mena-gmtdmp

المقارنة‭ ‬تسرق‭ ‬سعادتك

د. سناء الجمل
د‭. ‬سناء‭ ‬الجمل
د‭. ‬سناء‭ ‬الجمل

في‭ ‬عالم‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬الآن،‭ ‬تقع‭ ‬أعيننا‭ ‬دائماً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يملك‭ ‬غيرنا‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الرفاهية‭ ‬والثروة،‭ ‬فلا‭ ‬نشعر‭ ‬بالكفاية‭ ‬أبداً،‭ ‬ولا‭ ‬نقنع‭ ‬ونرضى‭ ‬بما‭ ‬لدينا؛‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬دائماً‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬أغنى‭ ‬منا‭ ‬أو‭ ‬أعلى‭ ‬قدراً‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬معين،‭ ‬وتلك‭ ‬المقارنة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسرق‭ ‬سعادتنا‭ ‬دائماً؛‭ ‬لأننا‭ ‬لا‭ ‬نفرح‭ ‬بما‭ ‬نملكه‭ ‬بل‭ ‬ننظر‭ ‬ونتطلع‭ ‬لما‭ ‬يملكه‭ ‬غيرنا،‭ ‬وتلك‭ ‬المقارنة‭ ‬هي‭ ‬ظلم‭ ‬لأنفسنا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حسداً‭ ‬للآخرين؛‭ ‬لأن‭ ‬انشغالنا‭ ‬بما‭ ‬يملكه‭ ‬غيرنا‭ ‬يصرفنا‭ ‬عن‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بما‭ ‬لدينا‭ ‬ويلهينا‭ ‬عن‭ ‬الكد‭ ‬والاجتهاد‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬النجاح‭ ‬والسعادة‭ ‬التي‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬تحقيقها،‭ ‬فالمقارنة‭ ‬دائماً‭ ‬هي‭ ‬سارق‭ ‬الفرح‭ ‬الأول؛‭ ‬لأنك‭ ‬بعقد‭ ‬المقارنات‭ ‬تقللين‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬نفسك‭ ‬وقيمة‭ ‬ما‭ ‬لديك،‭ ‬فتشعرين‭ ‬دائماً‭ ‬بأنك‭ ‬مازلتِ‭ ‬صغيرة‭ ‬وقليلة‭ ‬القيمة‭ ‬مهما‭ ‬فعلت،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تسعدي‭ ‬بنجاحك‭ ‬تشقين‭ ‬نفسك‭ ‬بالتفكير‭ ‬السلبي‭.‬
والحل‭ ‬هنا‭ ‬ببساطة‭ ‬هو‭ ‬ألا‭ ‬تقارني‭ ‬نفسك‭ ‬أبداً‭ ‬بالآخرين،‭ ‬لا‭ ‬يهم‭ ‬كم‭ ‬أنت‭ ‬عظيمة،‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكوني‭ ‬ممتنة‭ ‬وقانعة‭ ‬بما‭ ‬أنت‭ ‬عليه‭ ‬وما‭ ‬تملكينه،‭ ‬لن‭ ‬تكوني‭ ‬سعيدة‭ ‬أبداً،‭ ‬دائماً‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬شخص‭ ‬لديه‭ ‬مال‭ ‬أكثر‭ ‬منك،‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬دائماً‭ ‬شخص‭ ‬يؤدي‭ ‬عمله‭ ‬ويتقدم‭ ‬فيه‭ ‬أفضل‭ ‬منك،‭ ‬شخص‭ ‬أنحف‭ ‬منك‭ ‬وأجمل‭ ‬منك،‭ ‬فلو‭ ‬بقيت‭ ‬دائماً‭ ‬تقارنين‭ ‬نفسك‭ ‬بغيرك،‭ ‬فستبقين‭ ‬خاسرة‭ ‬على‭ ‬الدوام‭.‬
شيء‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬لن‭ ‬يملكه‭ ‬الآخرون‭ ‬أو‭ ‬يتفوقوا‭ ‬فيه‭ ‬أكثر‭ ‬منك،‭ ‬وهذا‭ ‬الشيء‭ ‬هو‭ "‬أنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬أنت‭" ‬أعظم‭ ‬كنوزك‭ ‬وأهم‭ ‬ما‭ ‬تملكين‭ ‬هو‭ ‬نفسك،‭ ‬أنت‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعك‭ ‬ومميزة،‭ ‬هكذا‭ ‬خلقك‭ ‬الله،‭ ‬شخصية‭ ‬متفردة‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬الآخرين،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬منا‭ ‬بصمة‭ ‬لا‭ ‬تتكرر،‭ ‬فلكل‭ ‬منا‭ ‬شخصية‭ ‬واحدة‭ ‬متميزة‭ ‬وروح‭ ‬واحدة‭ ‬ودور‭ ‬خلقكِ‭ ‬الله‭ ‬لأدائه‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬فكافحي‭ ‬واجتهدي؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيجاد‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬والقيام‭ ‬به،‭ ‬أنت‭ ‬قوية‭ ‬باختلافك‭ ‬عن‭ ‬الآخرين،‭ ‬بحرية‭ ‬الإرادة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الاختيار‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرار،‭ ‬قوية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تفكرين‭ ‬وتبذلين‭ ‬من‭ ‬جهد،‭ ‬أنت‭ ‬حرة‭ ‬أن‭ ‬تكوني‭ ‬كما‭ ‬تريدين،‭ ‬وتلك‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكوني‭ ‬نفسك‭ ‬هي‭ ‬أعظم‭ ‬طريقة‭ ‬للعيش‭.‬
فكلما‭ ‬قللت‭ ‬اهتمامك‭ ‬بما‭ ‬يملكه‭ ‬الآخرون،‭ ‬كنت‭ ‬أكثر‭ ‬سعادة،‭ ‬فالتعاسة‭ ‬والاكتئاب‭ ‬تأتي‭ ‬عندما‭ ‬تركزين‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تملكينه،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬نقدر‭ ‬ما‭ ‬لدينا،‭ ‬ونركز‭ ‬على‭ ‬المكان‭ ‬والمكانة‭ ‬التي‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬بها،‭ ‬يمكننا‭ ‬حينها‭ ‬أن‭ ‬نشعر‭ ‬بتحسن‭ ‬ونقترب‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬السعادة‭.‬
ويجب‭ ‬أن‭ ‬تعلمي‭ ‬أن‭ ‬التقدير‭ ‬والامتنان‭ ‬هو‭ ‬أقوى‭ ‬وسيلة؛‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬التعاسة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬حالة‭ ‬نفسية‭ ‬متدنية،‭ ‬فلا‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تشعري‭ ‬بالامتنان‭ ‬العميق‭ ‬والسلبية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد؛‭ ‬لأنهما‭ ‬شعوران‭ ‬متناقضان‭ ‬ولا‭ ‬يجتمعان‭ ‬معاً‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تكذبين‭ ‬على‭ ‬نفسك،‭ ‬فالسعادة‭ ‬الحقيقية‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬تحبي‭ ‬اختلافك‭ ‬وتميزك‭ ‬وأن‭ ‬تكوني‭ ‬نفسك،‭ ‬ولست‭ ‬نسخة‭ ‬مكررة‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬تحاولين‭ ‬تقليده‭ ‬أو‭ ‬تقارنين‭ ‬نفسك‭ ‬به،‭ ‬فالمقارنة‭ ‬تسرق‭ ‬السعادة‭.‬