النّرجسيّ والنّرجسيّة وكلمات أخرى بدأت أسمعها كثيراً، كما لاحظت أنّ بعض الأشخاص يحب كلمة نرجسيّة أو فلاناً نرجسيّاً، أو يصف شخصاً ما بأنّه نرجسيّ. إنّ النّرجسيّ ليس لقباً يلقّب به المرء، إنّما النّرجسيّ هو وصف لسلوك؛ أي نَصِفُ سلوك الشّخص بأنّه نرجسيّ. وللعلم، فإنّ النّاس بشكل عام ذوو سلوك نرجسيّ؛ إذ يحبّ المرء أن تتسلّط الأنظار عليه دون الآخرين، كما يحبّ أن يكون مميّزاً ويحبّ الخير لنفسه بشكل كبير، وكلّ إنسان في داخله هذا الشّعور، ولكنّ ضبط النّفس الّذي في داخله يجعله متوازناً، ويحوّل سلوكه النّرجسيّ إلى سلوك آخر، كما يبدّل الأنانيّة بمحبّة الآخرين وحبّ الخير لهم، وأن يكون شخصاً معطاء محسناً، فما جزاء الإحسان إلّا الإحسان.
ولكنّ النّقطة المهمّة هي أن يتخلّص الإنسان من السّلوك النّرجسيّ؛ لأنّه سلوك يتضمّن القساوة والجبروت، كما أنّ البعض لا يعلم أنّ سلوكه نرجسيّ، وهنا وجب على من حوله أن يدفعوه إلى التّغيير بطريقة لطيفة، فقد لا يكون جاهزاً لهذا التّغيير لاعتقاده أنّ سلوكه صحي، وأنّ أفكاره رائعة مقارنة بأفكار غيره، علماً أنّه شخص مبالغ؛ إذ نراه يبالغ بإنجازاته في حين يقلّل من إنجازات الآخرين، ليتطوّر الأمر لديه ويصاب بهوس العظمة، وهنا يحتاج إلى تدخّل أخصائيّين لمعالجته؛ ذلك أنّنا نرى البعض يظنّ أنّه مميّز عن غيره بالذّكاء والقوّة والتّأثير الخارق، أو أنّ جماله فاق جمال البشريّة؛ ما يجعله لا يقبل بمستوياتٍ أقلّ من المستوى الذي يمتلكه، وأنّه فريد بما يمتلكه ومخصّص له فقط دون غيره، ونراه يفتقر إلى التّعاطف؛ ما يجعل الحسد يتملّك قلبه، وينقلب بدوره إلى تكبّر وتعجرف، وهنا وجب تقديم العلاج المناسب بحسب الحالة الموجودة.
نستنتج ممّا سبق أنّ الشّخص ليس نرجسيّاً، إنّما سلوكه هو الذي يتّصف بالنّرجسيّة، وهو شخص طبيعيّ ينبغي مساعدته للتّخلّص من هذا السّلوك واستبداله بسلوك سويّ مناسب.