مكملة للخيال الإنساني
بالنسبة لـ"لوكوربوزييه"، المشكلة الرئيسة التي يجب أن يحلها التخطيط الحضري الحديث هي الوصول إلى مراكز المدن التي تتضخم وتنتشر. تحسين الإسكان من خلال إنشاء مدن الحدائق على مشارف المدن يترك مسألة مراكز المدن دون حل، لأن السكان الذين يقيمون خارج المراكز الحضرية سوف يضطرون إلى العودة إلى هناك كل يوم. وبالتالي فإن مشكلة المرور والنقل تنشأ في نفس الوقت. قادته الملاحظات المذكورة إلى صياغة أسس تخطيط المدن الحديثة على أربع فرضيات:
- تخفيف الازدحام في مراكز المدن للتعامل مع متطلبات حركة المرور.
- زيادة كثافة مراكز المدن لتحقيق الاتصال الذي تتطلبه الأعمال.
- زيادة وسائل النقل، أي تعديل التصميم الحالي للشارع بشكل كامل والذي يتبين أنه غير فعال في مواجهة الظاهرة الجديدة لوسائل النقل الحديثة: المترو أو السيارات والترام والطائرات.
- زيادة المساحات المزروعة، هي الطريقة الوحيدة لضمان النظافة الكافية والهدوء اللازم للعمل اليقظ الذي تتطلبه وتيرة الأعمال الجديدة.
نموذجان من المدن بحسب لو كوربوزييه
- "المدينة المُشعة": فكرة لو كوربوزييه عن المدينة في عشرينيات القرن الماضي، هي إنشاء أبنية عمودية تضم في أسطحها رياض أطفال وملاعب، مع إطلالات للوحدات السكنية على المساحات المفتوحة المشتركة بين الناس للاستمتاع بها، مع تخصيص طرق للمشاة وراكبي الدراجات والسائقين ومستخدمي وسائل النقل العام والعزل عن المناطق الصناعية.
- "المدينة القطرية": المدينة القطرية التي تظهر في شكل صفوف عالية من العمارات الشاهقة المتعرجة والهدف منها هو تخفيف تكتل السكان في مركز المدينة وتعويضه بزيادة الحدائق والمساحات المفتوحة وزيادة وسائل النقل والمواصلات المختلفة، وقد لقيت هذه الفكرة التطبيق في كل من الجزائر واستوكهولم.
قد يهمّك أيضًا، الاطلاع على «المعمارية الأعظم» زها حديد | مجلة سيدتي