رائدة الفن السابع

الدكتورة مايا الهواري
د. مايا الهواري
د. مايا الهواري

تعدّدَت أنواعُ الفنونِ السِّينمائِيَّة مِن إِخراجٍ وتمثيلٍ وكتابة وإنتاج، وهناكَ أنواعٌ أُخرى من الفنّ السّينمائِيِّ، مِنها مَا هُوَ أقربُ للمسرحِ، ويشملُ أفلامَ الحركةِ والدّراما وغيرها من الأفلامِ الّتي تصوِّرُ أحداثاً خياليَّة، أو تُعيدُ أحداثاً حصلت بالفعل في الماضي، تعيدها عن طريقِ التَّقليدِ بِأَشخاص مختلفين وَظُروفٍ مصطنعة، ومع حاجة السّينما لتصوير الحياة بشكل طبيعيّ كان لا بُدَّ من دُخولِ المرأةِ عالمَ السِّينما والفَنِّ، وقد شغلت أدواراً متعدّدة منها المُخرِجُ، المُصوّر السّينمائيّ، الكاتبُ والمنتجُ، مع معالجةِ قِصَصِ المرأةِ وتنميةِ الشّخصيّةِ من خِلَالِ النُّصوصِ السِّينمائيَّةِ، وَمِن أبرَزِ النِّسَاءِ اللَّواتِي وَصَلنَ لِلعَالَمِيَّةِ والّتي تُعدُّ أوّل امرأة مِصْرِيَّةٍ فِي عَالَمِ السِّينما، الممثِّلَةُ (عزيزة أمير)، وقد لقَّبها النُّقَّاد بِأُمِّ السِّينما المصرِيَّة، لِأنَّها أوّلُ امرأةٍ منتِجةٍ ومخرجةٍ وممثّلة عرفتها السّينما المصريّة، وكان أوّلُ إنتاجها الفيلم الصّامت (ليلى) عام 1927 م، والّذي تمَّ تصنيفه كأوَّلِ فيلمٍ طويلٍ صامت بإنتاجٍ مصريّ.

كانت عزيزة أمير من مواليد الاسكندريّة 1901م، حيث دخلتِ الفنَّ منذ نعومة أظفارِها من خلال فرقة (رمسيس) مع يوسف وهبي، الّذي قدّمها في مسرحيّات عدّة مثل (الجاه المُزّيَّف) و(أولاد الذّوات) وغيرهما، وكانت تتقاضى أعلى الأجور حينها.

كان لها دور كبير في الفنّ المصريّ الّذي لم يقتصر على التّمثيل فقط، بل انطلقت لّأوّل فيلم روائيّ طويل عام 1926م واسمه (نداءُ اللّه)، والّذي كان من بطولتها مع أحمد جلال، ومن إعداد وإخراج (استيفان روستي)، بعد ذلك تابعت عزيزة أمير مسيرتها وخاضت تجربتها في التّأليف، حيث قدّمت ستّة عشر فيلماً من كتابتها، أوّلها فيلم (بنت النّيل) عام 1929م.

لقد أبدعت هذه المرأة المصريّة والممثّلة الموهوبة، حيث خاضت غمار التّمثيل ونجحت بكلّ جدارة، ولعبت أدوار البطولة في أكثر من عشرين فيلماً، كفيلم (ليلى، قسمة ونصيب، بائعة التّفّاح)، وغير ذلك.

إنَّ امتلاك عزيزة أمير للمهارات الفنّيّة واجتهادها في عملها وكذلك امتلاكها لمهارات الذّكاء العاطفيّ من خلال الفطرة - إذ لم يكن هذا العلم معروفاً آنذاك - وبفضل ذلك كله وصلت أخبارها لأصقاع الأرض، وذاعَ صيتها بشكلٍ كبير، حيث تمّ تكريمها كرائدةٍ للسّينما لمصريَّةِ والعربيَّة عام 1936م خلال المؤتمرِ الأوَّلِ للسِّينما، وألقت فيه كلمةً قالت فيها: (يكفيني فخراً يا حضرات أنّ صناعة السّينما تقدّمت هذا التّقدّم الكبير، وأن أكون أنا الفدية والقُربان)، مطالبةً بالمزيد من الاهتمام بصناعة السّينما.

نستنتج ممّا سَبَقَ أنَّ دور المرأةٍ كان كبيراً في عالَمِ الفنِّ والسّينما، إذ لم يقتصر دورُها على كونها أمَّاً وربَّةً منزلٍ، بل دخلت العالميَّةَ بكلِّ مجالاتِهَا، وأصبَحت أمَّ السِّينما، ما يُؤَكِّدُ على أنَّ المرأة أثبتت وجودَها على جميعِ الأصعدةِ، فالمرأة تشكّلُ نصفَ المجتمعِ وتلدُ النِّصفَ الآخَرَ، ولذلك فهيَ المجتمعُ بأكمله.