خلق الله تعالى الإنسانَ، واستخلفَه في هذه الأرضِ ليعمِّرها بالخيراتِ، ومن واجبه أن يكون شخصاً مؤثِّراً بشكلٍ إيجابي غير سلبي، حتَّى يُعمِّرَ الأرضَ بالخيرِ، فيسودُ النَّقاءُ بين أرجائها، من ثمّ يغادرها تاركاً أثره الإيجابي على أرضها، وفي نفوسِ أبنائها وسكَّانها، مبتعداً عن السَّلبيَّةِ، لأنَّ الجانبَ السَّلبي لا يمكنُ عدُّه أثراً، بل التخريبُ دائماً، هو ما يُقرنُ بالسَّلبيَّةِ، أمَّا الأثرُ، فهو كلُّ شيءٍ إيجابي، ويكون دافعاً لما هو جميلٌ وجيِّدٌ، فالشَّخصُ المؤثِّرٌ، هو الذي يقودُ أهله ومجتمعه نحو الصَّلاحِ والتَّقوى، وإلى برِّ الأمانِ، بحيث يبني مجتمعاتٍ وأوطاناً سويَّةً صالحةً، ويُغيِّر سلوكياتِ البشرِ نحو كلِّ ما هو جيِّدٌ ومفيدٌ.
والشَّخصُ الإيجابي، هو الذي تتَّبعُ النَّاسُ أفكارَه الحسنةَ، ويُدركُ معنى المسؤوليَّةِ، ويعرفُ واجباتِه وحقوقَه، ونراهُ ملتزماً تجاه أهله وعائلته وأسرته، التي سيبنيها مستقبلاً، خاصَّةً أطفاله، فهم بذرةُ وثمرةُ هذه الأوطانِ، لأنَّ الأسرةَ نواةُ المجتمعِ، ويكون الاعتمادُ عليها، لا سيما الآباءُ، لإنشاءِ جيلٍ واعٍ، وهنا يكمنُ واجبُ الأبِ والأمِّ بتأمينِ وتوفيرِ كلِّ سبلِ ووسائلِ الراحةِ، لينشؤوا نشأةً سليمةً، ويأخذوا بالتالي دورهم الإيجابي في الحياةِ مثل آبائهم، ويكون لهم الدورُ الفاعلُ والبنَّاءُ في الحياةِ، فالتربيةُ السَّليمةُ السَّويةُ، تترسَّخُ بزرعِ الأفكارِ الحسنةِ داخلهم، وتأمينِ الحياةِ الكريمةِ لهم، فالطفلُ كما تزرعُ داخله، سيزرعُ داخل أطفاله، لأنَّ كلَّ إناءٍ بما فيه ينضح، لذا فإنَّ الأطفالَ، يُكملون مسيرةَ آبائِهم.
كذلك يجبُ على الآباءِ ألَّا يكونوا أنانيين في حياتهم، همُّهم أنفسهم، لأنَّ الحياةَ أعمقُ مما نتخيَّلُ، فالمشكلاتُ والأحزانُ والصُّعوباتُ التي يعيشها المرءُ، لا يحبُ أن تقفَ في طريقِ بناءِ الأسرةِ بناءً صحيحاً، فهذه قشورُ الحياةِ، ولا تعبِّرُ عن جوهرها.
مما سبق نستنتجُ أنَّ الحياةَ عبارةٌ عن مزيجٍ من الأشياءِ المختلفةِ والمتماثلةِ، الجيِّدةِ والسَّيئةِ، كذلك هي طاقةٌ من الأثرِ الإيجابي الذي يجبُ استثماره بشكلٍ كبيرٍ، واتِّباعُ كلِّ ما من شأنه أن يسهمَ في بناءِ مجتمعٍ مزدهرٍ راقٍ ومتطوِّرٍ.