الفاصل.. مسافة أمان

مها الأحمد 

 "ضع مسافة أمان بيني وبينك.. آمن بحقي وحقك في أن نحصل على السلام الداخلي"

 لو تمعنا بهذه الجملة سنجد أنها تحذيرية، ولكن كلمة الأمان التي جاءت بها جعلت وقعها ألطف وربما السلام سيجعلنا نتقبلها ونقبلها.  

 هذا النوع من المسافات له قدسية لا يفهمها سوى من اتبع فلسفتها، فهي الواقي الأمثل لعلاقاتنا من الخدوش الطفيفة أو الأكثر عمقاً أو تلك التي لا يزول أثرها مع كل طبقات الزمن ومراهمه.

 مسافة الأمان هي غلاف رقيق مهمته أن يحمي الود الذي بيننا والمشاعر الهانئة التي نعيشها.

 بها تصبح علاقاتنا ذات قيمة لا تجرفها المواقف وردود الأفعال فنقع في دوامة الندم أو الأسف أو حتى التسرع.

للوهلة الأولى قد تتسبب في زعزعة مفاهيمنا للعلاقات قد تجعلنا نعتقد أننا سنستبدل ملامحنا ووجوه من نعرف، وأنها ستحدد أدوارنا وتجعلنا ضيوف شرف، لكنها على العكس فهي ستحافظ على علاقاتنا من التشوه وحدوث أي طفرات أخلاقية بها وستعترف بنا كأبطال حقيقين في حياة الآخرين.

هي لا تعني بأني سأكون مقصراً بحق العلاقة أو ناكراً لها أو متخاذلاً فيها!!

تلك المسافة تعمل على بعض التفاصيل ستُبطل عمل الجزء المسؤول عن إصدار التوقعات كتوقعاتنا تجاه الآخرين التي غالباً لا تتحقق، والتي لا دخل لهم بها ولا بالخذلان الذي سنشعر به، فنحن حينما توقعنا وفكرنا لم نُشركهم بها، لم نسألهم عن رأيهم ولم نأخذ موافقتهم! فكيف لنا أن نعاتبهم ونحملهم هزيمة توقعاتنا؟!

مسافة الأمان ستقف بينا وبين خصوصية الآخرين وستحمي كلانا وتجعلنا سعداء بالعلاقات القديمة أو الجديدة التي سنبينها مع الغير، تلك المسافة ليس لها مقاييس محددة فهي من اللاشيء وحتى لا يشغلها العتب وتسكنها شياطين اللوم عليها ألا تكون مرئية ولا حتى محسوسة.

 أي سنعرف أننا قصرنا مسافة الأمان إن بدأنا نحكم ونحلل ونصدر فرضيات ونقتحم شؤون الشخص الآخر.

 وسنكتشف أننا طولنا المسافة يا عزيزي إن نسينا بعضنا البعض وابتعدنا فأصبح يفصل بيننا مسافة سفر.