برّ الوالدين

الدكتورة مايا الهواري
مايا الهواري  
مايا الهواري  

كما الغيمة محمّلة بالأمطار تروي الأراضي العطشى، فإنّ وجود الوالدين في حياتنا نعمة من الله، تمدّنا بالرّضى والقوّة، وهنا يجب أن نتمسّك بها ولا نضيع دقيقة في برّهما وطاعتهما، فهما مصدر الدّعاء والتّوفيق في مراحل حياتنا جميعها، وقد أوجب علينا الإسلام حُسن معاملتهما والصّدقة عنهما، وفعل كلّ ما من شانه أن يجلب لهما الأجر على حُسن تربيتهما لولدهما، وخاصّة بعد وفاتهما. إنّ برّ الوالدين من صفات الأنبياء والرّسل عليهم السّلام، قال تعالى: (ووصّينا الإنسان بوالديه حملته أمّه وهناً على وهن)، ومن توفيق الله تعالى للإنسان أن يخصّه بالعناية بوالديه دوناً عن غيره من الأخوة، فإن كان الوحيد بينهم يقدّم العناية لهم أو يزيد عليهم بها، خاصّة إن كانت حالتهم الصّحيّة تستدعي رعاية إضافيّة مكثّفة، فهذا فضل كبير من الله أن منّ على هذا الولد وفتح له باب الرّضى والتّوفيق والحسنات، وباب نجاح لا ينتهي، وليعلم أنّ الله لا يكلّف نفساً إلّا وسعها، فهو قادر على تحمّل هذه المسؤوليّة الكبيرة، وإن كان يعتقد نفسه لا يستطيع ذلك.
إنّ برّ الوالدين من أفضل الأعمال الصّالحة، لما لها من الأجر والثّواب العظيم عند الله تعالى، وما تُحدثه من أثرٍ جميلٍ في قلوبهم، كما أنّ برّهما منبعٌ للرّزق المبارك وطول العمر، قال رسول الله: (ثلاث دعواتٍ لا تُرد: دعوة الوالد لولده)، كما يُعدّ البرّ من أنواع الجهاد في سبيل الله لما له من درجة مرموقة، قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله).
كثيراً ما يتذمّر البعض من ثِقل الحِمل على أكتافه، وأنّ باقي إخوته لا يساندونه بعناية والديه، وكأنّه ابنهم الوحيد، بل عليه هنا أن يشكر الله ويحمده أنّه فتح له باباً للجنّة وصندوقاً يخبّئ فيه زاداً لآخرته، يكون له حصناً من النّار، لأنّ رضى الله مقرونٌ برضى الوالدين، قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً)، وهذه دعوة لكلّ إنسانٍ عاقلٍ بالغٍ أن يستثمر كلّ لحظة من لحظات حياته بقربه من والديه، ويدعو الله أن يمدّ بعمرهما، فبرّهما سببٌ في غفران الذّنوب، اللهمّ بارك لنا في أعمار والدينا ومدّهم بالصّحّة والعافية وارحم من هم تحت التّراب.