مقولة البلاء موكّل بالمنطق، أو القدر موكّل بالمنطق تعني ألّا ينطق المرء بما يكره حتّى لا يتحقق ما نطق به، فالإنسان يتكلّم بالكلمة فيصيبه وفق ما تكلّم به، لذا لا بدّ من اختيار الإنسان لكلماته وعدم النّطق بالسّوء والبلاء، وهذا لا يعني أنّ كلّ ما ينطق به الإنسان من سوء سيتحقّق، ولكنّ الغاية من عدم ذكره لكلمات السّوء ألّا يفتح باباً من التّشاؤم والسّلبيّة، بل يكون حديثه مجلبةً للخير والفرح والتّفاؤل، وأن ينتقي أجمل الكلمات، فالمسلم لا ينطق إلّا جميلاً ولا يتكلّم إلّا حسناً، كما تتّصف عباراته بالعبارات الطّيّبة.
هذا دافع للإنسان أن يدعو بالخير، خاصّة أنّ الدّعاء يّستجاب من المظلوم أو المكلوم ليُجبر خاطره، ما يحثّه على الإلحاح والإكثار من الدّعاء ليحقّق ما يريده بإذن الله، ومن ناحية أخرى قد يتلفّظ الإنسان بملافظ معيّنة موجّهة للآخرين، كأن يصف أحدهم بكلمة سيّئة أو صفة سلبيّة ويظلّ يكرّرها على مسمعه كثيراً، وخاصّة الأطفال ككلمة غبيّ مثلاً، وبعد فترة من الزّمن مع تكرار هذا اللّفظ سنجد هذا الطّفل قد اكتسب هذه الصّفة وأصبحت جزءاً من شخصيّته، كما افتقد القدرات المحفّزة والذّكاء وافتقر كذلك للعطاء بسبب وصمه بتلك الصّفة الّتي شكّلت كيانه، والعكس صحيح عندما يُقال للإنسان كلمات محفّزة إيجابيّة مثل كلمة ذكي، ويتمّ تكرارها على مسمعه فإنّه يشعر بالنّشوة والسّعادة والتّحفيز والقدرة على العطاء.
من هنا ينبغي على الإنسان أن يعوّد لسانه على ذكر الخير والكلام الموزون الحسن الباعث للتّفاؤل، بعيداً عن عناصر التّشاؤم، وقد قال رسول الله: (تفاءلوا بالخير تجدوه)، لأنّ من يتفاءل خيراً سيصيبه خير بإذن الله، فلنهتدي بهديه عليه الصّلاة والسّلام، لأنّ الأقدار تُؤخذ من الأفواه، وليدعُ كلُّ إنسان بما يتمنّى حدوثه، كالنّجاح وتحقيق الآمال ليلهمه الله الدّعاء لما يحبّ ويريد، قال تعالى: (ادعوني أستجب لكم)، فالدّعاء يحتمل أمرين، سلبيّ وإيجابيّ، فليستثمر الإيجابيّ بشكلٍ سليم.