المبدأ العام الّذي أمر به الإسلام هو المساواة بين الولد والبنت في كل شيء، من حيث الحقوق والواجبات وأمور عدّة، كما ميّز بينهما بنواحٍ أخرى وفقاً للطّبيعة البيولوجيّة لكلّ منهما، فالبنات يبدأن الكلام والتّحدّث قبل الذّكور، وأكثر اهتماماً منهم بمشاعر الآخرين والتّواصل البصريّ، في حين يميل الذّكور للأنشطة الحركيّة واللّعب والسّلوكيّات الجسديّة العدوانيّة والعنيفة كالضّرب والصّراخ إلخ.
إنّ تربية كلّ من الجنسين أمر في غاية الأهميّة، ويتطلّب معرفة كبيرة بالنّواحي التّربويّة، إذ يجب تعليم كلّ منهما القيم الأخلاقيّة، وزرع الرّحمة في قلوبهم، مع الثّقة بالنّفس والاحترام للجميع، وغيرها من القيم المتعارف عليها في المجتمعات، على أن يكون العقاب نفسه من دون تمييز، لأنّ بعض المجتمعات مازالت تقوم على المقارنة بين تربية الولد وتربية البنت، فنراهم يعطون الولد الحرّيّة الكاملة بالخروج من المنزل والعودة متأخراً إليه، أو الذّهاب مع أصدقائه أينما رغبَ بذريعة أنّه ولد ويستطيع فعل أيّ شيء ولا حرج في ذلك، وبالمقابل نجد التّربية الصّارمة نصيب البنت، لا خروج، لا دخول، لا ذهاب، ولا حركة إلّا داخل المنزل وأن فعل ذلك عيبٌ، والتّدقيق الشّديد على تصرّفاتها، علماً أنّه في بعض الأحيان إعطاء الحرّيّة المطلقة للولد تقوده لأفعال لا تُحمد عقباها، كمصاحبة رفاق السّوء وتعلّم التّدخين أو تعاطي المخدّرات، وهذا التّغاضي يقوده لأعمالٍ غير مشروعة أكبر وأسوأ منتهياً به المطاف بين جدران السّجن، وفي الجهة المقابلة نجد التّدقيق الزّائد والمبالغ فيه على الفتاة سيجعلها منطوية اجتماعيّاً لا تملك الثّقة بنفسها، إضافة لشخصيّتها الضّعيفة المهزوزة، وأنّها لا تنفع لعملِ شيء كما الولد وأنّ نهايتها الزّواج. هذا التّمييز في التّربية والمقارنة سيولّد الأنانيّة والغيرة والحقد، وعلى الوالدين عدم الإشارة لتفوّق أحد الأخوة على الآخرين، من حيث نواحي الحياة جميعها، على أن يتمّ تطبيق أساليب تربية متطوّرة وممنهجة للأبناء، والعمل على نزع فكرة أنّ البنت مصيرها الزّواج بينما الولد هو من يخرج للحياة والعمل لتكوين أسرة والإنفاق عليها، هذا التّفريق أحد أهم العوامل الّتي تؤدّي لتفكّك الأسرة، وبالتّالي إنشاء جيل فاقد المودّة والرّحمة.
لذا هذه دعوة لكلّ الآباء أن يسهموا في بناء مجتمع سليم، من خلال منح أبنائهم الحبّ والرّعاية والاهتمام المتعادل، وأن يحظى كلّ من الولد والبنت بطريقة تفكير صحيحة تسهم في إخراج جيل مثقّف، متعلّم، واثق من نفسه، لا يتسلّل إلى داخله عقدة النّقص، إنّما زَرع بذور الحبّ والإيجابيّة لتنمو معهم صانعةً شخصيّات مستقبليّة مستقلّة قويّة تمثّل عماد المجتمع وازدهاره.