هذا ما جناه أبي
سيدتي قصتي تسبب لي صراعًا نفسيًّا! عمري 23 عامًا، وجدت نفسي في أسرة مكونة من أمّ وأختين وأب تزوج على أمي وعمري سنة، يأتي إلينا كل عام شهرًا ويقيم في دولة عربية أخرى، كنت في صغري أجد أمي هي الأم والأب، لم أحس أبدًا نحو أبي بنفس الإحساس الذي أحسه تجاه أمي، علمًا بأنه لم يقصِّر معنا من ناحية المصاريف، فهو ملتزم جدًّا، ولكن ليس المال كل شيء، أبي تزوج عليها لأنها لم تنجب ولدًا، بعد زواجه أنجب أربعة أولاد وبنتًا من الزوجة الثانية، أحيانًا أرى صديقاتي يحكين لي ماذا فعلن مع آبائهن فأتأثر؛ لأني لم أعرف شيئًا عن أبي سوى ذلك الشهر من السنة، حين احتجت له في أصعب المواقف لم أجده، كل هذا جعلني أكره شيئًا اسمه رجال، لكن الحمد لله كبرنا ودخلنا الجامعات وتخصصنا في أحسن التخصصات بفضل أمي التي علَّمتنا جيدًّا.
عندما كنت في السنة الثانية في الجامعة تعرفت على مهندس يكبرني بثماني سنوات، وجدت فيه فتى أحلامي، مع أني كنت أخاف جدًّا من الرجال، كنا أصدقاء لمدة سنة، وكان دائمًا يلمح بشيء ما، لكني كنت أقول لنفسي «لا تتوهمي» حتى لا أُصدم، لكنه جاءني يومًا، وقال إنه يحبني، لم أصدق وطرت فرحًا، وقلت له إني أبادله نفس الإحساس، وعُدنا إلى منازلنا، لم يتصل بي فاستغربت جدًّا، وقلت سأصبر، ومرت 3 أيام ولم يتصل، فأرسلت له «ماسج» فاتصل بي بعدها.
وكانت أعذاره غريبة، وهو لا يتصل دائمًا ولا يقابلني في الجامعة إلا أيامًا قليلة متفرقة، إلى أن جاء يوم من المفترض أن نتقابل، ولكنه لم يأتِ، وقال إن هناك ظرفًا ما، ومن ذلك اليوم لم أره، وكل هذا في فترة لم تتجاوز الشهر بعد اعترافه بالحب، استغربت كثيرًا، ومرَّ شهر ولم يتصل بي، بعدها أرسلت له «ماسج»، وقلت له: لماذا تلعب بمشاعري؟ فلم يرد، وبعدها عشت حالة نفسية أثَّرت على صحتي ومستواي في الجامعة، كنت دائمًا اسأل نفسي: لماذا تركني هكذا؟! هل بي عيب يا ترى؟!بالرغم من أني جميلة ومميزة جدًّا في الجامعة والكل يحبني والحمد لله.. بعد فترة بسيطة سمعت أنه تم عقد قرانه، فتأكد لي أنه لعب بمشاعري بعد أن تعلقت به وأحببته.. عاد بعد سنة وأرسل لي رسالة يقول لي إنه يريد العفو مني وإن ضميره يؤنبه، وكان في كل عيد يرسل لي رسالة ويطلب مني أن نعود أصدقاء ولكنني رفضت. مرت السنوات، ولكن مازلت أخاف من صنف الرجال وأراهم كلهم مثل أبي وهذا الشاب، أنا الآن تخرجت في الجامعة، ومنذ فترة تعرفت على شاب في الإنترنت اتضح أنه زميلي في الدراسة كنت أراه من بعيد أيام الجامعة، وقال إني سلمت عليه في مرة ما، وإن أرواحنا تلاقت وهو معجب بي من أيام الجامعة ولكن لم تتح الفرصة، وكان قدرنا أن نلتقي في الإنترنت صدفة، وقال إنه يريد أن يرتبط بي، فهو شاب خلوق متعلم من أسرة مقتدرة، ولكن لم يجد عملاً إلى الآن، المشكلة أن هناك شبحًا يلاحقني أن القدر جمعنا في الإنترنت، وهناك مفهوم أن الزواج يحصل دائمًا كما تعوَّدنا بطرقنا الروتينية؛ بأن يكون من الأقارب أو من جيران لنا، أما فكرة أننا التقينا في الإنترنت فلا يقبلها مجتمعنا.. أنا خائفة جدًّا أن يكون مثل كل الرجال.. أرجوك دلّيني.
الخائفة م. م
عزيزتي أنا من الناس الذين يؤمنون بأن الحياة رحلة تعلُّم، وفيها يتعلم الإنسان من اختياراته، ولذلك أنصحك بعدم خلط الأوراق حتى لا تتبني اختيارات غير سليمة، لقد اختار والدك أن يتزوج بأخرى لكي ينجب الأطفال الذكور، ونسي أن الله يهب لمن يشاء الذكور، ويهب لمن يشاء الإناث، واختار أن يعيش في دولة أخرى منعًا للمشاكل التي تترتب على بناء أسرتين في مكان واحد، ورغم أنه لم يقصر في حقوقكم المادية نسي شرط العدل بين الزوجات، ولكن هذه قضية تتعلق بوالديك لا بكِ، ونحن لا نعلم هل طالبته أمك بالزيارة والمبيت باسم العدل، أم أنها ارتضت بما صار بينهما نظير إنفاقه عليكنّ؟ فالمشكلة الفعلية هي بالفعل مشكلة هذين الزوجين وإغفالهما حقوق الأبناء الذين يبتعد عنهم الأب، والعجيب أن المادة مازالت تعمي آلاف الأزواج عن احتياج أبنائهم لسلطة أبوية متصلة، فنرى الآباء يغتربون تاركين الزوجات والأبناء في بلد لكي يعملوا في بلد آخر بأجر أكبر، ولذلك فإن والدك ربما توهم أن إنفاقه عليكنّ يعفيه من المسؤولية تمامًا كما يفعل الآباء الذين يغتربون بعيدًا عن الأبناء والزوجات من أجل الأجر المادي. ما علينا.. المهم هو أن خوفك من الرجال بسبب سلوك الوالد لم يكن قائمًا على أساس عقلاني، ولكنه أثّر على نفسيتك وأدى إلى ترسيخ العقدة في نفسك بعد فشل تجربة الحب الأولى، وهنا أذكرك بأن العيب لم يكن فيكِ، ولكن في شخصية الشاب الذي لم يجد في نفسه الشجاعة ليخبرك بأنه صرف النظر عن الحب وقرر الزواج بأخرى، ثم عاد بعد عام ليطارحك الود، ناسيًا حق زوجته عليه، ولذلك بدلاً من الإحساس بالأسى، عليك أن تشعري بأن الله أنقذك من وغد ضعيف، افرحي بالنجاة وافرحي لأنك رفضت صداقته حين اقترحها؛ لأن رفضك دليل على أنك اكتسبت قدرًا من الحكمة من جراء تلك التجربة. الموقف الحالي يجب ألا يُشعرك بالخوف، وأنت تعرفين أنني لا أحبذ العلاقات التي تبدأ وتستمر على الإنترنت؛ لأنها تفتقر إلى الواقعية الضرورية لعلاقات مكتملة وسوية، ولكن هذا الشاب كان زميلاً لك في الجامعة، أي أنك تعرفينه ولو معرفة بسيطة، وإن لم يكن قد حصل على عمل فلا داعي للعجلة إلى أن تستقر أموره، ونصيحتي لكِ هي أن تُخبريه بأن الزواج هو غايتك، وبأنك تتمنين له الاستقرار والنجاح الوظيفي، وحين يكون مستعدًا للارتباط ستكونين متجاوبة معه بالأسلوب المقبول اجتماعيًّا، قلت إنك قلِقة من ردود الأفعال الاجتماعية التي تحبذ الارتباط التقليدي عن طريق الأسرة والجيران، وأذكرك بأن العنصر الإيجابي هنا هو أنه زاملك في الجامعة، وهذا يحدث كثيرًا حين يتقدم زميل للارتباط بزميلة أعجب بها أثناء الدراسة، ولذلك استبشري خيرًا وتفاءلي، وتأكدي أن العالم مليء برجال أكفاء ذوي مبدأ ومروءة واحتياج للود والاستقرار، مثلك تمامًا، المهم هو التصرف بعقل وعدم الاستسلام لفانتازيا المطارحات على الفضاء الإلكتروني بغية المتعة والإثارة، تمسكي بعفافك يرعاكِ ربك.
دقة قلب
سيدتي أنا فتاه أبلغ من العمر23 عامًا، أعيش مع أسرتي في بلد عربي، مشكلتي أني عندما ذهبت لدراسة الجامعة في أحد البلدان العربية تعرفت على شاب يكبرني بخمس سنوات، أحببته وأحبني، واتفقنا على الزواج، وبالفعل تقدم لخطبتي، ولكن أبي رفضه لأنه ليس من أهلنا، تابعت دراستي على أمل أن يوافق، واستمرت علاقتي مع هذا الشاب لمدة أربع سنوات، والآن أنا أكملت دراستي وهو تقدم لخطبتي مرة أخرى، ولكن للأسف أيضًا قوبل بالرفض من والدي، حاولت أن أتناقش مع أمي وأبي، ولكنهما رفضا سماعي، وقالا إنه لا مجال للنقاش في الموضوع، المشكلة أني أحبه جدًّا ولا أعرف ماذا أفعل.. أرجو نصيحتي.
عزيزتي لا يسعني إلا التخمين واقتراح حل أبنيه على افتراضات، افترضت أنك من دولة عربية محافظة لا تقبل بزواج البنات من غير أبناء الوطن، وليس رفض الآباء يهدف إلى إتعاس البنات، ولكنه رفض مبنيّ على الخوف من القوانين الوضعية، إذا ما وقع خلاف بين الزوجين، ونشأ صراع على حضانة الأبناء، ولذلك يفضّل الأهل أن تتزوج البنت من أحد أبناء وطنها، وهناك عنصر آخر يجب أن تأخذيه أنت والشاب المذكور في الاعتبار، لقد انتهت الفترة الدراسية، وأصبح كل منكما مطالبًا بالرجوع إلى وطنه والحياة التي ألفها قبل الالتحاق بالجامعة والعادات والتقاليد الاجتماعية التي نشأ عليها، وهذه مرحلة اختبار ضرورية جدًّا لإعادة تقييم الموقف، ربما اكتشفتِ بعد رجوعك إلى وطنك أنك افتقدت الكثير من صيغ التعامل مع الآخرين والتفاعل مع الأقارب والأهل والأصدقاء، بحيث إن زواجك بشخص من بلد آخر كان سيحرمك من تلك المتع الصغيرة، ويفرض عليك تضحيات لا يشعر بها القرين، والوضع بالنسبة له يماثل وضعك أيضًا، وبعد فترة تكيف يكتشف كل منكما أن فترة التآلف أثناء الدراسة كانت ثمينة، وأنها أثرت على كل منكما نفسيًّا وعاطفيًّا، ولكنها أفسحت الطريق إلى مرحلة أخرى أكثر استقرارًا ونضوجًا. من حق كل منكما أن يعيش تلك الفترة الانتقالية، وإذا استمر إصرار كل منكما على الاقتران بالآخر فمن حق أهلك أن يقدم لهم ضمانات كافية، وأولها أن يحصل على عمل في بلدك، وأن تتفقا على كافة الشروط المرضية لوالديك في عقد الزواج. تأكدي أنني أقدّر إحساسك القوي بالظلم في الوقت الحالي، ولكن بما أنك طلبتِ نصيحتي فتقتضي الأمانة أن أكون صادقة معك، إن الحب وحده لا يكفي لبناء قاعدة سليمة لزواج قوي، إن لم تتوفر كافة الشروط الاجتماعية والمادية إلى جانب العنصر العاطفي، اهتز بناء الزواج وتهاوى تدريجيًّا.
شطط أمي يعذبني
السيدة الفاضلة فوزية سلامة..
لأول مرة في حياتي أكتب أو أتحدث عن مشكلتي، قرأت موضوعك عن عقوق الوالدين، وأعلم أن الله أوصى الإنسان بمصاحبتهما في الدنيا بالمعروف، حتى لو جاهداه على معصيته، ولكنني مررت بتجربة مريرة مع أمي؛ أمي كانت مثالاً للأم السيئة في كل شيء، ولن أقول أكثر من هذا، عشت حياتي وأنا أخاف من كل شيء، أخاف من تعليقات الناس على سلوكها، وإهمالها لبيتها ولأولادها، فجعلت على «اللي يسوى واللي ما يسوى» يتكلم علينا.
لقد كبرت وتزوجت، وأحاول أن أكون أمًّا أفضل منها، وأسامحها، ولكني كلما أتذكر ما حلّ بنا ولا يزال بسببها أشتاط غضبًا منها، ويملأ الحقد قلبي عليها، ورغم مرور خمس سنوات على زواجي إلا أني ما زلت أتذكر الإهانات ونظرات الناس وتهامسهم علينا، وكلما أرى ما ألمّ بي من أمراض مثل: أمراض المعدة، وفقدان التركيز، والنسيان، والانطواء والعزلة، بسبب خوفي من سماع كلام لا يعجبني، أدعو لها دائمًا بالهداية، ولكن ماذا أفعل لأغفر لها؟ حاولت مرارًا تبرير تصرفاتها بالجهل، ولكنها امرأة ذكية، وليست غبية، عشنا معًا في حالة عداء رغم أنني ابنتها الوحيدة، والآن أنا خائفة على أخي الوحيد، رغم أنه الآن كبير إلا أنه أيضًا عاش المعاناة.. ساعديني أرجوكِ.
سعاد. ص
عزيزتي أعتقد أن المشكلة تتعلق بوالدك أكثر مما تحبين الاعتراف به، يا ابنتي الزوج راع، وكل راع مسؤول عن رعيته، وإذا كان ما ورد في رسالتك عن شطط أمك صادقًا وكان ظاهرًا لك وأنت طفلة، فلابد أنه حدث بعلم كامل من والدك، الذي سمع ورأى ولم يتحرك لتصحيح الوضع وتقويم سلوك زوجته.
حين كتبت عن وجوب الإحسان للوالدين كنت أتحدث عن الوالد الذي يعرف حدود الله، والذي تعامل مع الدنيا بضمير سليم وسريرة نقية، وأنا وإن كنت أتفهم امتعاضك مما جرى أذكِّرك بأنك لم تعودي تلك الطفلة التي لا حول لها ولا قوة، وأن تعاملك مع تلك الأم لا يفرض عليك أن تعاقبيها؛ لأن حسابها عند ربها، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
صاحبي أمك معروفًا في حدود البر، واشكري نعمة الله عليك أنك خرجتِ من تلك المرحلة إلى مرحلة فيها الكثير من النعمة، لا تفسدي الحاضر بالتشبث بالماضي، كوني أمًّا صالحة، وزوجة محبة، وسوف يجزيك الله خيرًا، اطلبي لأمك المغفرة والتوبة، واطلبي من ربك أن يفرج همك، ويشرح صدرك، وإن سنحت لك فرصة زيِّني لأمك الصلاة والاستغفار وحج البيت، إن الله يغفر الذنوب جميعًا إلا الشرك به، وباب التوبة مفتوح للجميع.