يعدّ الخوف من عدم المعرفة أو فوات الأشياء حالة مقلقة تزداد انتشاراً، وتؤثر سلباً في الحياة الطبيعية لدى الأفراد بشكل ملحوظ. وتسمى هذه الحالة "Fomo"؛ الخوف من أن يفوت الشخص شيء يحدث من حوله، وخاصة على شبكات التواصل.
فالخوف من عدم معرفة كل الأحداث تجعل المرء مدمناً على مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية لمشاهدة ما يعيشه الآخرون من فرح ورحلات واحتفالات؛ ما يؤدي إلى الحزن الشديد عند الاحتفال وعدم دعوتهم إلى هذه المناسبات، والشعور بالقلق والكآبة، فينعكس سلباً على الصحة الجسدية والنفسية.
يصبح الفرد سجين نفسه؛ ذلك لأنه يخشى أن تفوته رحلة أو أي حدث عظيم يمر من دون أن يعلم به، وفي هذه الحالة يتصفّح الشخص هاتفه بشراهة عبر منصات التواصل، ويمرّ الوقت بمراقبة أحداث ومناسبات الآخرين من دون الاستمتاع بحياته، وعدم الاستفادة من الوقت. تعدّ هذه الحالة إدماناً خطيراً تبعد الشخص عن واقعه الطبيعي، وتجرّه إلى عالم افتراضي بعيداً عن تخطيط الأهداف للمستقبل والمثابرة لتحقيقها، فيصدر حالة من التوتر والقلق بأن حياة الآخرين هي أكثر أهمية من حياة الشخص نفسه؛ ذلك لأنهم يستمتعون بتجاربهم الجديدة. وينبع شعور عقدة النقص بسبب مقارنة حياة المرء بحياة الآخرين، والمشكلة الأساسية هي الإفراط في استخدام منصات التواصل، وعدم التحكم في الوقت وفقدان السيطرة على الحياة الشخصية.
ففي علاج الفومو، يجب على المرء الامتنان لكل ما يملكه، عوضاً عن التحسر على ضياع ما لم يقدر للمرء، والبحث عن الذات، والتركيز على الهوايات، والتواصل مع الأشخاص الحقيقيين للمشاركة في الأنشطة المفيدة، بدلاً من الانتقاد ونشر الطاقة السلبية وتحطيم الذات.
والأهم من ذلك، تعلم إدارة الوقت، ليتغلب على كل المصاعب، ويستفيد من وقته من خلال تحقيق الأهداف، ويساعد هذا على عدم المقارنة بين حياة شخص وغيره على مواقع التواصل الاجتماعي التي تضيع عليه الوقت الثمين وتشتت أفكاره.
تعدّ كلمة Jomo اختصاراً لجملة Joy of Missing Out، وفي مرحلة Jomo يسعد الشخص بإلغاء خططه اليومية، والذهاب الى أي مكان يحبه، كالنادي أو اجتماع مع رفاقه، للاستمتاع بأطيب الأوقات.
جومو هو رضا النفس الذي يشعر به المرء في اللحظة التي يعيشها بكل امتنان، ورضا مع القبول ما لا يملكه المرء من حياته الواقعية. ففي حالة جومو من المحتمل أن يكون هناك أشخاص أفضل من الآخرين من ناحية العمل، والأداء، والإنجازات العظيمة في حياتهم. ومن هنا، إذا كان المرء سعيداً بحرمانه شيئاً ما، فسيكون من الأفضل والأسهل العيش وقبول حياته الحالية كالتنزّه مع الرفاق، وقراءة كتاب يستمتع به، وزيارة أماكن جميلة، والاستمتاع بوجبات لذيذة مع الأصدقاء، والتقبل أن المرء لا يمكنه التواجد في مكانين في وقت واحد، والقبول بالواقع كما هو.
من الضروري أن يعلم المرء أنه ليس عليه تجربة كل ما يشاهده عبر منصات التواصل الاجتماعي، فهذا يدل على الوعي الذاتي والتخطيط لأهداف في المستقبل، فالأمر لا يتعلق بما يريد أن يشاهده الآخرون. فعلى المرء أن يكون صادقاً مع نفسه، وأن تكون لديه الثقة الكاملة ليرفض الأشياء التي لا يريد أن يفعلها، أو الأماكن التي يريد زيارتها، فهذا يدل على قوة القدرة على اختيار ما هو مناسب للمرء؛ لأن هناك العديد من الوسائل للاستمتاع بما يملك المرء، فيجب على المرء البحث عن الأفضل في حياته.
وفي الختام، الجومو هو عكس معنى الفومو، فالخوف من فوات الأشياء أو عدم المعرفة يضيع متعة الشعور لدى المرء من السعادة الحقيقية.